رغم موقفي اليائس والقانط ومثلي كثير من أبناء الشعوب العربية والإسلامية من جامعة الدول العربية التي ظلت رهينة لمزاج الأنظمة العربية الفاسدة وفي مقدمتها نظام مصر الفرعوني البائد.. ودعوتي أكثر من مرة في مقالات سابقة إلى أهمية إنشاء جامعة الدول الإسلامية ونقل ملفات وقضايا ذات ثقل وأهمية إليها أي الجامعة الإسلامية وفي مقدمة هذه القضايا القضية الفلسطينية قضية المسلمين الأولى وذلك لتعالَج في إطار توصيف مصطلحي جديد وهو الصراع الإسلامي اليهودي.. وليس الصراع الإسرائيلي العربي.. ثم إجراء إصلاحات جوهرية وجذرية في ميثاق وقانون جامعة الدول العربية لتلعب أدواراً إقليمية في محيطها العربي وتكون فرعاً بالتنسيق والتكامل مع جامعة الدول الإسلامية باعتبارها أصلاً والأولى فرعاً منها. وحتى يتم الوعي الشعبي والرسمي بأهمية وجود جامعة الدول الإسلامية وتأتي مبادرة وحركة عملية من قبل الحركات الإسلامية والجماعات الدعوية والهيئات الإسلامية وحركات الصحوة الشبابية والأحزاب الإسلامية في البلاد العربية والإسلامية.. حتى تتكامل هذه الكيانات جميعاً.. فإن شعوب المنطقة العربية خاصة تظل بحاجة داعية إلى المطالبة بإصلاح حال الجامعة العربية الحالية حتى تلبي طموح الشعوب العربية المتطلعة إلى السلام والحرية والتنمية والحكم الراشد القائم على السلام العادل والإصلاح القيمي والحضاري والعقدي وقيم الشورى والتوزيع العادل للثروة وسيادة حكم الدستور الإسلامي رغم هذا كله تراني فرحاً مسروراً.. نعم ورغم كل هذه الآلام والآمال وأحلام اليقظة العقلية المشروعة تجدني أخي القارئ الكريم لأول مرة في حياتي فرحاً مسروراً بالقرار التاريخي والشجاع الذي اتخذه مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية بتعليق مشاركة وفود سوريا الشقيقة شعباً لا نظاماً.. وسر هذا الفرح هو أن الجامعة العربية بهذا القرار سوف تتجه نحو كسب ثقة جديدة في أوساط الشعوب العربية التي ظلت تنظر إلى الجامعة بعين الشك والسخط الدائم لما ظلت راتعة فيه من عار وضعف وجمود. إن اتخاذ قرار قوي كهذا ضد النظام السوري بقيادة المدعو بشار الأسد العلويّ النصيريّ الكافر من شأنه يُعجِّل برحيل هذا النظام الدموي القمعي السفاح الفاسد الذي استباح دماء الشعب السوري الشقيق الباحث عن الحرية والعدالة الاجتماعية التي نهبها منه هذا النظام البعثي المجرم الطاغوتي. وأن تأتي الجامعة العربية بهذا القرار متأخرة خير من ألاّ تأتي به.. لقد استباح نظام دمشق الطاغوتي الفاسد دماء الأبرياء.. فكم قتل وأباد.. وكم حرق ودمّر.. وكم فرَّق وشتت وشرد.. طوال ثمانية أشهر هي عمر ثورة الحرية والتغيير في سوريا.. وإن كنت لست مقتنعاً بدواعي ما عُرف بالربيع العربي في جميع البلدان عن طريق الثورة المسلحة.. إلاّ أني أعتقد أن ما جرى في ليبيا وما يجري اليوم في سوريا عمل موفق يقتضي الضرورة الملحة الراعية للتغيير بجميع الوسائل؛ لأن القذافي كان طاغوتاً قتل أبناء حركة الإسلام بمختلف مدارسها ومنع شعائر الله أن تُعظَّم والأمر ذاته يفعله عدو الله بشار الأسد منذ أن تسلط على حكم سوريا العظيمة مهد الخلافة الإسلامية الأولى بعد المدينةالمنورة ذلك لأن بشار أكبر طاغوت يحكم الآن بعد زوال حكم فرعون مصر وطاغية ليبيا وشل حركة مجرم اليمن السفاح علي عبدالله صالح. ولعلّ سر الفرح أيضاً هو شعور الشعوب بحركة تدب في جسد الجامعة العربية وإن بدت هذه الحركة متثاقلة ومتثائبة إلاّ أنها تعد خطوة نحو اتجاه الكرامة والمسؤولية ولعلّ حركة التغيير الشرعية وغير الشرعية التي قامت تلوح بها الشعوب ضد الأنظمة الفاسدة والظالمة والجامدة وهو الذي حمل ليلة أمس مجلس وزراء هذه الأنظمة أنفسها لكي تتخذ قراراً موفقاً ضد أخيهم الفاسد الذي أورد شعبًا بكامله ويل وديان جهنم وهو الآن مهدِّد فعَّال للسلام والأمن العالميين. إن أفضل الخيارات المطلوبة ضد نظام بشار الفاسد هو أن ترعى الجامعة العربية أطياف المعارضة السورية والثوار في الداخل والخارج لوضع خطة محكمة تحقن دماء إخوتنا في سوريا وتعزز وحدة تراب سوريا وتحيِّد دور الجيش السوري الذي دخل باب عجائب الدنيا في هذا العصر حين رضي لنفسه أن يصوب البندقية نحو أبناء شعبه الأعزل والتحية والمجد المؤثل لبعض أفراد الجيش الذين رفضوا تعليمات إبادة شعبهم.. كما أن المطلوب من المعارضة والجامعة العربية أيضاً تفعيل سلاح الحصار السياسي والاقتصادي والدبلوماسي ضد نظام بشار الفاسد وتلك عوامل وأسباب تعجِّل بزواله وقد قرب.. وإذا أدركت الجامعة العربية فعالية هذه الأسلحة وأحسنت استخدامها فإنها لا تحتاج إلى تدخل منظمات دولية لمعالجة هذا الملف.. لكننا نطالب في الوقت ذاته بأهمية إحالة ملف السفاح بشار إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي فإنه مجرم حرب أباد شعبه والعالم شاهد على ذلك وليس هناك ثمة موانع شرعية تحول دون تسليمه فليفهم هذا بوعي.. فإذا فعلت الجامعة العربية ذلك فهي في طريقها إلى التعافي وكسب تأييد جديد في عهد دورة الحرية العربية الجديدة.