التعدين التقليدي أصبح مصدراً لكسب العيش لكثير من الاسر، وقد حقق انتشاراً واسعاً في كافة ولايات السودان. حيث تدافع عشرات الآلاف من الذين ضاقت بهم سبل الحياة وأرهقتهم مسيرة البحث عن وظيفة أو عمل يواجهون به ظروفهم المعيشية ومطالبهم الذاتية، فوجدوا ضالتهم في ممارسة النشاط التعديني الأهلي أوالعشوائي و منهم من هجر الزراعة أوالتعليم للعمل في التعدين التقليدي. و رغم الميزات التي حققها هنالك مخاطر كثيرة يتعرَّض لها المعدِّنون التقليديون خاصة وأنه نشاط يستخدم العمالة المكثفة ويعمل أحياناً في مسار خارج إطار القانون ولا يراعي المعايير البيئية والصحية كما شكَّل التعدين التقليدي في الآونة الأخيرة خطراً وتهديداً كثيراً نتجت عنه أحداث ووفيات العديد من المنقبين بسبب هدم الآبار والمناجم. بيد أن وزارة المعادن وضعت خطة لتنظيم عمليات التعدين التقليدي في الولايات وافتتاح مصفاة للذهب للحد من التهريب، وكذلك عمل نوافذ بيع مباشر لبنك السودان في المناطق القريبة من مناطق التعدين التقليدي، حيث بلغت عائدات الذهب العام الماضي «2,5» مليون دولار حيث ساهم في رفع دخل الآلاف من المواطنين واعتبره العديد من الخبراء أنه الأمل في إخراج البلاد من الضائقة الاقتصادية، بعد أن أنتج قطاع التعدين التقليدي أكثر من «43,5» طن ذهب. وقال مصدر بوزارة المعادن إن المخاطر التي يسببها التعدين التقليدي تؤدي إلى تشوه الأجنة وتؤثر على الكلى، خاصة أن الغبار الناتج عنها يسبِّب أمراض الجهاز التنفسي كما أشار إلى أن الحفر العشوائي يؤدي إلى انهيار الصخور، بجانب تشويه مواقع الشركات في المدى البعيد، موضحًا أن الحفر والردم يؤدي إلى تعديل التصريف الطبيعي في مياه الأمطار بجانب عدم وعي المعدِّنين بإصحاح البيئة، خاصة أن المعدِّنين يتجمعون بطريقة عشوائية تصعب السيطرة عليها الأمر الذي يؤدي إلى بعض الجرائم الاجتماعية، لافتاً إلى أنه سيكون قبلة جهات أخرى غير مرغوب فيها، كذلك يسهل عملية غسل الأموال. وهنالك العديد من الاتفاقيات الدولية وقعتها الوزارة مروراً باللجنة الوزارية السودانية الروسية المشتركة، لنقل التجارب وادخال التكنولوجيا الحديثة في ذات المجال، والآن اكتملت الترتيبات لقيام مؤتمر التعدين التقليدي الذي يأتي تحت شعار«تقنين، تطوير، إنتاج» وسيناقش المؤتمر عدة أوراق عمل تتناول ايجابيات وسلبيات التعدين التقليدي والتحديات الماثلة والسبل الكفيلة بتنظيمه وتقنينه بمشاركة كافة الجهات ذات الصلة من وزارات ومؤسسات وشركات، وخبراء جيولوجيين واقتصاديين، وخبراء صحة وبيئة بالاضافة للأجهزة التشريعية والتنفيذية الأهلية، كما سعت الوزارة الى تفعيل الرقابة على اكثر من «105» شركات للحفاظ عن نصيب الدولة من المعادن، فيما كشفت الوزارة عن تهريب «50% » من الذهب عبر الحدود، وفي غضون ذلك اوضح وزير المعادن د.أحمد محمد الصادق الكاروري في تصريحات سابقة، أن إنتاجية مصفاة السودان للذهب تصل إلى«300» طن في العام، بجانب إنتاج الحديد والكروم. والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيكون المؤتمر حلاً جذرياً لمعالجة وتنظيم التعدين العشوائي، لتكون مساهمته واضحة في خزينة الدولة أم سيكون أشبه بالمؤتمرات التي ذهبت توصياتها أدراج الرياح، تفاؤل كبير من المهتمين والمعدنين الاهليين بالمؤتمر، مطالبين الدولة والجهات المسؤولة باتخاذ اجراءات صارمة لمحاسبة مهربي الذهب لتعم الفائدة على الدولة والمواطن. وفي ذات السياق أوضح مدير عام هيئة الابحاث الجيولوجية بوزارة المعادن د.يوسف السماني ان المؤتمر يهدف الى معالجة بعض قضايا التعدين التقليدي وهو يعقد للمرة الثانية وخصص لمناقشة«8» أوراق علمية تتناول محاور عدة منها ورقة التعدين التقليدي الحقائق والارقام، وورقة عن القانون، بجانب مناقشة الاثر الاقتصادي والاجتماعي للتعدين التقليدي، والاثر البيئي والصحة والسلامة، والمخاطر الامنية للتعدين بالاضافة الى جهود تنظيم النشاط الذي تم الاعداد له من قبل الجهات المختصة للخروج بتوصيات محددة يتم تنفيذها لتطوير القطاع للمساهمة في الانتاج، منوهاً لعدم تراجع إنتاج الذهب هذا العام وعاد ليقول، ربما تراجع شراؤه من قبل البنك المركزي، وقال السماني في تصريح خاص ل«الانتباهة» أمس ان المؤتمر يهدف الى زيادة الانتاج المعدني من خلال تطوير أساليب البحث والاستكشاف عبر استجلاب تقانات حديثة لبحث كافة انواع المعادن وتشجيع الاستثمار بوضع مزيد من مربعات الامتياز، كاشفاً عن توقيع «113» اتفاقية خلال العام متوقعاً المزيد.