قبل عامين تقريبًا كنت في زيارة إلى محلية أم القري بولاية الجزيرة، لم تستغرق أكثر من أربع وعشرين ساعة طفت من خلالها على بعض القرى القريبة جدًا من رئاسة المحلية، وعلى قلة تلك القرى التي زرتها إلا أنها وضّحت لي مشكلات أهلنا في تلك المحلية خاصة في مياه الشرب وبعض العقبات في التعليم، وأذكر أن أحد الشباب وجدته وهو يمتطي عربة «كارو» ويحاول جاهداً البحث عن قطرات مياه نقية لاستخدامها في ضروريات الحياة المعيشية وليس للاستحمام أو الغسيل أو غيرها من استخدامات المياه، وحكى لي ذاك الشاب معاناتهم الكبيرة في الحصول على المياه، ووضّح لنا حينها معتمد المحلية يوسف الزبير خططهم لمعالجة كل إشكالات المحلية فيما يخص المياه والتعليم و... و... وغيرها من الخدمات الضرورية، ولكن يوسف الزبير لم يبقَ في موقعه بل كُلِّف بإدارة محلية الكاملين، ويبدو أن معاناة ذاك الشاب الذي التقيناه ما زالت قائمة هو وغيره من أهل أم القرى، وما يؤكد هذا أن أهل قرية الجروراب اشتكوا من انعدام المياه الذي وصل يومه الثالث عشر دون إيجاد حل، وقال بعض أهالي القرية إن مشكلة المياه تفاقمت بعد تعطل الموتور الذي يدير البيارة من قبل عيد الأضحى المبارك وحتى الآن لم يصلح، ووصفوا معاناتهم في استجلاب المياه من النيل عبر دوابهم «الحمير» حتى يشربوا ويؤدوا مهامهم الحياتية، ودعا أهالي الجروراب والي الجزيرة ومعتمد المحلية إلى ضرورة الإسراع في إيجاد حل لمشكلتهم.
وتبقى مشكلة المياه في ولاية الجزيرة هاجسًا يؤرق مضاجع المواطن البسيط هناك على الرغم من الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها هذه الولاية «الكبيرة» وقد يندهش الكثيرون أن الجزيرة التي تعتبر الولاية الأقرب للخرطوم وربما الثانية بعدها من حيث السكان والإمكانات الاقتصادية يعاني سكانها من مشكلات خدمية قلما توجد في بقية ولايات السودان وفي مقدمتها مشكلة المياه والصحة والتعليم و... و... وعدد من المشكلات الخدمية التي يحتاج إليها إنسان الجزيرة الذي اشتكى كثيرًا من تردي الخدمات في محليات الولاية المختلفة، وجميع المشكلات متشابهة إن كان في أم القرى أو المناقل أو شرق الجزيرة وغيرها من محليات الولاية جميعها تحتاج للمياه والصحة والتعليم وحكومة الولاية تفشل في تحقيق ذلك، وأم القرى تشتكي من مشكلة المياه منذ عامين والآن كذلك الجروراب تبحث عن عصب الحياة، فهل تهتم الولاية بهذه المعضلة أم يبقي الحال على ماهو عليه إلى حين إشعار آخر.