أولاً لا بد انكم تعلمون ان أخبار داعش اليوم تغطي الساحات الدولية والإقليمية والمحلية.. لأن داعش هي اختصار لدولة الإسلام في العراق والشام. الأخبار تقول إن عراق المالكي يترنح.. وجنوده يفرون ويخلون مواقعهم وهو انسحاب غير منظم وغير تكتيكي، ولا نذيع سراً إذا قلنا ان هناك اختلافات في تقييم داعش نفسها.. وتقييم ما تقوم به.. إلا أن المقطوع به ان داعش سنية.. وقادتها سنيون وأنها بدأت الحرب في سوريا.. وانها الآن تشدد التكبير على دولة الشيعة المالكية في العراق.. في الانبار وفي الموصل.. بل وتدق ابواب بغداد.. وداعش المعروف عنها ان لها جذوراً في القاعدة وأن مؤسسها هو ابو مصعب الزرقاوي.. ثم تلاه عمرو البغدادي واخيراً ابو عمرو البغدادي.. وداعش ليست على اتفاق تام مع فصائل المقاومة السورية مثل الجيش الحر وجماعة النصرة وغيرها من الكتائب. أصدر السيستاني وهو أكبر مرجع ديني في العراق.. رغم أن جذوره إيرانية.. أصدر فتوى أو طلباً أو امراً لكل قادر على حمل السلاح ان يحمله ويقاتل داعش وان كل من قتل في هذه الحرب فهو شهيد. وطبعاً كالعادة الشيعية المعروفة فإن الفتوى صادرة من السيستاني شخصياً بمعنى ان الذي قرر الشهادة هو المرجع ولم يقبل او يسند ذلك إلى معصوم ولا إلى نبي ولا إلى قرآن. والذين تحدثوا عما يجري في العراق اليوم يقفون جلهم في صف داعش ويؤيدون ما تفعل ويستبشرون به ويحذرون الذين يشككون في داعش وفي اهدافها ومراميها.. والذين يقفون موقف المتشكك لهم اقوال اخرى ولهم شواهد ولهم ادلة. إلا أني اقول ان على الجميع التريث والتمهل وعرض الامر كله على الاصل الشرعي.. فالموقف الدولي اليوم غامض ومن الصعب اخذ تصريحات الدول والحكومات على ظاهرها.. والشاهد ان امريكا والغرب والامم المتحدة اليوم في حالة حيرة وارتباك.. هذا ما يبدو للعيان.. الا انه لا يستبعد ان تكون هذه الحيرة غطاءً لمؤامرة كبرى تفوق المؤامرة ضد صدام وضد العراق السني باضعاف مضاعفة، لذلك فعلى اهل الاسلام ان يحذروا.. وينتبهوا ولا يغفلوا وألا ينخدعوا.. وعليهم أن يستعينوا على أمرهم هذا بالفهم الصحيح لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى لا يظلموا أحداً.. ولا يظلموا انفسهم. لقد استدل أحد المدافعين عن داعش وعن انتصاراتها بقول الله سبحانه وتعالى: «إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً». واستدل الصديق رضي الله عنه بهذه الآية على دنو أجل النبي صلى الله عليه وسلم لقوله «فسبح بحمد ربك»، ولقوله تعالى واستغفره إنه كان توابا». وهذا وإن كان حقاً وصدقاً وتأويلاً قريباً في حق النبي صلى الله عليه وسلم فليس هو بالضرورة حقاً في ما يخص الأمة بالتطابق أو التماثل المطلق بين الحالتين. إلا أن تفسير الصديق لم يتعرض لقوله تعالى «ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجاً». وهذا كان وصفاً للحالة التي كانت عليها الجزيرة بعد فتح مكة، فقد دخل الناس في الدين أفواجاً.. فوجاً بعد فوج وقبيلة بعد قبيلة. وهذا وإن كان وصفاً في حق النبي صلى الله عليه وسلم وفي حق فتوحاته.. إلا انه ليس بالضرورة وصفاً لفتوحات من جاء بعده من اهل الاسلام. بل في الواقع هذا القول هو اقرب إلى أن يكون شرط صحة، أي أن هذا النصر لو كان حقاً من عند الله.. وكان كاملاً وحقيقياً ومستحقاً.. فلا بد ان تكون له علامات.. وهذه العلامة من شدة وضوحها وجلائها في حق فتوحات النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسها الفتح الأكبر، انتقلت من الشرط إلى الصفة. اما النصر الذي يناله المسلمون او يدعونه في كل زمان ومكان، فلا يجب ان يطمئنوا إليه حتى يعرضوه على هذا الشرط، والعجيب ان الشرط أو الصفة في حالة فتوحاته صلى الله عليه وسلم هي الدخول في دين الله افواجاً.. وهي أقوى شاهد ودليل على أن الفتح جاء من عند الله.. وليس متوهماً ولا مصنوعاً ولا مغشوشاً.. وهكذا كانت فتوحات المسلمين الصحابة والتابعين.. وكانت البلاد المفتوحة تسرع إلى اعتناق الدين الجديد. ان على داعش ان تنتبه إلى هذه الحقيقة وإلى هذا الشرط، وان على ناقديها ايضاً ان ينتبهوا هم كذلك إلى هذه الحقيقة وهذه الصفة .. بل وهذا الشرط. إن الحادثة التي عرضنا لها بالأمس وهي حادثة الصحافية الاسيرة في طالبان هي الأنموذج الذي يدل دلالة واضحة على ان النصر يأتي من عند الله، وان نصر طالبان ذاك انما جاء حقاً وصدقاً من عند الله سبحانه وتعالى، بدليل ان الفتاة سارعت إلى الدخول في دين الله بلا إكراه ولا ضغوط وربما بلا دعوة جادة.. سوى حسن الخلق وحسن المعاملة.