المحت التسريبات التي نشرت صحيفة معاريف العبرية جزءاً منها الى ان الدعم اللوجيستي والعسكري الاسرائيلي لن يقتصر على كينيا، وانما سيطول جنوب السودان، وان الدعم الاسرائيلي الذي يدور الحديث عنه سيشمل مواد خرسانية جاهزة، وسفنًا سريعة، ومدربين عسكريين، واسلحة، وآليات نقل مدرعة، ومنظومات تعقب اليكترونية، ويرى الخبير الامني المصري الباحث في الشؤون الافريقية الاسرائيلية حسين حمودة: ان التوغل الاسرائيلي في القارة السوداء لا يقتصر على التسريبات العبرية الاخيرة، وانما تسعى حكومات تل ابيب منذ وجود اسرائيل في المنطقة الى العبث في افريقيا وخلق قنوات من التقارب معها للتأثير بذلك على مواقفها السياسية وربما الامنية من الدول العربية، وتتخذ اسرائيل من الصراعات المسلحة في افريقيا مدخلاً لتفعيل نفوذها السياسي والامني، فلم تكن اسرائيل بمنأى عن صراع دارفور، كما لم يغب الدور الاسرائيلي عن الصراع المسلح بين جنوب السودان وشماله قبل اعلان دولة الجنوب. والحقيقة بحسب الخبير حسين حمودة ان اسرائيل تدخل في صراع على احتواء الدول الافريقية مع قوى اقليمية ودولية أخرى مثل إيران وفرنسا والولايات المتحدة، ويضيف الخبير حمودة المدير السابق لإدارة مكافحة الصهيونية بجهاز امن الدولة المصري: ان محاولات اسرائيل للسيطرة سياسياً واقتصادياً على الدول الافريقية لا تتوقف عند الدول ذات الاغلبية السكانية المسيحية، وانما تتجاوزها الى الدول الاسلامية الافريقية مثل السنغال، إذ تنطلق في مساعيها من زاوية خلق قنوات من التقارب الناعم، ولعل ما فعله ممثل تل ابيب الدبلوماسي في العاصمة السنغالية دكار خلال عيد الاضحى الماضي يؤكد ذلك، إذ كلفته الخارجية الاسرائيلية بتقديم 99 خروفاً هدية من الدولة العبرية لحكومة السنغال، وتوزيع هذه الخراف على فقراء ويتامى الدولة الافريقية، التي يدين معظم سكانها بالإسلام.. الغريب بحسب حسين حمودة ان اسرائيل اختارت 99 خروفاً ليتناسب العدد مع اسماء الله الحسنى، ولعل ذلك هو ما اكده سفير تل ابيب لدى دكار، زاعماً احترام اسرائيل لطقوس المسلمين في اعيادهم، الأغرب من ذلك ان حكومة السنغال باركت الخطوة الإسرائيلية، واعتبرتها دليلاً على متانة العلاقات مع الحكومة الإسرائيلية، وتلقى سفير تل ابيب في دكار خطاب شكر يحمل هذا المضمون. اما الخبير الدكتور سيد فليفل العميد الأسبق لمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، فقال: ان التسريبات العبرية التي يدور الحديث عنها تعكس مدلولاً وحيداً وذلك اذا خرجت الى حيز التنفيذ، وهو ضلوع اسرائيل غير المباشر في حربين مرتقبتين في القارة السوداء، بدأت احداهما كينيا في السادس عشر من اكتوبر المنصرم، عندما اجتازت قواتها الحدود الصومالية لمداهمة مليشيا «الشباب» المحسوبة على تنظيم القاعدة، اما الحرب الثانية فيمكن الاشارة الى بوادرها على خلفية تردي الاوضاع الامنية على الحدود الفاصلة بين شمال وجنوب السودان، وتؤكد تلك المؤشرات ان خيار المواجهة العسكرية السودانية مع دولة جنوب السودان الوليدة ليست مستبعدة.. ويؤكد خبير الشؤون الافريقية فليفل: ان تعكف اسرائيل على دعم رئيس جنوب السودان سيلفا كير عسكرياً واستخباراتياً، وعبر هذه الآليات تعود اسرائيل بشكل سريع الى احضان القارة السوداء بنفس الاسلوب القديم وهو تزكية الصراعات الافريقية المسلحة بعد ان توقف نشاطها لمدة اربعين عاماً.