يافطة كبيرة مضيئة بعنوان «نعمة فول وفلافل» على شارع السكة حديد قبالة منازل السكة حديد التي تمت إزالتها جوار صندوق دعم الطلاب، في هذا المكان الذي هو نقطة تجمع لكثير من رجال الدولة وواجهات المجتمع تفضل أسرة مكتب التنسيق بقيادة اللواء شرطة «م» علي تكنة تناول وجبة الإفطار الجماعية حيث لعبد الباقي «طاهي المطعم» خلطة سحرية تجمع بين الفول المدنكل وكبدة الطوة في صحن واحد اصطلحنا على تسميته ب «الدفلي»، وفي كرم حاتمي يتبارى أعضاء الوفد على سداد فاتورة الدفلي والبارد، ولكن في الغالب ظل تكنة يتحمل سداد فاتورة شهرة رتبته العسكرية، وكعادة الناس أثناء اللمة درجنا على دردشات بريئة وتعليقات ساخرة في مجريات الأحداث «خاصة كانت أو عامة» وهي صفة اجتماعية تميز بها السودانيون دون غيرهم، وهو ما يعرف بالهمس الخافت في تفريق الهموم عبر القفشات ودروب الضحك!! وفي آخر مرة لزيارة فوال نعمة لفت نظرنا ورواد المحل إعلان ورقي مكتوب بقلم جاف باهت تميزه سمة الخجل ينبه فيه المحل زبائنه مع الاعتذار إلى أن هناك زيادة تصاعدية في أسعار الفول فرضت القفز بسعر طلب الفول من «6» جنيهات إلى «8» جنيهات ابتداءً من يوم 15/6/2014م، وسكت الإعلان عن أي تغيير سيطرأ على أسعار بقية المأكولات بما فيها الشية، ويبدو أن قلة الطلب على البقية مقارنة بالفول «حبيب الشعب» هو السبب الرئيس وراء عدم ظهورها في قائمة شرف القفز العمودي المعلن عنها.. وجميعنا وقف عند عبارة «ونشكر لكم التضحية النبيلة» التي ختمت الإعلان المأسوف عليه من أسرة الإدارة التي يتناوب عليها أخوان وأخت كلهم فوق عمر النبوة ويجمع بينهم الشبه الشديد والاحترام الشديد والتعامل الراقي للزبائن من شتى فجاج السودان الكبير، ولكن مريخية أحدهم ربما تجعل الأهلة من رواد المحل يقفون على الضفة الأخرى من نهر نعوت الإشادة. المهم في الأمر أن لغة الاعتذار المغلفة بالشكر على تضحياتنا النبيلة من إدارة المحل زادت من ارتفاع منحنى احترامنا «للنعمة فول وفلافل» التي تتأسف وتتألم لمعاناتنا جراء زيادة الأسعار بنسبة 33%، وليت هذا الشعور الإنساني لإدارة النعمة اقتدت به سلطات القطاع العام وهي تلهب ظهورنا بسياط الزيادة المستمرة في رسوم كثير من الخدمات دون إبدائها لأي أسف أو أدنى إحساس بالتضامن مع المواطن المغلوب على أمره في الريف والحضر، ولأن الشيء بالشيء يذكر تحضرني هنا قصة وقعت تفاصيلها على مسرح الواقع الحياتي بالشقيلاب مودة مربع النموذجية لأرملة أم لتسعة أطفال، أكرر لأؤكد أرملة تعول تسعة أطفال أكبرهم في نهاية مشواره الثانوي لدخول الجامعة هذا العام وأصغرهم توأم «يتاتي ليتعلم المشي».. ذهبت هذه الأم المكلومة مضحية بعائد يوم عمل كامل يسد عائده رمق صغارها المستورين بغطاء العافية وثوب العفاف عن سؤال الناس، ذهبت متشفعة خلال هذا الشهر إلى مدرسة الكلاكلة الوحدة الثانوية «جنوب سوق اللفة» لمقابلة مدير المدرسة طالبة منه إمكانية الموافقة على نقل ابنيها اليتيمين فتحي وياسر، وللأسف اصطدمت الأرملة بجدار سميك من تلال الرسوم التي بلغت «500» جنيه للواحد من أبنائها !!! فعادت مكسورة الخاطر والحسرة تحاصرها على مستقبل أولادها الذين هم بين نار الضياع وجحيم المال!! وبقليل من الاعتذار اللبق كان لسليمان مدير المدرسة أن ينال سعادة الدنيا ونعيم الآخرة. والسلوك الراقي من شاكلة الاعتذار أو الشكر على التضحيات النبيلة كما درجت عليه إدارة نعمة فول وفلافل هو المطلوب بيننا لخلق مجتمع معافي من الأحقاد والجلافة.. وعلى خلفية إضاءات سعيدة وجدناها في إعلان النعمة رغم بساطته المعبرة نناشد إدارة المرحلة الثانوية بمحلية جبل الأولياء عبر الأخ الكريم مدير مدرسة الكلاكلة الوحدة الثانوية بالتفضل وتكملة إجراءات نقل الطالبين اليتيمين «فتحي وياسر» أبناء المرحوم عماد سعيد حتى يتسنى لهما الانتظام في الدراسة تفاديا لانحراف أو تسكع يمكن أن يضر بتضحيات الأم إخلاص التي تعول في كفاح نبيل وصامت أسرة ممتدة قوامها تسعة كلهم دون السن الأهلية. كل التبجيل لإدارة «نعمة فول وفلافل» على ممارستها فضيلة الشكر على تضحياتنا وصبرنا على حمل ارتفاع الأسعار دون أن يصدر منا أي تبرم من وطأة الألم.. وشكرنا مقدم لأسرة مدرسة الكلاكلة الوحدة الثانوية على مراجعة قرارها وقبول الطالبين اليتيمين ضمن قوة المدرسة للعام الدراسي 2014/2015م. وكل عام والجميع بخير ورمضان كريم وتصوموا وتفطروا على بركة الله، مع أمنيات صادقة للنعمة بتجارة رابحة وجمهور مستهلك راضٍ عنها لخدمات راقية أو لسلوك حضاري في التنويه والاعتذار!!