إن من شركات الاتصال أي بعض شركات الاتصال لا كلها من تفسد في الأرض مرتين. المرة الأولى عندما تأكل أموال الناس بالباطل بالمبالغة في أسعار المكالمات وبالطريقة التي يحسبون بها المدة وطرائق أخرى كثيرة نعلم بعضها مثل مهزلة «4848» ولا نعلم بعضها وهي الأكثر.. والمرة الثانية عندما تتخذ بعض هذه الشركات جسد المرأة سلعة أو شركاً تنصبه لتصطاد به العملاء ظناً منها أن الناس يهرعون إلى مكاتبها ويشترون سلعتها لأنها علقت صورة فتاة أو فتاتين متبرجتين خلعتا عنهما عذار الحياء ورضيتا ببعض دريهمات حرام وجعلتا بعض الأبرياء من أهلنا الطيبين يتساءلون: أين الأب؟ أين الأخ؟ أين العم؟ بل أين الأم؟ وأين الأسرة؟ وأين القبيلة؟ لا بل أين الجار؟ وأين ابن الحي وابن المنطقة؟ فإن لم يكن ثمة أب ولا عم ولا خال ولا أم ولا أسرة ولا قبيلة ولا جار ولا حي ولا منطقة فلا حول ولا قوة إلا بالله.. ولكن هناك دفع الله حسب الرسول. وكأن لسان حاله يقول: أينقص الإسلام وأنا حي؟ أتبتذل نساء أهل السودان وفيّ عين تطرف وعرق ينبض؟! جاء في الحديث ما معناه أن الشيطان إذا سمع الآذان ولى وله ضراط. وأظن أن «إم تي إن» وأخواتها إذا سمعن رفيف نعلي دفع الله حسب الرسول فعليها الإسراع بتجديد الوضوء حالاً. وهذا الرجل أمره عجيب!! وأعجب ما في أمره أنه «عكليتة» في الله!! ومن عجيب أمره أيضاً أنه لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر بقلبه قط!! إنه لا يفعل ذلك إلا بلسانه أو بيده!! لقد أزال المنكر قبل ذلك. منكر الاتصالات والكاسيات العاريات والعارضات المتبرجات أزاله بالفرشاة والطلاء جهاراً نهاراً. أما اليوم فقد آثر أن يزيله بلسانه.. وبلسانه هذه ليست في المعنى الذي نعرفه نحن بلسان عند دفع الله تعني بيد القانون. فقد أوقف بعض شركات الاتصال في قفص الاتهام وحجها بالقانون الذي يمنع عرض الصور الفاضحة واستخدامها للأمور التجارية.. وكان هو الأعلى صوتاً والأنصع حجة ولم يحرْ معه مستشارو الشركات جواباً ولم يعرفوا معه صرفاً ولا عدلاً، كل الذي قالوه إنهم يلتزمون بتطبيق القانون وإزالة الصور بعد الرجوع إلى مديري هذه الشركات!! وماذا يستطيع المدير أن يصنع؟ وهل يستطيع المدير أن يتحايل على القانون؟ وهب أنه تحايل على القانون! فهل يتحايل على دفع الله؟! كل هذا السرد وكل هذا العرض لا يبين للإنقاذ كيف يستطيع رجل واحد أن يقف سداً منيعاً في وجه الباطل وهو أعزل إلا من الإيمان وإلا من الفهم وإلا من الإحساس بالعزة!! فأين ذهب الإيمان.. وأين ذهب الفهم.. وأين ذهبت الكرامة يا أهل الإنقاذ؟! لقد نقص الإسلام في عصر الإنقاذ.. نقص الإسلام في عهد الحركة الإسلامية.. لأن الحركة الإسلامية لم تعي حتى هذه اللحظة دلالة قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «إن تلد الأمَةُ ربّتَها» فإذا بالحركة الإسلامية هي الأمَة وإذا بالمؤتمر الوطني هو «الربة». ولكن الذي سرني أن هناك الآن حركة بعث جديد للحركة الإسلامية وأن الململة قد بدأت، وفي حقيقة الأمر ليس هناك ما يخشى عليه من الانقلاب على المؤتمر الوطني «الاسم»، فالذين بقوا بعد الانفصال قلة قليلة ولا يمكن للدولة ولا للحركة الإسلامية أن تظل في وضع الانبطاح إلى هذا الحين، بل عليها أن تحزم أمرها وتخرس الألسن النشاذ التي لم تستوعب الدرس.. وعليها أن تمازج بوعي شديد وتجرد بين الحراسة والسياسة: حراسة الملة وسياسة الدنيا. وهذا هو بالضبط ما ينبغي للدولة أن تقوم به تجاه هاتين الفتنتين الصادرتين من «إم تي إن» وأخواتها وهما ابتذال المشاركات وأكل أموال الناس بالباطل إذ كيف يسمحون للشركات أن تتقاضى نظير مكالمات في شهر واحد أكثر من ثلاثمائة جنيه بينما لم تكن فاتورة التلفون في الماضي تتعدى الثلاثين جنيهاً. فلماذا تهدر الحكومة كل هذه الأموال؟ ولماذا تترك هذه الشركات مهما كانت تغترف كل هذه الأموال الطائلة من أرزاق أهل السودان.. من طعامهم وعلاجهم وتعليمهم.. ومن مستقبلهم ومن استقرارهم؟؟ والعجيب أن هذه الشركات لا تخفي ثراءها الفاحش وإنها تقتطع من أرزاق العباد من الفقراء والمساكين أموالاً طائلة بغير وجه حق وبدون استحقاق وبدون أن تقدِّم للمواطن المسكين ما يقابل هذه الأموال الطائلة من الخدمات وهي أول المعترفين بهذه الحقيقة المرعبة. وتصوروا معي الحوافز التي تقدمها هذه الشركات من الخدمات المخفضة بل ومن الخدمات المجانية بحيث تتيح للفارغين والفارغات من استغلال الخطوط الساعات الطوال في جنح الليل يتحدثون حديثاً فارغاً.. إن لم يكن فاحشاً وبذيئاً ويضيعون بهذا الشكل أوقاتاً غالية ومنهم الطلاب والطالبات فلا حصلوا علماً ولما نعموا بالراحة والهدوء.. وهي خدمات مجانية تتبارى الشركات في اجتذاب العملاء بها.. ومن أول الأشياء على فساد ما يجري في دنيا الاتصال تحت سمع الحكومة وبصرها هذا الانتشار المريع للشرائح من كل الشركات إلى درجة أنها مفروشة في ابتذال شديد وبأرخص الأثمان.. والعجيب أن الشريحة بجنيه وفيها رصيد بجنيهين!! يكاد المريب أن يقول خذوني!! إن للدولة ولاية ومسؤولية على هذه الأموال والله سائلها عن هذا السرف وهذا التضييع لأموال الفقراء والمساكين. لمثل هذا الفساد وهذه الوقاحة في التعامل مع حرمة الأموال يسلط الله على هؤلاء القوم من يستذلهم ويفرض عليهم الصغار والانكسار.. والله المستعان.