بعد كثير من الحديث عن التأجيل والإعلانات والتصريحات حول تأجيل فتح المدارس إلى أول يوليو القادم أو إلى ما بعد شهر رمضان في بعض الأقوال بعد كل هذا، قامت وزارة التربية بولاية الخرطوم بفتح مدارس الأساس والثانوي بالولاية بتاريخ الأحد 22يونيو 2014م. و المبرر لعدم فتح المدارس في هذا الوقت ما زال قائماً وهو الظروف المناخية وارتفاع درجات الحرارة وهناك مبررات أخرى موضوعية ولكن أكثر المبررات هو الخوف من أن يؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى حدوث إصابات بداء السحائي وسط التلاميذ في ظل الازدحام الشديد والأعداد الكبيرة من التلاميذ وعدم توفر مبردات الماء والهواء والتكييف في المدارس الحكومية أما المدارس الخاصة فإن المكيفات الموجودة في أغلبها هي مجرد مناظر لجذب الزبائن ولكنها تقوم بوظيفة التبريد والتكييف حسبما هو معلن عن الظروف البيئية داخل هذه المدارس. ورغم كل المحاذير البيئية والصحية فتحت المدارس وكنا نتمنى أن تنتظر وزارة التربية ولاية الخرطوم قليلاً حتى تسقط أول «مطرة» في فصل الخريف وهو على الأبواب لأن في ذلك تغيير للظروف المناخية التي تؤدي للإصابة بداء السحائي ولكن من الواضح أن المدارس فتحت على هذا النحو لأسباب سياسية قد يكون الغرض هو أن تعطي الحكومة الانطباع بأن الحكومة لا تخشى من تلاميذ المدارس في ظل الارتفاع الجنوني للسلع الإساسية وشهر رمضان على الأبواب وفي ظل النقص الحاد في خدمات المواصلات ومياه الشرب. ومن عجب أن يكون في هذا الأمر مكسب سياسي وهو أمر يتعلق بالتعليم والظروف المناخية، وسبق أن تعطلت المدارس بسبب السيول والفيضانات واتخذت وزارة التربية منذ عدة سنوات قراراً بوقف الكورسات الصيفية بالمدارس بسبب ارتفاع درجات الحرارة أثناء العطلة الصيفية، ولكن كثير من المدارس تنظم مثل هذه الكورسات في العطلة الصيفية ولا تبالي بقرار الوزارة . وإذاتعاملنا مع حالة فتح المدارس كأمر واقع فإن اول ما واجهه الناس في هذا العام الدراسي هو الارتفاع في الرسوم الدراسية التي تتحصلها المدارس الخاصة من المواطنين وقد بلغت هذه الرسوم «الخمسة ملايين» للتلميذ في حدها الأدنى هذا غير المدارس الخاصة التي تتقاضى الرسوم بالدولار الأمريكي، ما أحدث الفوارق بين المواطنين ونحن الآن امام جيل كامل بعضه جيل دولاري والبعض الاخر هو جيل الجنيه السوداني المنخفض امام الدولار. ومن العجائب أن هذه المدارس الخاصة قد بدأت في تحصيل الرسوم الدراسية قبل أن تفتح المدارس بالولاية «أخدوا اموالهم بالعملتين المحلية والأجنبية» ومن يدري لعل هذه المدارس الخاصة هي التي ضغطت على سلطات التعليم لفتح المدارس في هذا التوقيت لكونها تحصلت رسومها وتخشى من الحرج إذا تم تاجيل إنطلاقة العام الدراسي. وأغرب علاقة هي العلاقة بين المدارس الخاصة ووزارة التربية بولاية الخرطوم التي تلزم المدارس الخاصة بأن تتخذ لها مقرات ثابتة والمقرات الثابتة هي الميادين بالأحياء السكنية ومعظم الميادين تحولت بقدرة قادر لمدارس خاصة، فمن يقف وراء هذه الظاهرة المسماة بالمدارس الخاصة والتي لم نقف على الدور الذي قدمته لخدمة التعليم في البلاد غير الدور الاستثماري، أما الجانب الأكاديمي والتعليمي فإن التلميذ حتى يصل المستوى الثالث أو الرابع لا يعرف الكتابة وبدافع الخوف من العقاب يقوم بحفظ بعض النصوص وبعض هذه المدارس الخاصة مسماة مدارس قرآنية للأسف الشديد.. تصور عزيزي القارئ أن الحي الذي اسكن فيه ليس به مدرسة حكومية واحدة، بعد أن تم التصديق بالمدرسة الحكومية لتكون مدرسة خاصة وعليه صارت كل المدارس بحينا هي مدارس خاصة وأحد ملاك المدارس في هذا الحي لايسمح بفتح مدرسة أوروضة بجوار مدرسته، بينما قام هو بفتح المدرسة الثانية بذات الحي وإلى جوار المدرسة الأولى. لقد صارت المدارس الخاصة المهدد الأول للبيئة ولحركة المرور، ولم يعد للمدارس الحكومية دور في ظل هذا التعليم الذي طغى عليه طابع الخصخصة بالكامل... ولا أدري ماذا تفعل وزارة التربية وهي تستعد لإعادة المرحلة المتوسطة فهل تكون مدارس خاصة مثل الأساس والثانوي ومن أين لهذه المدارس بالمقرات والمواقع في العاصمة والولايات اللهم إلا أن تكون في بيوت المواطنين أو مساجدهم أو مستشفياتهم، بعد أن ابتلعت ميادينهم وابتلعت مدخراتهم لأن كل مواطن له اطفال في هذه المدارس الخاصة قد أنفق كل ما عنده ولا يدري كيف يستقبل شهر رمضان، ما يستوجب إعادة النظر في المدارس الخاصة والتعامل مع أمرها بشفافية حتى ندري من الذي يقتل المدارس الحكومية ويحيي المدارس الخاصة في بلادنا؟.