تعيش ولاية سنار هذه الأيام وتشهد بعض مناطقها بعض التوترات بسبب النزاع الناشب وذاك الذي في طور النشوب بين حكومتها ومواطني هذه المناطق بعد محاولات حكومة الولاية انتزاع أراضيهم بدعوى الاستثمار فيها وإقامة مشروعات أخرى. لم تنتهِ تلك القضية التي بدأت مع مواطني قرية النورانية التي اختيرت أراضيهم لإقامة مطار بالولاية بعدما اتهمهم الوالي ووصفهم بأوصاف رأى البعض أنها لا تليق لمجرد أن طالب مواطن بحقه في التعويض المناسب والسريع وفقًا للقانون، وقال الوالي: «لا ملكية لهؤلاء المواطنين على الأرض» واعتبرها بمثابة وضع اليد وزاد بالقول إنه وفقًا للقانون يمكن النزع للصالح العام بدون تعويض إذا لم توجد ملكية، وهو أمرٌ يرفضه مواطنو المنطقة. لم تنتهِ تلك القضية حتى تفجَّرت قضية نزاع أخرى في منطقة كركوج التي يقول كثير من مواطنيها إن حكومة الولاية أقدمت على عقد اتفاقية استثمارية مع شركة فرص للاستثمار الزراعي والحيواني من أجل استغلال واستثمار مساحة من الأرض مملوكة للمزارعين بمنطقة كركوج منذ أكثر من مائة عام يمارسون عليها الزراعة المطرية وينتجون منها الذرة والسمسم بكميات كبيرة. وكانت المفاجأة للمواطنين الذين أكدوا ل«الإنتباهة» أنهم مع الاستثمار وليس ضده تتمثل في أن العقد المبرم يقول إن الولاية هي المالك لأرض المزارعين وتطرحها للاستثمار ووافق المستثمر على استثمار الأرض على أن يقوم بتوفير الري لمدة ثلاث سنوات مقابل أن يستحوذ على 80% من أراضي المزارعين ويترك لهم المتبقي على أن يكون استغلال الأرض لمدة 25عامًا تعود بعدها الأرض لتصبح ملكًا للولاية، وهذا يعني أن المستثمر لن يقوم بإرجاع الأرض للمزارعين المالك الفعلي لها وهو ما يرفضونه ويؤكدون أن تلك الاتفاقية تعتبر غير ملزمة بالنسبة لهم وأنهم ليسوا طرفًا فيها كما يشيرون إلى احتفاظهم بحقهم القانوني في مقاضاة كل الأطراف المشتركة في الاتفاقية التي وصفوها بالمعيبة إن لم يتم إيقاف أو إلغاء الاتفاق. وقع الاتفاق المذكور منذ أشهر ولكن تجدد الأمر بعد المباحثات التي أجراها الوالي مع وفد الشركة خلال الأسبوع الماضي لوضع الترتيبات اللازمة للبدء في التنفيذ، وقال مواطنون إن خديعة تمت عندما عقدت حكومة الولاية اجتماعًا بمدينة كركوج قيل إنه بغرض مناقشة كهرباء المنطقة وتمت دعوة الناس إليه بطريقة انتقائية لتفادي حضور أصحاب الحيازات والاملاك خوفًا من حدوث بعض التفلتات أمام المستثمر ولكن ربما ما كان يُخشى حدوثه قد حدث بالفعل عندما هتف البعض رافضًا ومؤكدًا الاستعداد لحماية الأرض. وقال أحد ملاك الأراضي بالمنطقة د. خليل صلاح ل«الإنتباهة» إن المواطنين مع الاستثمار وليسوا ضده ولكن الوالي بفتكر أن هذه الاراضي خالية وبدون ملاك، واكد انه خاطب الوالي واكد له ذلك بشرط ان تكون المنفعة متبادلة والتعويض مجزيًا ومقنعًا، واضاف خليل: قلت للوالي: «المستثمر لم يجلس معنا بل تفاوض معك انت.. وانت لا تملك تفويضًا قانونيًا للحديث باسم المزارعين، صحيح اننا فوضناك في كل الولاية ولكن لم نفوضك في املاكنا الخاصة»، واكد تمترس المزارعين على ارضهم التي قالوا انهم سيقاومون من اجلها الا بتدخل من رئيس الجمهورية ونزعها للصالح العام على ان يكون مقنعًا وبتعويض مجزٍ. ولا تختلف مشكلات النورانية وكركوج عن تلك التي تصاعدت في منطقة ود عايس على بعد 15 كيلو شرق كركوج الذين منحت اراضيهم لمستثمر آخر دون اي مراعاة لوجودهم في المنطقة التي يزرعون ويرعون فيها ولا يدري احد منهم الى اين سينتهي بهم الأمر؟ ويقول آخرون ان نزاع الأراضي في الولاية فجَّر العديد من المشكلات بين حكومة الولاية والمزارعين الذين وجدوا انفسهم امام التزامات اخرى لم تراعِها حكومة الولاية خاصة وان هذه الاراضي معروفة لدى المزارعين واتحاداتهم وسلطاتهم المحلية وتتم فيها كل انواع المعاملات بيعًا وشراء وايجارًا فكيف يكون امر من اشترى ارضًا بعشرات الملايين او من استأجر ارضًا لعدد من السنوات كما ان هناك حقائق لم يتم مناقشتها او اخذها في الاعتبار مثال لها تمويل البنك الزراعي وبنوك اخرى لعدد مقدر من هؤلاء المزراعين في شكل آليات ومدخلات انتاج تمتد في بعضها فترة التمويل لأكثر من خمس سنوات فكيف يقوم المزارع بسداد التزاماته بعد مصادرة ارضه التي يعتمد عليها حاضرًا ومستقبلاً في دخله في ظل هجمة الولاية عليها؟.