أوردت صحيفة «السوداني» أمس الأول، أن رئيس المجلس التشريعي بولاية القضارف محمد الطيب البشير، وصف قرار وزارة الصحة بالولاية بفرض رسوم على زجاجة الدم بالقرار غير القانوني، لأنه لا يستند إلى قانون، ولم يتم عرضه أو إجازته من قبل مجلس الوزراء بالولاية أو المجلس التشريعي، واعتبر البشير أن قرار وزارة الصحة القاضي ببيع زجاجة الدم بمبلغ «100» جنيه بداية لقتل الهمة وسط المتبرعين بالدم. إذن بعد قرار فرض رسوم على زجاجات الدم بمستشفيات القضارف، تكون الجبايات والرسوم في السودان قد دخلت منعطفاً جديداً، وولجت قائمة «غينيس» القياسية. وكنت أظن بعد قرار جبائي سابق أشرت إليه أكثر من مرة لغرابته، كانت قد فرضته إحدى الولايات على المشاة الذين درجوا على عبور كوبري براميل نصب على ترعة، لكنها عادت وألغت القرار المجنون بعد أن نشرت إحدى الصحف الخبر الغريب. فإذا وزارة الصحة بولاية القضارف وربما غيرها من الولايات تضيف رسماً يفوق في غرابته وشذوذه رسم عبور المشاة. ونحسب أن المستشفيات بالقضارف التي أسهمت في إقرار القرار الذي يتنافى مع القيم الإنسانية ويخالف اللوائح الإجرائية، دعت إليه بحجة أن فحص الدم يكلف مبلغاً كبيراً قبل أن يتم تقديمه للمريض، لكن الدم من العناصر الحيوية للإنسان ولا يمكن المساومة عليه وهو من الحقوق الأساسية للمواطن، وعلى الدولة أن توفره له، فالمواطن الآن يقوم بدفع قيمة بعض العمليات الجراحية وفي بعض الأحيان يتكفل بقيمة المعينات المكملة لها من شاش أو دربات وأحياناً الحقن أو الدواء الذي لا يوجد في صيدليات المستشفيات، ولهذا ليس من العدل أن يدفع حتى قيمة الدم الذي يقدم له في العمليات الجراحية سواء أكانت طارئة أو غير ذلك. ثم علينا أن نتساءل كم تبلغ قيمة توفير الدم خلال العام في مستشفيات القضارف الحكومية؟ هل ستتجاوز قيمته وقود السيارات الحكومية أو سيارات الدستوريين أو مصاريف التسيير بالولاية وغيرها من المصروفات؟ لذا من الضرورة أن تتحمل ولاية القضارف وغيرها من الولايات تكلفة نقل الدم لمرضى رعيتها، فلن توافق مؤسسة تأمينية أن تدرج قيمة نقل الدم في خدمة التأمين بالنسبة للمستشفيات الحكومية، وإذا وافقت ستزيد من قيمة الخدمة، كما أن العديد من المواطنين في أطراف السودان البعيدة بل حتى القريبة لم يتعاملوا بعد مع خدمة التأمين الصحي، علاوة على أن تقديم الدم للمريض من الأمور الحيوية التي لا تتحمل تعقيدات وإجراءات التأمين الذي في كثير من الأحيان لا تدفع قيمة خدمته المؤسسات التأمينية للمستشفيات التي تقدم الخدمة فتضطر إلى إيقاف التعامل مع بطاقات التأمين. ونخشى في حالة استمرار القرار بولاية القضارف أو مستشفيات حكومية أخرى، أن يحدث السيناريو التالي: يدخل حاج الطيب إلى أحد المستشفيات الحكومية وحين يتم تحويله لإجراء عملية عاجلة يتسلم أولاده ورقة محولة إلى حسابات المستشفى وهناك تتفاجأ بأن المطلوب خمسمائة جنيه «خمسمائة ألف بالقديم» فيرد شقيقه حاج العوض قائلاً: يا خوي دي قزازة دم ولا قزازة ريحة؟! لكن الأسرة تستسلم للأمر الواقع وتسعى لجمع المبلغ من أفراد الأسرة المتجمعين في حوش المستشفى، ويتمتم حاج العوض ويقول عليَّ الطلاق نحن من زمن شفخانات الإنجليز ما سمعنا ببيع الدم ده إلا هسه. وهنا يتدخل حاج حسين الملقب بأبو لبض قائلاً: يا خوي نحن خائفين حاج الطيب إذا اتلحس لا قدر الله يدفعوكم قيمة شهادة الوفاة قدر قيمة الدم الراح أوانطة، ويضحك الجميع ويتجه حاج العوض للحسابات ويقول للموظف: يا ابني طيب لو الخمسة قزازات ديل ما كفت برضو حتدفعونا تاني، فيرد الموظف سريعاً: طبعاً كلو شي بتمنو، لكن اطمئن هو ما حايحتاج لقزازة تانية، وهنا يتدخل أبو لبض كعادته ويقول سريعاً: يا خوي ما في حاجة مضمونة، هسه كان نزف بدفعونا قيمة القزازات دي لمن يتلحس زولنا