بعد سباق ساخن بين رئيس نادي الهلال الأسبق صلاح إدريس وأشرف الكاردينال الوافد الجديد، فاز الأخير برئاسة نادي الهلال عقب سجال بين الطرفين اتسم بالحدة استخدمت فيه كل الأسلحة المشروعة والمحرمة، بعضها كان على الساحة الصحفية، والبعض الآخر عبر الإذاعة والتلفاز. وكلا الطرفين سعى لإدانة خصمهما والإشارة إلى ما وصفوه بمخالفات جنائية، بينما تخندقت بعض أقلام الصحافيين الرياضيين في أحد المعسكريين ينافحون عنه بشراسة، ويحاولون التقليل من حظوظه في الفوز بمقعد رئاسة النادي الكبير، وقبيل الانتخابات تحدثت بعض الصحف عما سمي العضوية المستجلبة وتعني دفع المرشحين مبالغ مالية لتسجيل عدد من المواطنين في عضوية النادي تمهيداً للتسجيل لهم في المعركة الانتخابية، وفي إحدى انتخابات الأندية قبل سنوات، شوهدت بائعات الشاي يصطففن للتسجيل في عضوية النادي رغم عدم إلمامهن بكرة القدم وحراكها التنافسي. ويرى كثير من المراقبين أن الخلل الإداري في العديد من الأندية هو السبب في تراجع المستوى الكروي وإحراز نتائج متواضعة ومخجلة على صعيد التنافس المحلي أو الإفريقي، ذلك لأن العديد من إدارات الأندية هي التي تختار المدرب وهي التي تقرر فصله، وهي التي تتعاقد مع اللاعبين المحليين أو المحترفين بعيداً عن المشورة الفنية في معظم الأحيان، ويؤخذ على جل إدارات الأندية التوسع في الصرف وإغراق الأندية في ديون هائلة حتى إذا ما ذهبت ورث خليفتها تركة مثقلة تكبل انطلاقته، فبعض هذه الديون تتعلق جلها بمستحقات لاعبين جلبوا بأرقام كبيرة سيما المحترفين لا تتناسب ومستوياتهم الفنية، كما أن بعض هذه الديون تتعلق بشركات خاصة وفنادق عجزت الإدارات الوفاء بمستحقاتها، وبالرغم من أن العديد من الإدارات فشلت في مهامها لكنها مع ذلك تصر على الترشح مرة أخرى للعودة إلى سدة الإدارة مجدداً، بل بكل السبل. والغريب أن الأستاذ صلاح إدريس الذي نافس بشراسة للفوز برئاسة نادي الهلال، كان قد استقال من رئاسة النادي بحجة الترشح لرئاسة الاتحاد العام، غير أن تلك الاستقالة لا يمكن النظر إليها بعيداً عن المشكلات المالية العديدة التي واجهت إدريس في تسيير النادي ومعظمها تتعلق بمستحقات لاعبين، إضافة إلى الصرف الكبير والمرهق الذي تحمل جله بنفسه، وكان عدد لا يستهان به من محبي النادي وأقطابه وإعلاميين يرون أن استقالة إدريس كان ينبغي أن تكون مسبباتها تتعلق بعجزه عن إدارة النادي على الوجه الأمثل، إذ كان عليه أن يعلن إخفاقه في حل العديد من القضايا الملحة، وعن وصوله إلى الميس الأخير في رحلته الإدارية للنادي بعد لياقة أخذت في التدني إلى أدنى مراتبها. لكن بالطبع من الجحود والظلم إذا اعتبر أي مراقب أن تلك الرحلة المليئة بالأشواك والمطبات الإدريسية أن حصادها كان الإخفاق المطلق في كلمة واحدة. فالأستاذ إدريس لم يبخل بماله وأنفق عدة مليارات من الجنيهات «بالقديم » لتطوير النادي وحقق العديد من الإنجازات الرياضية في عهده، لكن رغم تلك الصفحات الناصعة في حقبته إلا أن عهده اتسم بالعديد من السلبيات التي من شأنها أن تعرقل مسيرة انطلاق النادي أو تبطئ على الأقل من وثبته المنشودة، ويبدو أن تحمل الأستاذ إدريس لقدر كبير من ميزانية النادي الباهظة جعل كثيراً من المراقبين يعتقدون أن ثمة رابطاً دائماً بين الإنفاق وبسط القرار الفردي، بل أن أكثر المنفقين في الأندية في عالمنا الثالث يرون أن كفالتهم المالية الكاملة على النادي الذي يديرونه، تعطيهم حق القوامة الإدارية على النادي وإن لم يشعروا بذلك، وهو أمر يعزز المركزية الأحادية ويضرب المؤسسية في مقتل ويحول أعضاء النادي إلى كومبارس. أما رجل الأعمال أشرف الكاردينال فهي تجربته الأولى في إدارة الأندية الرياضية، وصادفت أن تكون في نادٍ كبير وعريق وهو نادي الهلال، مما يعني أن الكاردينال سيواجه العديد من المطبات والعقبات الكبيرة، لكن يبدو أن الخطاب الذي امتشقه في السجال الانتخابي بينه وبين خصمه اللدود صلاح إدريس لا ينبئ بأن الرجل سيدير النادي بالحكمة والحنكة المطلوبة، وهو أمر يجعل الكثير من الحادبين على مصلحة النادي الذي يخوض مباريات مهمة في البطولة الإفريقية يقولون إن مستقبل الفريق سيكون على المحك.