إذا كانت الأزمة الفنية في كرة القدم ونتائجها غير الإيجابية بل المخجلة في كثير من الأحيان لها علاقة بمستوى التدريب واللاعبين، فإن معظم الإدارات في تلك الأندية ينبغي أن تتحمل المسؤولية الكبرى، فالعديد من إدارات الأندية هي التي تختار المدرب وهي التي تقرر فصله وهي التي تتعاقد مع اللاعبين المحليين أو المحترفين بعيداً عن المشورة الفنية في معظم الأحيان، ويؤخذ على جل إدارات الأندية التوسع في الصرف وإغراق الأندية في ديون هائلة حتى إذا ما ذهبت ورث خليفتها تركة مثقلة تكبل انطلاقته، فبعض هذه الديون تتعلق بمستحقات لاعبين جلبوا بأرقام كبيرة سيما المحترفين لا تتناسب مع مستوياتهم الفنية، كما أن بعض هذه الديون تتعلق بشركات خاصة وفنادق عجزت الإدارات عن الوفاء بمستحقاتها، وبالرغم من أن العديد من الإدارات فشلت في مهامها لكنها مع ذلك تصر على الترشح مرة أخرى للعودة إلى سدة الإدارة مجدداً بل بكل السبل، وأخيراً تحدثت العديد من الصحف عما يعرف بالعضوية المستجلبة في تسجيل عضوية نادي الهلال، ويعنى بها جلب العضوية عن طريق الاستقطاب بالمال بواسطة المرشحين لمجلس الإدارة حتى يضمنوا فوزهم في الانتخابات، وفي أحد انتخابات الأندية قبل سنوات شوهدت بائعة شاي تصطف للتسجيل في عضوية النادي رغم عدم إلمامها بكرة القدم وحراكها التنافسي، وأخيراً حملت الأنباء نية الأستاذ صلاح إدريس الترشح لرئاسة نادي الهلال من جديد، وكان الأستاذ صلاح قد استقال من رئاسة النادي بحجة الترشح لرئاسة الاتحاد العام، غير أن تلك الاستقالة لا يمكن النظر إليها بعيداً عن المشكلات المالية العديدة التي واجهت إدريس في تسيير النادي ومعظمها تتعلق بمستحقات لاعبين، بالإضافة إلى الصرف الكبير والمرهق الذي تحمَّل جله بنفسه، وكان عدد لا يُستهان به من محبي النادي وأقطابه وإعلاميون يرون أن استقالة إدريس كان ينبغي أن تكون مسبباتها تتعلق بعجزه عن إدراة النادي على الوجه الأمثل، إذ كان عليه أن يعلن إخفاقه في حل العديد من القضايا الملحة، وعن وصوله إلى «الميس» الأخير في رحلته الإدارية للنادي بعد تدني لياقته إلى أدنى مراتبها. لكن بالطبع من الجحود والظلم إذا اعتبر أي مراقب أن تلك الرحلة المليئة بالأشواك والمطبات الإدريسية يخلص حصادها والإخفاق المطلق في كلمة واحدة، فالأستاذ إدريس لم يبخل بماله وأنفق عدة مليارات من الجنيهات «بالقديم» لتطوير النادي وحقق العديد من المنجزات الرياضية في عهده، لكن رغم تلك الصفحات الناصعة في عهد الأستاذ صلاح إدريس إلا أن عهده اتسم بالعديد من السلبيات التي من شأنها أن تعرقل مسيرة انطلاق النادي أو تبطئ على الأقل وثبته المنشودة، ويبدو أن تحمل الأستاذ إدريس لقدر كبير من ميزانية النادي الباهظة جعل كثيراً من المراقبين يعتقدون أن ثمة رابطاً دائماً بين الإنفاق وبسط القرار الفردي، بل أن أكثر المنفقين في الأندية في عالمنا الثالث يرون أن كفالتهم المالية الكاملة على النادي الذي يديرونه تعطيهم حق القوامة الإدارية على النادي، وإن لم يشعروا بذلك، وهو أمر يعزز المركزية الآحادية ويضرب المؤسسية في مقتل، ويحول أعضاء النادي إلى كومبارس، وهو أمر لا نستطيع أن نجزم بحدوثه في نادي الهلال، لكن الثابت أن إدارة الأستاذ إدريس كما يرى الكثيرون تفتقد المؤسسية المطلوبة، كما أنه أقحم النادي في صراعات متعددة يرى أكثر المراقبين أنها متوهمة أو على الأقل مبالغ في رد فعلها، كما أن أسلوب إدارته المالية مع اللاعبين ربما بسبب القوامة المالية بدت وكأنها علاقة فردية مع مؤسسة خاصة يحكم العلاقات فيها الرضاء والمزاج والتفاعل الشخصي، وهو أمر يرجعه البعض إلى هروب بعض اللاعبين المميزين من النادي في تلك الفترة مثل هيثم طمبل والمحترفين النيجيريين كلتشي وقودوين، كما أن الصرف الكبير على نادي الهلال يبدو أنه أرهق بالفعل الأستاذ إدريس، فهو قد اعترف أن ستة على الأقل من اللاعبين لديهم مستحقات بطرف النادي آنذاك، وكانت إحدى الصحف قد أوردت إبان عهد إدريس أن اللاعب الدعيع لم يتقاض مليماً واحداً منذ تسجيله في النادي على حد قول الصحيفة، لكنه عاد وتم تسجيله في أهلي شندي وهو ليس بعيداً من الأستاذ صلاح إدريس، ولهذه الأسباب فإن «جكة» الأستاذ إدريس الطويلة والمضنية في نادي الهلال تحتاج إلى لياقة جديدة نحسب أن استرجاعها غير ممكن في هذه الفترة، فضلاً عن أنها تحتاج إلى عدة تغييرات لا نظن أن الأرباب سيلتفت إليها ابتداءً.. وعليه لكل هذه الحيثيات نقول للأستاذ إدريس استرح من فضلك وجزاك الله خيراً.