تتداول فينا الأيام ونحن من حال كنا فيه الى حال صرنا إليه لا نملك غير الصبر والايمان بقضاء الله الذي لا راد له. ومن ثلاث سنوات خلت لزمنا حزن لم نألفه وصحبناه هوناً لكي لا ينفلت ونحن وراءه ولا ندري الى اين بعد ذلك. ونفاجأ كيف هي طبيعتنا في الحزن يخترقنا عميقاً ويزيد.. كيف أننا نصمت أمامه وكيف نحتمل هذا الصمت ونستغرب.. كيف تتمرد تلك القطرات وتبللنا ولا تبالي ..! ونحزن وينقطع منا الهواء وينطبق الصدر ونعود .. وهذه بشريتنا تناوشنا هماً وكدراً حيناً وفسحة من أمل حيناً آخر . وقلنا حينها في حزن أصابنا، جعلنا ندرك أنه كم من السنوات توضع فوق أعمارنا ونكبر في ساعة حزن عمراً فوق أعمارنا ويزيد، وكيف في لحظة تنهد الدنيا فوق رؤوسنا وأمام ناظرنا ولا نأمل شيئاً لكنا نعود، أية قوة تسحبنا وترجعنا سبحانه لطيف خبير.. ونذهل كيف كنا نسير في هذه الدنيا وفينا ببعض جهل وبعض سذاجة وبعض عفوية وكثير أمان للدنيا!! وأدركنا أن علينا لا نأمن للأيام فبقدر روعتها يكمن فيها ألم عظيم وعلينا ألا نغفلها ولا نتجاوزها لا فرحاً ولا أملاً غير حذر.. وكلما تذكرنا فرحنا بالأيام وذلك الأمل الممتد والساذج ندعو الله أن لا نعود له أبداً وأن نعي درسنا جيدا، ًوأن نعلمه صغارنا أن دوام الحال من المحال وان ايامك تمضي ولا تعود وان من هو فى معيتنا اليوم قد لا يكون بجوارنا غداً.. وعلينا تقبل ذلك كما علينا التمسك بتلك الذكرى وذلك الأثر الذي لا ينفك يحوم حولنا ونرضى ونسعد حتى بالذكرى بعد ان كانت واقعاً بيننا يوماً لكنه لم يطل البقاء ورحل .. فلتبق تلك الذكرى وذلك الحضور.. فنحن لا نختار الحزن أن يأتي لكنه يأتي ولا الذكرى ان تبقى لكنها تفعل.. ومع بقاء حزن الغياب والذكرى نتمنى ان نتعلم جيداً كيف نتزود بالحضور دسماً معنوياً وذهنياً يكون لنا سنداً حينما تفجعنا الايام! إلهي نسألك قوة فى كل يوم تزيد، ونسألك صبراً لا ينفد ووعياً لا ينقص وقرة عين لا تنقطع وأملاً لا يموت.