بداية تطبيق إستراتيجية الحلف المحيط الإسرائيلية في السودان؟ { الأهداف والوسائل: أ/ إضعاف الوجود العربي المسلم في إفريقيا: 1 إما عن طريق إبعاده. 2 أو عن طريق إبادته. 3 أو عن طريق إحلال العنصر الزنجي في مناطقه جغرافياً: أ/ عن طريق خلف حروب حل الأرض. ب/ عن طريق النعرات القبلية والإثنية. ج/ عن طريق التهويد والتنصير. 4/ إبعاد الدعوة الإسلامية من إفريقيا باعتبارها مناطق وثنية. أ/ ويتم الإبعاد بالطرق التالية: 1 الاغتيالات كما حدث ذلك في جبال النوبة والنيل الأزرق وجنوب السودان «قتل أئمة المساجد». 2 تحويلهم وتخويفهم عن طريق الإكراه والمال. 3 استخدام سطوة القبيلة في إرجاع وردع الذين خرجوا من دياناتهم. لا غرو أن قلنا إن الدين الإسلامي يجد اهتماماً شديداً في الفكر الإسرائيلي، وتميزه إسرائيل بأنه عقيدة عدائية وأخذ أهميته من هذا المنطق بأنه هو الزاوية التي يرتكز عليها وينطلق منها عداء إسرائيل للعرب وينظر إليه في الفكر السياسي الإسرائيلي على أنه يغذي الصراع من خلال مداخل أربعة هي: 1 ءن الدين الإسلامي مصدر كراهية إسرائيل للعرب. «راجع السيرة النبوية» 2 إن تأسيس الفكر اليهودي يناقض الفكر الإسلامي. 3 الإسلام ومن أجل وحدته يربط القضية الفلسطينية بالأمة الإسلامية. 4 الجهاد في الإسلام مصدر من مصادر النصرة والتعبئة للمسلمين ضد إسرائيل. هذه المرتكزات تناولها العديد من الكتاب والمفكرين الإسرائيليين في كتباتهم منهم يهوشع بوران وشيمون شامير ويهو شافاط وهاركابي شموئيل. حيث تربط هذه الكتابات والأفكار بمعتقدات مغرضة للفكر الإسلامي وبمحاولات المفكرين الإسرائيليين الجادة لحل هذه المعضلة وزج بها ضمن عوامل المتغير في المجتمع الإسلامي والعربية عامة وبشمول هذه الأفكار.. نجد أن السودان ظل خارجاً وبعيداً عن الصراع العربي الإسرائيلي منذ عام 1948م.. بل ظل بمنأى عن الأهداف الإسرائيلية حتى عام 1967م وهو العام الذي عقد فيه مؤتمر القمة في الخرطوم والذي عرف بمؤتمر اللاءات الثلاث ثم حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية.. ويعتبر السودان بحسب موقعه الجغرافي خارج دول الطوق الأمني الإسرائيلي.. أو دول الدعم.. حتى أثناء حملة قاديش على مصر والعدوان الثلاثي عام 1956م ولا أثناء حرب الأيام الستة عام 1967م إضافة إلى ذلك السودان لم يدخل في مواجهة مع إسرائيل لا سياسياً ولا اقتصادياً.. وعندما بدأت اسرائيل خطتها لفك الحصار وانتشارها وتغلغلها في الدول الإفريقية ويتزامن ذلك مع بداية استقلال السودان. فقد التزم السودان دور الحياد ولم يعترض سبيل إسرائيل وفي ذلك الوقت بدأت إسرائيل تطوير شبكة علاقاتها مع الدول الرئيسة في افريقيا مثل اثيوبيا في عهد الإمبراطور هيلا سلاسي ثم يوغنده وكينيا في عهد جومو كينياتا.. ووفقاً لتطور الأحداث في الساحة العربية وما أجرته اسرائيل في خططها حيال الدول العربية وضرورة اختراق جدارها الأمني «الأمن القومي العربي»، ولا سيما ما بعد اتفاقية كامب ديفيد.. أن السودان بموقعه الجغرافي في قلب القارة وموقعه المميز وعمقه الإفريقي العربي وثرواته ووجوده الفاعل في السياسة العربية والإفريقية وفي كل المحافل في الصعيدين العربي والإفريقي.. انتبهت إسرائيل للدور الذي يلعبه السودان في المجموعتين العربية والإفريقية في السلم والحرب.. ولقد أعلنت إسرائيل نواياها ضد السودان نهاراً جهاراً في المحاضرة التي ألقاها وزير شؤون الأمن الداخلي الاسرائيلي «شاميئر آڤي دختر» والتي كشف فيها عن حقيقة ما يجري في السودان وعن الدور الاسرائيلي في الساحة السودانية.. حيث أعلن بدء حراكه ضد السودان منذ بواكير استقلال السودان وجاء الوقت المناسب لاعلان ذلك وهي ضمن استراتيجية «الحلف المحيط» المرتبطة ارتباطا وثيقا بالعمق الأمني الاسرائيلي ومصالح اسرائيل الحيوية وأنها قد حققت هدفها الأساسي بعد رصد ومتابعة وجمع معلومات بسرية تامة وعلى نار هادئة منذ عام 1956م وهو تفتيت السودان جغرافياً وسياسياً واقتصادياً ومنعه من أن يصبح دولة مستقرة تستطيع ان تنمي قدراتها باستغلال مواردها فتصبح دولة إقليمية مؤثرة في محيطها الجغرافي، وتشكل رصيداً داعماً للقضايا العربية في محيطها العربي والإسلامي والمتابع لقيام بؤر النزاعات ومناطق الحركات المناوئة للدولة من متمردين تم توزيعهم بطرق جهوية وعنصرية وقبلية حددت أدوارهم وفقاً لمخطط وفر لهم غطاء جيدا من مال وآليات وسلاح وحركة اتصال خارجية تتمتع بقدرة إعلامية.. وما حققوه حتى الآن يعتبر نجاحات أبقت السودان غارقاً في الأزمات ومنعوه من تنمية موارده ليصبح دولة قوية اقتصادياً وعسكرياً.. كما حرضوا الجهويات بدعوى التهميش رافعين شعار الديمقواطية العلمانية ليعيدوا إنتاج الأزمة مرة أخرى في دارفور وكادقلي والنيل الأزرق، كما امتد تآمره ليشمل القبائل العربية. بنت إسرائيل شبكة علاقات قوية مع الدول الرئيسة في المنطقة مثل اثيوبيا.. أوغنده.. كينيا.. إلا انها جعلت السودان خارج هذه الشبكة.. إلا أن اجهزة المخابرات الاسرائيلية لها رأي آخر حول السودان واختلفت الآراء وتباينت حول وضعية السودان.. إلا أنها استقرت بوصف الخطر الذي يلعبه السودان يمكن باعتباره عمقاً إستراتيجياً لمصر وتوصلت الأجهزة الإسرائيلية إلى النظر للداخل السوداني لملاحظة ما يجري داخل السودان يمكن أن يطبق عليه ما تم في العراق.. وكان للوجود الإسرائيلي في الدول المحيطة بالسودان وخاصة إثيوبيا.. أوغندا.. كينيا.. وزائير مدخلاً مهماً وأساسياً لدور إسرائيل في السودان.. حيث أصدر بن غوريون أوامره إلى الأجهزة الإسرائيلية ومنها ما له أعوان داخل السودان أن تتولى الاتصال بزعامات القبائل وتخلق علاقات مختلفة معها «راجع كتاب العميد أمن موشي فيرجي: إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان.. فبدأت إسرائيل اتصالاتها بالدول الإفريقية المجاورة للسودان وفق سياسة ومخطط إستراتيجية «حلف المحيط» فأقامت علاقاتها مع 32 دولة في الفترة «1956 1972م» من بينها دول محيطة بالسودان وكانت البداية مع الزعامات الدينية في شمال السودان ثم دراسة قبائل الجنوب حيث استقر الأمر على اختيار قبيلة الدينكا باعتبارها أقوى قبائل الجنوب.. فاعتبرتها إسرائيل السند والمدخل الرئيس من أجل التغلغل في جنوب السودان فاستخدم الجنوب بهدف عدم استقرار المركز واستنزافه وبالتالي تفتيت وحدة السودان وفق إستراتيجية شد الأطراف وبترها، وتهدف إسرائيل من وراء كل ذلك التخلص من الهيمنة العربية والإسلامية في المنطقة، ولن يتأتى ذلك إلا بمحاصرة الأمن القومي العربي والإسلامي ومن ضمن امتداده السوداني والمصري وفق إستراتيجية حلف المحيط «أي إقامة تحالفات مع الجماعات الإثنية والدينية المعادية للعرب» مستخدمة في ذلك القضايا ذات المصالح المشتركة: مثل ورقة المياه.. يقول ديفيد بن غوريون الرئيس الأسبق لإسرائيل: «نحن دولة صغيرة ومواردنا وإمكاناتنا محدودة ولا بد من اختزال هذه المحدودية في مواجهة أعدائنا في الدول العربية من خلال معرفة وتشخيص نقاط القوة لديهم وخاصة العلاقات القائمة بين الجماعات والأقليات الإثنية والطائفية حتى نستغل هذه النقاط إلى درجة تحولها إلى معضلة يصعب حلها أو احتواؤها وكانت هذه أساس انطلاق عمل إسرائيل في السودان الذي يعتبر أكثر دولة تتجاذبها الجماعات الطائفية والقبلية.. كما بنت إسرائيل عملها في السودان وفقاً للأهداف التالية: أ/ العمل على تمزيق الوجود العربي والإسلامي في مناطق التداخلات الإثنية والقبلية ومثال لذلك: 1 دارفور وغرب كردفان. الصراعات المسلحة: الفور والعرب المساليت والعرب الزغاوة والعرب البني حسين القمر الميدوب التاما البرتي الرزيقات المعاليا الرزيقات المسيرية حمر المعاليا أولاد عمران الزيود أولاد سرور أولاد هيبان .. الخ. 2 الأهداف: إرغام العنصر العربي على هجرة إلى داخل السودان. القضاء على ثرواته وإجباره على النزوح. الارتماء في أحضان التنصير. الإبادة الجماعية. المواجهة بين القبائل العربية من أجل التراب والنعرات القبلية بلغ جملة الوفيات بالتقريب نحو 500 750 ألف شخص عربي لاقى حتفه من جراء هذه الصراعات. 3 استمرار هذا العداء حتى بالنسبة للأجيال القادمة. ولقد بدأ هذا المخطط يتمدد بعد أن أثبت فعاليته في كل من دارفور وغرب كردفان وجنوب كردفان والنيل الأزرق بدأت ملامحه تظهر في شرق السودان وكسلا.. وسوف نتناول ذلك بالتفصيل في الحلقات القادمة.