** كان قلب عنترة قد توقف ، إثر الطعنة اليهودية النجلاء ، ولكنّ شيئاً ما ، في عنترة ، كان يأبى أن يموت : ذاكرته..!! تذكَّر عنترة ، في تلك اللحظة بالذات ، تلك المفارقة الهازلة ، بين قانونين: · قانون النسب عند اليهود · وقانون النسب عند أهله العرب.. · اليهودي ، هو كل من أنجبتهُ أُم يهوديّة · أما العربي ، فهو «كل من يقدِرُ على الإنتساب إلى أب عربي».. · ضحك عنترة ، وهو في البرزخ ، عندما تذكَّر حال أُمِّهِ المسكينة «زبيبة» معهُ .. و تصوَّر كيف كانت سوف تُربِّيهِ لو أنّها كانت يهوديّة !! · تذكّر حاله مع السيد «شدّاد» العبسي ، وكيف أنّهُ – عنترة – كان يستجدي أُبُوَّتَهُ استجداءً ، و يذرف أمامهُ الدموع ، حتى يُلحِقَهُ بنسبه الرفيع .. · أصابت عنترة – وهو في البرزخ – لوثة من التفلسًف ، فتساءل ، في «ديكارتيّة» حائرة : - أيُّ القانونين أكثر عِلميَّة ، و «عَمَلِيّة»؟؟ · و خرج من حيرته باحترام عميق لذكاء اليهود ، وباحتقار عميق لأخلاقهم .. · ذلك لأنّهُ تذكّر – أثناء تأمُّلاته – كيف استثمر اليهود الخبثاء ، قانونهم ، وقانون العرب ، معاً ، ليحكموا «الأُمّة الواحدة ، ذات الرسالة الخالدة».. · فاليهود أدركوا منذ القِدَم ، منذُ أن ( ضُرِبَت عليهم الذلّة والمسكنة ، وباءُوا بغضب من الله) ، أدركوا أنّهُ ليس بإمكانهم إنجاب رجُل محترم ، من أب يهودي ، ولكن من الممكن ، ببعض التخطيط الذكي ، إنجاب ذُ رِّيَّة مُحترمة ، من أُمّهات يهوديّات ، يحذِقن إغواء رجال «محترمين»!! · وكان «الرجال المحترمون» ، دائماً ، هم أُمَراء الدولة ، أو الدويلات ، أو «الطوائف» العربيّة ، إبّان مجد العرب ، وأحياناً كُبراء النصارى .. · تذكّر عنترة ، في برزخه ، كيف كان الأمير العربي المبجّل لا يعرف عدد إمائه و محظيّاته ، وقد لا يتذكّر أنّهُ رأى إحداهُنّ ، إلاّ عندما تأتيه مُبشِّرة بأنّها أنجبت لهُ (أميراً ) ذَكَراً ، من صلبه .. فيولِم الولائم ، ويُعتِق أُمّ الأمير ويجعلها سيِّدة القصر، ويُقرِّب أهلها وأهل ملّتها ، الذين ربّما استجدوا عاطفة صهرهم المهيب «بإعلان إسلامهم».. · ثم ينشأ الأمير ، بين أُم و أخوال يُعلِّمُونهُ الإحتفاظ بِنَسَبه الحقيقي ، في القلب ، وبين أب و أعمام يُعلِّمونهُ الإحتفاظ بِنسبه العربي ، في الخزانة واللسان !! · قال عنترة ، محدِّثاً نفسهُ ، إنّ هذا هو سِرُّ نجاعة «الولاء المزدوج» حتى اليوم ، في رعايا دولة إسرائيل ، بما فيهم بعض زعماء»قحطان» .. وسِرّ قُدرتهم على التكاثر حتى في بلدان لا يوجد فيها يهودي واحد .. · ولكن عنترة تساءل : دعك من العرب .. كيف استطاعت اليهوديات إقناع مسيحيِّي القرون الوسطى ، الذين كانوا يتقزّزُون من مجرّد سيرة اليهود ، بالزواج منهن ، أو حتى صداقتهن ؟؟!! · وسريعاً توصّل عنترة إلى الإجابة ، عندما تذكّر أنّهُ ، وبالصدفة ، كان قد اطّلع على نسخة من «التلمود» فعلم أن فقهاءهم يتّفقون على أن اليهودي المؤمن ليس هو الذي يُصلّي ويصوم ويختتن ، بل هو – حقّاً – الذي يُضحِّي بالأخلاق وبالقيم وبالشريعة الموسويّة ذاتها ، في سبيل «دولة إسرائيل الكبرى»!! و من أيسر تلك التضحيات ، إدِّعاء المسيحية أو الإسلام ، إلى حين .. · و تساءل عنترة في سره ، إذ كان معه في البرزخ بعض الملوك العرب القدماء ، تساءل : كم جارية يهودية مجاهدة بلغت مخادع الأمراء والملوك العرب ، خلال القرون العشرة الأخيرة ؟؟؟؟؟ - عييييييييييييييك · أطلق عنترة هذه الصرخة المندهشة ، فتلفّتَ الموتى ينظرون إليه بتوجُّس ، فقد كانوا يظنُّون أنّ الجنون داء دنيوي ..!! · عنترة لا يتقدّم بهذا التقرير إلى أيّة جهة ، وهو مستعد لأداء اليمين أنه لم يسمع بشيء اسمه «جامعة الدول العربيّة « ولا يعرف ما إذا كانت أُمُّها «يهودية « أم عربيّة ، لأنّهُ مات قبل أن تُنجبها أُمُّها ، وأنّهُ لا مانع لديه من تقديم طلب رسمي إلى السيد «شداد» العبسي ، ليمنحهُ (خلو طرف ) من النسب العربي ، والإلتحاق بأخواله الأحباش .. · أمّا عن الدين ، فعنترة يُضحِّي بكُلِّ ما يُسمُّونهُ ديناً ، في سبيل «الأخلاق» التي غضّ بسببها الطرف عن طريق جارته ، حتى توارت في قعر بيتها