لم ينتابنا أي إحساس بالقلق أو الخوف ونحن نتوجه إلى قرية «ناوا» بوحدة دنقلا العجوز التابعة لمحلية القولد بالولاية الشمالية,لطالما كثرت الأقاويل حول الاسطورة التي كانت ترعب كل من يزور القرية ليلاً وهي أسطورة وجود «السحاحير» بالقرية,ويفصل نهر النيل قرية «ناوا» عن مدينة القولد وهي بالضفة الشرقية للنيل.. ورغم أننا وصلنا القرية عصراً إلا أن الليل أدركنا ونحن بها.. غير أن مبعث عدم الخوف ناتج عن كوننا أن الزيارة هذه لم تكن هي الأولى لهذه القرية والتي زرناها لمرات عديدة مع شيء التوجس والخوف غير أن ذلك الخوف تلاشى بتكرار الزيارات وتلافي مثل هذه «الخرافات»..وقرية «ناوا» هي التي شهدت نبوغ «اثنين» من تلاميذها تمكنوا من المنافسة على أوائل الشهادة السودانية من الولاية الشمالية فلم يكن التفوق مصادفة ولم يأت النجاح عبطاً حيث شهدت القرية تفوق الطالبة « إهداء احمد كنه» والتي جلست من مدرسة «المتفوقات بدنقلا» بإحرازها لنسبة «94.6»,متبوئة المكرز رقم «47» على مستوى طلاب الشهادة السودانية وهي الأولى على مستوى طلاب الولاية الشمالية,كما تفوقت زميلتها الطالبة «سماح ساتي عبادي جد المية» بإحرازها لنسبة «94.1» والتي جلست من مدرسة «امنتجوا» الثانوية بمحليه القولد,متبوئة المقعد رقم «81» بين أوائل الشهادة السودانية وهي الثانية على مستوى طلاب الولاية الشمالية.. وكعادة السودانيين فقد امتلأ المنزل بالمهنئين الذين تقاطروا لمباركة النتيجة المشرفة. وأوضح مدير التعليم الثانوي بمحلية القولد آدم ميرغني في الاحتفال العفوي الذي أقيم بمنزل المتفوقتين بعد أن قدم التهنئة للطالبتين ولأسرتيهما، أن هذا التفوق يعتبر أول سابقة بأن تتفوق طالبتان من قرية واحدة على مستوى الولاية الشمالية مشيداً بنهج معتمد القولد والمتمثل في تشجيع التحصيل العلمي بإعلانه لجائزة التفوق في امتحانات الشهادة السودانية وهي أداء لمناسك العمرة للمتفوق ومن يرافقه، من جانبه أوضح معتمد القولد أمير فتحي محمد.. تمسكه بالعهد الذي قطعه مع طلاب الشهادة السودانية بإعطاء تذكرة سفر عمرة لمن يحرز المركز الأول على مستوى محلية القولد شريطة أن تتجاوزالنسبة ال«90%» فما فوق,وأضاف «ان لكل إنسان من اسمه نصيب وان الطالبة «إهداء» أهدت محلية القولد هذا التفوق بتبؤها المركز الأول على مستوى طلاب الولاية الشمالية,مؤكدا تشاوره مع حكومة الولاية لمنحها جائزة نظير هذا التفوق ,مشيراً إلى أن الطالبة«سماح ساتي»,المتفوقة الثانية أدخلت محلية القولد التاريخ بمثل هذا النجاح الكبير وهي تمتحن من مدرسة حكومية ولم تتلق كورسات مكثفة في المدارس الخاصة مطالباً بتحقيق مزيد من النجاح,معلناً تذليل كل العقبات فيما يتعلق بتهيئة البيئة التعليمية بالمحلية.. من جانبه أوضح الأستاذ احمد كنه والد المتفوقة الأولى ان التعليم يحتاج إلى إخلاص وبذل الجهد شاكراً وزارة التربية وإدارات التعليم بالولاية الشمالية والمعلمين لما يبذلونه من مجهودات تجاه الطلاب، مؤكداً انه لولا أداء كل فرد في العملية التعليمية لدوره لما كان هناك نجاح أو تفوق ,موضحاً ان الأسلوب الأمثل في العملية التعليمية بالشمالية هو الذي مكن هؤلاء التلاميذ من الجلوس على مقعد المتفوقين..من جانبه فقد أوضح الأستاذ ساتي عبادي والد المتفوقة الثاتية,ان إعلان مثل هذه الجوائز يعطي تحفيزاً ودعماً معنوياً للطلاب للمنافسة الشريفة مؤكداً علو كعب محلية القولد بتفوق أبنائها رغم الظروف التي تواجههم، بالمقارنة مع طلاب المدارس الخاصة وغيرها.. إلى ذلك فقد شكرت الطالبة «إهداء» كل من وقف إلى جانبها حتى حققت التفوق، وأوضحت «إهداء» في حديثها ل«الإنتباهة» ان رغبتها في الدراسة تتجه نحو دراسة الطب.. كما وافقتها زميلتها «سماح» نفس الرغبة، لتتفوق دراسة الطب على بقية الرغبات خاصة لأوائل الشهادة السودانية، وأوضحت «سماح» ان هذا التفوق جاء نتيجة لوقفة الجميع إلى جانبها من معلمين وادارة مدرسة وادارة تعليم وأسرتها وغيرهم ممن يهتمون بالعملية التعليمية. ورغم إحرازها للمركز الثاني بالشمالية إلا أن الطالبة «سماح ساتي عبادي»، قد فازت بجائزة معتمد القولد أمير فتحي «للتفوق العلمي في امتحانات الشهادة السودانية بمحلية القولد»، باعتبارها قد إمتحنت من مدارس محلية القولد.. وهي الجائزة التي أعلنها معتمد القولد العام الماضي لتشجيع التحصيل العلمي، وتعتبر الجائزة هي الثانية لطالبة أحرزت التفوق المطلوب. عموماً تبقى نتائج الشهادة السودانية لها وقعها الخاص في نفوس الأسر السودانية بمختلف فئاتهم.. غير أن «تلفزيون السودان» وكعادته افسد على الجميع متعة المتابعة والمشاهدة بانقطاع الإرسال مره تلو أخرى أثناء إذاعة «المائة الأوائل» رغم الترويج الكبير الذي سبق عقد «المؤتمر الصحفي للنتيجة»، غير أن الأغرب في الأمر هو ثبات الإرسال عندما كان التلفزيون يبث «الإعلانات» المتكررة للمدارس الخاصة، ما جعل المتابعين يضعون علامات استفهام كبيره لما يحدث أمامهم .