عجيب أمر ما يجري.. وأعجب منه أن تدري!!! برامج الفضائيات عندنا في السودان تتشابه... ليس في محتوى برامجها وليس في طريقة تقديم تلك البرامج وليس في ديكوراتها العجيبة.. ولكنها تتشابه في المذيعات اللائي يقدمن تلك البرامج. فكل المذيعات عن بكرة أبواتهن «إلا من رحم ربي» «هنّ ليسن هنّ» . يتسربلن بالمساحيق والكريمات فتختفي شخصية المذيعة تحت شخصية أخرى منتفخة الأوداج، بيضاء فاقع لونها...الثياب المطرزة تكاد تقفز من داخل الشاشة مع دهشة الزوجات المشاهدات اللائي ينخرطن في حساب عدد الثياب التي ظهرت بها المذيعات خلال ذلك الأسبوع ويتنهدن بحسرة. ستدخل في قضية خاسرة من بدايتها لو حاولت أن تقنع تلك المذيعة التلفزيونية أو هذه أن تتخلى عن ذلك اللون الطباشيري والبشرة الطباشيرية التي تكسي بها وجهها تحت طبقات وطبقات من البودر والكريمات والرسومات حتى بدت كأنها قطعة من تلك المانيكانات التي يضعها ذلك الرجل أمام محله في شارع الموردة على عربة بوكس يحوم بها شوارع العاصمة. قال لها الطبيب : هذه الكريمات التي تجعل بشرتك تبدو نضرة وبيضاء وتجعلك محط أنظار الآخرين وتعطيك جواز مرور للفضائيات في آخر الأمر ستسبب لك فشلاً كلوياً. قالت: كم سأبقى نضرة في أنظار الآخرين؟ قال: ربما عشر سنوات. قالت: وكم سأبقى مصابة بالفشل الكلوي قبل أن يقضي عليّ؟ قال: ربما ثلاثة أعوام. قالت: إذاً فالمعادلة في صالح الكريمات. وفتحت حقيبتها وتناولت كريم تفتيح البشرة. ولكن لماذا تغيّرت سحنة مذيعاتنا من الفتيات النضرات إلى فتيات يتوارين خلف أقنعة موتى تشع منها رائحة الموت والشمع والتحنيط؟ لقد توارت المرأة التي خلقها الله سبحانه وتعالى في أحسن تقويم ؛ لتفسح المجال لامرأة مجمعة تلفزيونياً، ذات رموش صناعية من تايوان، وأظافر بلاستيكية من هونج كونج، وشعر مستعار من إندونيسيا، وعدسات لاصقة بألوان تتفق مع ألوان الشعر والفساتين من ألمانيا… وبعملية حسابية ستجد أن هناك 70% تجميع و30% حاجات ليس هناك داعي لذكرها. ألم تلاحظوا أن كل فتيات الفضائيات نسخ مكررة من بعض وخاصة بعد أن دخل عنصر الباتوك في نفخ الشفاه وتوريم وتوريد الخدود وتشكيل الصدور؟.. هذه المرأة المجمعة تلفزيونياً هي هدف القنوات الفضائية وتقف خلف هذه الضجة الإعلانية صناعة ضخمة تجد سوقاً رائجة لمنتجاتها في الأوساط النسائية المتحضرة… بالأمس شاهدت برنامجاً تلفزيونياً بثته إحدى الفضائيات وقدمته إحداهن. ولزمن قريب كانت مقدمة البرنامج من بنات جلدتنا... لها ذات لون بشرتنا الداكن.. وشعرنا الأسود «دا كان زمان بالنسبة لي على وجه الخصوص» وعيناها سوداوتان غريقتان في لون نتجاوز فنقول إنه أبيض. في البدء لم أعرفها.. أطلت «بنيو لوك» أصفر وشعر أصفر وعدستان بين البني الغامق والمحيط الخمري ووجه مستدير استدارة ليست من عافية ولكنها استدارة تعرف باستدارة«الموون فيس» أي الوجه القمري وهذه لا تحدث وبهذه السرعة إلا لمن يستعملن مركبات الكورتيزون وقد لاحظها الأطباء في وجه المستر جورج بومبيدو الرئيس الفرنسي الأسبق في آخر أيامه عندما كان يتعالج من مرض السرطان. ولكن ما هي الرسالة التي نريد أن نوصلها لبناتنا على وجه العموم؟ نواصل. آخر الكلام: دل على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشتر ولا تهد هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سن الفيل، وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا. ولكي تحافظ على تلك الحياة الغالية لا تتكلم في الموبايل وأنت تقود السيارة أوتعبر الشارع.