فتحية موسى السيد: يشهد إقليم دارفور منذ العام 2003 مواجهات مسلحة بين الحكومة وحركات متمردة اختارت حمل السلاح كوسيلة لتنفيذ مطالب تتعلق بالتنمية وعدالة توزيع السلطة، حيث جرت مفاوضات ماراثونية بوساطة قطرية انتجت توقيع اتفاق الدوحة في العام 2011 بين الحكومة وعدد من الحركات التي اندمجت تحت مسمى «حركة التحرير والعدالة» ولحقت بها فصائل أخرى، إلا أن بعض الفصائل ما زالت تتمسك بحمل السلاح في وجه الحكومة، وأعلن بن شمباس أن الحكومة سحبت قوات الدعم السريع من العمليات الجارية في دارفور، مؤكداً انحسار المواجهات العسكرية المسلحة بين القوات الحكومية ومناوئيها المسلحين خلال الأشهر الماضية. أحد عشر عاماً من الصراع أدت الصراعات المجتمعية بين المجموعات القبلية التي تتنافس على الموارد وما زالت مستمرة في العديد من مناطق دارفور، الى انعدام الأمن والأعمال الإجرامية وتقييد حركة المواطنين وبعثة اليوناميد بواسطة القوات الحكومية والحركات المسلحة ومجموعات متفلتة، التي تشكل تحدياً أمام تنفيذ تفويض اليوناميد ويُعيق أنشطة الوكالات الإنسانية، وقال رئيس بعثة اليوناميد في احاطته لمجلس الأمن يظل الوضع الإنساني في دارفور عقب أحد عشر عاماً من الصراع كئيباً ورهيباً. الجدير بالذكر أن ما يقارب «30%» من سكان دارفور نزحوا من أراضيهم وبيوتهم وتناثروا في معسكرات النزوح، وفي ظروف مشابهة لها في العديد من مناطق دارفور وهنا تكمن أهمية الحل السياسي و لا يمكن فصله عن الجهود الإنسانية. وشدد رئيس البعثة على أن جهود اليوناميد ما زالت متواصلة في توفير الحماية الفعلية للمدنيين وتيسير إيصال المعونات الإنسانية لهم، ولاولئك الذين لاذوا بها طلباً للحماية حول مواقعها الميدانية عند تعرضهم لخطر الهجوم بالتعاون مع فريق الأممالمتحدة القطري بالسودان، منوهاً الى ان البعثة تقدم الدعم الفني لمبادرات الصلح المحلية، و أن دعم اليوناميد ساعد في بعض الأحيان على منع وقوع النزاعات القبلية العنيفة أو تقليل حدتها وخسائرها وسط السكان المدنيين. لقاء المتمردين مع الحكومة في خطوة جديدة دفعاً لعجلة السلام في دارفور، أعلن رئيس البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي «يوناميد» محمد بن شمباس، عن الترتيب لاجتماع مشترك بين الحكومة والحركات المتمردة في مكان يتراضى عليه الجميع برعاية الوساطة الأفريقية والأممالمتحدة ودعم من مجلس الأمن الدولي، وقال بن شمباس في مؤتمر صحفي بالخرطوم امس الاول إنه اتفق مع رئيس الآلية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي ثامبو أمبيكي والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة هايلي منكريوس، على استقصاء إمكانية تنظيم اجتماع تحضيري بأسرع ما يمكن يضم ممثلين للحركات المسلحة والحكومة. وتوقع بن شمباس أن يخاطب الاجتماع استقصاء سبل مخاطبة الوضعين الإنساني والأمني في دارفور، والتفاكر حول إمكانية سد الفجوة بين الأطراف والمضي قدماً نحو تحقيق تسوية شاملة للصراع في دارفور. مشيراً الى نزوح «380» ألفاً من مواطني إقليم دارفور منذ بداية العام 2014م بسبب النزاعات القبلية، وقال إن النزاعات القبلية باتت من المهددات الرئيسة لأمن وسلامة المواطنين وعمال الإغاثة في دارفور، مشيراً لانحسار المواجهات المسلحة بين الحكومة والمتمردين بالإقليم. الاستماع لصوت العقل هناك توافق واسع على أن الدعوة للحوار الوطني الذي ابتدره الرئيس البشير، يمثل فرصة لحل أزمة دارفور وغيرها من الأزمات في السودان. وأشار الملك ادم يعقوب ادم في حديثه ل«الإنتباهة»، على الحركات المتمردة الاستفادة من فرصة الحوار الوطني المطروح دون استثناء او اقصاء لاحد، داعياً الحكومة لاتخاذ الترتيبات الأمنية اللازمة لضمان مشاركة هذه الحركات في الحوار، خاصة بعد تعزيز الحوار المجتمعي الاخير لمواصلة الحوار الوطني بمشاركة كافة فعاليات المجتمع المدني، وقال الملك يعقوب بإن الحوار الوطني المقترح يمثل مبادرة تستحق الدعم والمشاركة من قبل جميع المواطنين و الحركات المتمردة، من أجل بداية صفحة جديدة خاصة بعد تردي الوضع الأمني والمجتمعي العام في دارفور والعوامل التي تعيق عملية السلام والاستقرار في الاقليم، وأكد الملك جدية الحكومة في انهاء الصراع في الاقليم الذي عانى كثيراً من ويلات الحرب والاقتتال، مناشداً الحركات المسلحة الاستماع الى صوت العقل من اجل المصلحة العامة وانسان هذا الاقليم، موضحاً ايضاً دعم مجلس الأمن الدولي وجهوده في العمل مع الآلية رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي، وفي إيجاد سبل التعاون التي تتيح لاتفاق الدوحة للسلام في دارفور ليصبح داعماً لعملية الحوار الوطني المستقل والسيادي، مؤكداً أن الوضع الإنساني في دارفور بالحال التي هو عليها، متمثلاً في نزوح ما يقرب من ثلاثين بالمائة من سكانها عن ديارهم وتشتتهم سواء في معسكرات النازحين أو عيشهم في ظروف مشابهة، يؤكد على حتمية التوصل لحل سياسي يدعم فعالية الجهود الإنسانية المبذولة، وأن التحدي الذي يواجه المجتمع الدولي هو الضغط على كافة الأطراف المعنية بنزاع دارفور، وإقناعها بأن الحل العسكري والإبقاء على الوضع القائم هو أمر عديم الجدوى.