«أصدق الرؤيا قائلة النهار خاتمة الليل أكذبها زمان الشتاء مجيء المطر» هذا ما قاله شيخ معبري الرؤيا ابن سيرين رحمه الله الذي يستند إلى علم شرعي وبصيرة وضاءة والذي يعتبر مرجعية في هذا العلم، لكن أصبح تفسير الأحلام في الفترة الأخيرة في بعض الفضائيات العربية مدعاة للتكسب وجذب المشاهدين للشاشة وبالتالي زيادة حصة الإعلان بالإضافة إلى الدخل الكبير الذي تجنيه هذه القنوات من ريع الاتصالات الهاتفية من المواطنين الذين يعرضون رؤاهم لمفسري الرؤيا، وبالطبع هم يتعاملون بثقة في الإجابات التي يتلقونها من مدعي التفسير، فإذا كانت تبشر بالخير الوفير والثراء القادم فهم يتهللون سروراً ويتعلقون بأهداب الأمل الذي لا يتحقق في غالب الأحيان، وبعضهم قد يحذر من شر مستطير يحاصره ويسد عليه الطرق في حين أن جل حياته قد تكون يسراً وسعة في الرزق، كما أن هذه القنوات الانتهازية تسببت بهذه البرامج المضللة في العديد من الأزمات الاجتماعية داخل الأسر، فقد ذكر أحد المصادر الإعلامية العربية أن زوجة طلبت الطلاق من زوجها ربما لأن معبِّر الرؤيا بشرّه بالزواج من إحدى الحسان البكر مع أنه قد يكون يعيش على الكفاف ولديه جيش من الأبناء وأنه من الصعوبة إن لم تكن الاستحالة أن توافق عليه ست الحسن والجمال وذات المال الوفير بحسب أدبيات شيوخ «الأحلام»، لكن بالطبع فإذا رأى أحدهم رؤيا تعبيرها هو زوال حكم السلطان في تلك الدولة فإن مفسر الأحلام سيقول للسائل «هذه يا أخي أطغاث أحلام وكان عليك أن تتفل ثلاثاً ثم تستعيذ من شرها ثم تحوِّل مرقدك إلى الجنب الآخر وإن شاء الله لن يصيبك منها سوء». كما أن بعض المفسرين للرؤيا الفضائيين يبدو أنهم فسروا لأحد السائلين رؤيا بأنها تعبِّر عن تجسس أحد الزوجين على الآخر ولهذا فإن الشيخ د. عبدالعزيز الفوزان المشرف العام على موقع «رسالة الإسلام» وعضو الجمعية الفقهية السعودية، ذكر أن جهلة من مفسري الأحلام دخلوا مجال تعبير الرؤيا دون تأصيل شرعي، وأفسدوا على الناس حياتهم، وأن بعض التطبيقات التي تمارس الآن شوهت تفسير الأحلام، مطالباً الجهات المسؤولة بإيقاف كل من يستغل الدين ويبتز الناس بتفسير الأحلام. وحث الفوزان مفسري الأحلام أن يتقوا الله في تفسير الأحلام التي تتعلق بالقضايا الزوجية والطلاق والتجسس بينهم، كما أنه يجب على المفسرين العارفين والمشهود لهم أن يصححوا مفاهيم الناس. وبيّن أن على الناس عدم الاتصال على برامج تفسير الأحلام التي تبتز الناس ولا على جهلة المفسرين، مشيرًا إلى أن بعض الناس كانت ردة الفعل لديه بعد ابتزازه خطأ زاد على خطأ آخر وذلك بإنكار تفسير الرؤيا أو إنكار الرقية الشرعية، وفي مداخلة هاتفية في برنامج ساعة حوار في قناة المجد في وقت سابق تلقى البرنامج اتصالاً من شخص اسمه محمد الراشد، طلب من المخرج تغيير صوته لكي لا يعرف، وقال إنه كان موظفاً في إحدى القنوات التي تعرض برامج لتفسير الأحلام لساعات متواصلة، وأن القناة حققت مدخولات هائلة في الشهر الواحد، حيث بلغت في أحد الأشهر ما يقارب 600 ألف ريال من اتصالات لتعبير الرؤيا، بسبب ارتفاع سعر الاتصال حيث تبلغ عشرة ريالات للدقيقة الواحدة، كما قال الشيخ يزيد الفياض في مداخلة هاتفية في نفس البرنامج في إن بعض مفسري الأحلام لديهم ضعف في العلم الشرعي. أخيرًا عزيزي القارئ هل تنام ملء جفونك بعد أزمة السكر وارتفاع اللبن واللحوم والخضروات والمصاريف المدرسية والجامعية، فنصيحتي لك أن لا تذهب برؤياك هذه إلى تلك الفضائيات فربما أوصلتك إلى المصحة أو كتابة الشعر أوالرقص أو قلب الهوبا على طريقة المبدع لاعب الهلال مهند الطاهر من فرط الفرح والحبور والسعادة التي تطرق الأبواب.