احتج المجلس التشريعي لولاية الخرطوم على خلفية استدعاء رئيس البرلمان د. الفاتح عز الدين في وقت سابق، نائب والي الخرطوم المهندس صديق محمد علي لمساءلته حول تداعيات الأمطار والسيول وأثرها على تردي البيئة في الولاية، وجاء الاحتجاج عبر مذكرة بعث بها الأستاذ محمد الشيخ مدني إلى د. الفاتح أبان فيها أن الاستدعاء مخالف للمادة «91» من دستور جمهورية السودان للعام 2005، التي نصت على اختصاصات البرلمان ومجلس الولايات والهيئة التشريعية القومية وأشارت بأن حكومات الولايات خارج اختصاصه حيث يختصر فقط على الوزراء الاتحاديين فقط، كما أشارت المذكرة أن الاستدعاء يخالف المادة «26» من الدستور الانتقالي التي اشارت إلى الروابط بين مستويات الحكم، بحيث لا تتغول أي منها على صلاحيات أو وظائف الأخرى. بالطبع أن مذكرة المجلس التشريعي لا غبار عليها بل مطلوبة، وإن تأخرت نوعاً ما لكن الغريب بالطبع هو أن د. الفاتح عزالدين رئيس البرلمان القومي الذي سارع باستدعاء نائب والي الخرطوم عن كوارث السيول والأمطار والتقصير الذي صاحبها، هو نفسه الذي أبدى في بداية هذا الشهر عدم رضائه من طلبات الاستدعاء للوزراء المركزيين من قبل النواب حول تداعيات الأمطار وسيولها بالخرطوم، ورفض اتهام بعض النواب للدولة والأجهزة التنفيذية بالتقصير أو عدم التنسيق في درء الكوارث التي سببتها السيول والأمطار مؤخراً، ونفى حدوثه، وقال عبر بيان وجهه لنواب البرلمان كافة بالالتزام بالنصوص اللائحية فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لاستدعاء الوزراء وقال البيان «إنه في ظل هذه الظروف تصاعدت بعض الدعوات باسم البرلمان لاستدعاء بعض الوزراء للمثول أمام البرلمان، وهو إجراء قانوني متاح لكنه يتبع وفقاً لتدابير قانونية ولائحية ولا يتم عبر النشر بشكل يوحي بأن هناك تقصيراً أو عدم تنسيق بين الأجهزة في الدولة وهو ما لم يحدث»، أي أن رئيس البرلمان لا يرى أي تقصير للوزراء المركزيين ولهذا فهو يرفض الاستدعاء في ذلك التوقيت، حتى لا يتهم الجهاز التنفيذي كما قال بالتقصير أوعدم التنسيق، لكن لا يرى غضاضة في الخروج بقراراته الاستدعائية لزملائه التنفيذيين الولائيين «نائب والي الخرطوم» بالرغم من أن ذلك مخالف للدستور كما أوضح بذلك رئيس البرلمان بولاية الخرطوم الأستاذ محمد الشيخ مدني. وقلنا وقتها في مقال سابق تعليقاً على بيان رئيس البرلمان د. الفاتح عزين الدين حول بيانه للنواب حول الاستدعاءات للوزراء، إنه كان من الحكمة لو سارعت رئاسة البرلمان في لعب دورها الرقابي بشجاعة في هذه الظروف حتى تثبت للمواطنين أن البرلمان رقم تصفيقه وتهليله لبعض قرارات الحكومة المتعلقة برفع الدعم عن الوقود أو قرارات أخرى، فهو يقف معهم في هذه المحنة عندما يتناول النواب التقصير الواضح الذي أشارت إليه بعض الصحف ووثقته بالصور التي لا تكذب وتحدثت به المجالس، لكن يبدو أن رئاسة البرلمان في حاجة إلى تذكيرها بضرورة فك الاشتباك بين التعبير الحماسي الصارخ للونها الحزبي، وبين مسؤوليتها الرقابية كنواب جاء بهم الناخبون لمعالجة قضاياهم الملحة وأشواقهم في الحرية والكرامة والاستمتاع بحقوقهم التي كفلها لهم الشرع قبل أن يحددها الدستور . «أخيراً يا ناس البرلمان القومي تنفيذيين الخرطوم ديل الحيطة القصيرة ولا شنو؟!!»، عبارة بالطبع لم يذكرها الأستاذ محمد الشيخ مدني في مذكرته الرسمية لكن واقع الحال ولسان المثل الشعبي البليغ يعبر عنها بجلاء.