واجهت الخدمة المدنية في السودان مشكلات وتحديات عديدة ناتجة عن إخفاق مؤسسات الخدمة المدنية، وعدم تطبيق قوانين العمل ولوائح الخدمة المدنية العامة، وظلت هذه المشكلات قائمة منذ بداية تاريخ الخدمة المدنية في البلاد وحتى يومنا هذا، ولم تتدخل الجهات المسؤولة عن الخدمة المدنية على مستوى الدولة بصورة مباشرة بل ظلت مكتوفة الأيدي تراقب عن بعد، وبالرغم من ذلك ظلت الخدمة المدنية مفخرة للسودان في كل الدول وتميز العامل بحسن الخلق والأداء والأمانة، ولكي تتم معالجة الإخفاقات والخروج بالخدمة المدنية من النفق المظلم اجتمع أمس عدد كبير من المسؤولين والوزراء، ويمثل هذا اللقاء بقيادة وزارة تنمية الموارد البشرية والعمل خطوة مهمة ضمن خطوات الحكومة التي تتخذها لأجل إصلاح الخدمة المدنية والسعي لإزالة المعوقات بما يمكن الخدمة المدنية من أداء مهامها وتسهم في برامج الإنتاج وزيادته. وقد طرح نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن هموم وقضايا الخدمة وإصلاحها بجانب العمل، واعتبر ذلك من ضمن موجهات وإستراتيجية الدولة التي تقود الى إصلاح سياسي واقتصادي، مبينا أن من أهم مرتكزات الإصلاح إصلاح كل مناحي الدولة تشريعيا وقانونيا ويكون لديوان الخدمة ولاية تبرز الشروط والقوانين. وقال لا بد أن تكون صورة الدولة موحدة، موجهاً لجنة إصلاح الخدمة المدنية بقيادة مساعد رئيس الجمهورية عبد الرحمن الصادق المهدي بالإسراع في عملية الإصلاح ووضع أسس جديدة بالتركيز على حيادية الخدمة المدنية، وقال نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن «لا بد أن تكون الخدمة المدنية محايدة وفقاً لشفافية الأداء ومعايير الولاء». مشددا على أن تكون بعيدة عن الجهوية والمحسوبية والعصبية، والعمل وفق المسؤولية الكاملة، موجهاً الوزارة بضبط ميزانية الفصل الأول، مؤكدا لدى مخاطبته أمس تدشين مشروع إصلاح وتطوير الخدمة المدنية بوزارة تنمية الموارد البشرية والعمل، سعي الدولة لإجراء الإصلاحات اللازمة على الخدمة المدنية لتعود أفضل مما كانت عليه سابقاً وفقاً لمواكبة التطورات والتقنيات الحديثة، موجها الوزارة بالإسراع بإكمال قاعدة بيانات الخدمة المدنية بنهاية هذا العام، مطالباً ديوان شؤون الخدمة بإعطاء الأجر المتساوي للعمل المتساوي ومنع أي تميز في الأجور على مستويات الدولة. وأردف لا بد أن تمنح الحوافز وفقا للوائح والقوانين، موجها بإجارة لائحة شروط وخدمة الديوانيين وتفعيل التنسيق وإحكامة بين الديوان القومي والولايات لضبط الفصل الأول، وقال لا بد من تخصيص نافذه للتمويل الأصغر للعاملين بالوزارة، وتحفيزا للعاملين وجه حسبو بصرف راتب شهر وراتب ثلاثة أشهر خاص للمهندسين في الوزارة، معلنا عن جائزة رئاسة الجمهورية للموظفين والمؤسسة والولاية المثالية لأداء المتميز بجانب تخصيص يوم للخدمة المدنية ووقفة لمراجعة الأداء. ومن جانبة أكد مساعد رئيس الجمهورية عبد الرحمن الصادق المهدي عزم الدولة على المضي في الحوار الوطني مهما كلف من تنازلات، معتبرا ذلك الحل الأوحد للقضايا, واستدرك قائلا كل ما نصل إليه من نتائج قابلة للتفاوض أو الحذف أو التغيير لأجل بناء الوطن، وأضاف يجب ان لا نلتفت الى المناورات السياسية والتكتيكية لأن الحكم في ذلك بالدستور والانتخابات والرضا بثوابت الحريات التي تراعي الدين والوطن. مشيرا الى أهمية فتح حوار شامل لتجويد أداء الخدمة المدنية ومحاربة سياسة التمكين، وقال سيتم تطوير لجنة الاختيار وستكون لها ولاية الأمر وماعدا ذلك باطلاً، مشددا على ضرورة تحسين بيئة العمل ورفع كفاءة العاملين عبر الإصلاح الإداري والابتعاد عن التسييس ومراجعة القوانين التي تتعارض مع قوانين الخدمة وتعويض هجرة الكفاءات ومنح الامتيازات، لافتاً الى أن مشروع ديوان الخدمة يهدف حصر بيانات كل العاملين، مطالبا بإصلاح نظام الأجور وإزالة المفارقات وتفعيل سلطة المركز على الولايات وزيادة ميزانية التدريب على أن تكون مرتبطة بالتجارب. وفي ذات السياق كشفت وزيرة الموارد البشرية والعمل إشراقة سيد محمود عن إدخال ما يزيد عن 160 ألفاً من بيانات العاملين وربطها بالسجل المدني والمعاشات في حوسبة ديوان شؤون الخدمة، مؤكدا سعي الوزارة في إصلاح القوانين والتشريعات، وقالت إن وزارتها أصبحت أنموذجاً في الإصلاح الإداري والخدمة المدنية الشفافة الخالية من الشوائب. وطالبت بعودة قومية الخدمة المدنية، مشيره الى كثرة التسييس في الخدمة، وطالبت السياسيين بمختلف أحزابهم لتقديم آرائهم ومقترحاتهم من أجل تطوير الخدمة، ورهنت إرجاع الخدمة سيرتها الأولى بمواجهة التحديات والحسم العاجل والجراحات المؤلمة إذا احتاج الأمر ذلك.