أثناء أحد الاجتماعات الصباحية مع الزملاء المحررين ورؤساء أقسام التحرير بهذه الصحيفة بعد شغلي لوظيفتي مديراً للتحرير بها في مطلع العام الجاري، وكان ذلك لدى حدوث الأزمة السابقة بين السلطة القائمة وزعيم حزب الأمة وكيان الأنصار رئيس الوزراء السابق السيد الصادق المهدي، وذلك على النحو الذي حدث على خلفية الاتهامات التي رددها الأخير بشأن قوات الدعم السريع، ثم ما جرى من تحركات حينها في مسعى لاحتواء تلك الأزمة التي كانت متراوحة بين التصعيد أو التسخين والتبريد. وحيث ثارت ودارت تساؤلات في ذلك الحين عن الموقف الذي ربما قد يتخذه مساعد رئيس الجمهورية سعادة العميد عبد الرحمن الصادق المهدي، ومدى قدرته على التصدي للانعكاسات التي ربما قد تكون مؤثرة وضاغطة عليه بحدة ثقيلة الوزن شديدة الوطأة نتيجة لتلك الأزمة وموقفه منها وتداعياتها المحتملة على وضعه أو موقعه الأسري وانتمائه الحزبي ومنصبه الرسمي. أثناء تلك الأزمة والأجواء الناجمة عنها والمشار إليها أعربت في ذلك الاجتماع عن رؤية شخصية عبّرت عنها على شاكلة سريعة ولمحة عابرة ولافتة، ذكرت فيها أنه ربما قد يمكن ويجوز القول بناء على ما جرى، وفي قراءة مختصرة وموجزة، أن الموقف المبدئي الذي اتخذه سعادة العميد عبد الرحمن الصادق المهدي في تعامله الحالي مع السلطة الحاكمة الراهنة وعلى النحو الساري من جانبه أثناء تلك الأزمة وقبلها وبعدها في المرحلة اللاحقة لعودة حزب الأمة من المعارضة المناهضة والمقاومة المسلحة والمنطلقة من المنفى بعد أن تخلى عنها، إنما هو موقف صالح للمقارنة بينه وبين المواقف المتذبذبة والمترددة التي صارت ملازمة لوالده السيد الصادق المهدي، وذلك إضافة للمقارنة بينه وبين الموقف الوطني الثابت لجده الزعيم الراحل المرحوم السيد عبد الرحمن المهدي. ثم مضيت إلى القول، بناء على مثل هذه الرؤية وانطلاقاً منها واستناداً وارتكازاً عليها، فإن السيد عبد الرحمن الحفيد ربما قد يعيد ما كان قد قام بها جده الزعيم الوطني الراحل المرحوم عبد الرحمن المهدي الذي كانت الأقدار الإلهية النافذة التي لا غالب لها قد كتبت له أن يبقى على قيد الحياة وينجو من الإصابة بطلقة قاتلة تلقاها وأصيب بها من جانب القوات الاستعمارية والأجنبية البريطانية الغازية لدى إقدامها على ما قامت به من احتلال للسودان بعد مواجهة عسكرية غير متكافئة دخلت فيها مع ما تبقى من جذوة ظلت متقدة ومستمرة ومتواصلة ومستمدة من الثورة المهدية التي خسرت تلك المعركة غير المتكافئة والتي قدم فيها أنصارها أكثر من عشرة آلاف من الشهداء الذين ستبقى دماؤهم الطاهرة خالدة ودافعة للقدرة على تجديد الثورة وإثبات امتلاكها لمقومات البقاء والنماء في سياق مثل هذه الرؤية القائمة على القناعة الواعية بوجود ضرورة للإصلاح والتطوير والتجديد. وكما ذكرت كذلك في ذلك الاجتماع الصباحي للإخوة الحاضرين من الزملاء المحررين ورؤساء أقسام التحرير في هذه الصحيفة، فإنه ربما قد يمكن ويجوز القول بناء على هذا إن الحفيد العميد عبد الرحمن قد يصح وصفه، ووصف ما قد ينجح في القيام به، على النحو الذي يبدو أنه يسعى له وينشط فيه، بأنه إنما قد يمثل حالة مجسدة للحقيقة المتمثلة في انطباق الاسم على المسمى، وذلك في معرض المقارنة بينه وبين جده الزعيم الوطني الراحل المرحوم عبد الرحمن المهدي، وذلك فيما يتعلق بالذي قام به لدى تأسيسه لحزب الأمة كتجسيد سياسي للإرث الثوري المهدوي وتعبيراً عن وجود كيان لأنصاره ولكن في إطار إصلاحي جديد. وفي تفسير لمثل هذه الرؤية التي ربما قد يمكن ويجوز القول إن الحفيد العميد عبد الرحمن الصادق المهدي ربما قد يعمل من أجلها كما أرى، تجدر الإشارة إلى أنه ومثلما أن السيد عبد الرحمن المهدي الابن، وبعد أن كتبت له الأقدار الإلهية النافذة والتي لا غالب لها أن ينجو من محاولة اغتياله والقضاء عليه بطلقة قاتلة أصيب بها وتلقاها في مرحلة الطفولة من قوات الغزو الاستعماري البريطاني السابق وذلك لدى احتلالها للسودان بعد انتصارها على ما تبقى من جذوة متقدة ومستمدة من الثورة المهدية في المواجهة التي دخلت معه فيها أواخر القرن الميلادي التاسع عشر الماضي، كان قد استخلص العبر والدروس المستفادة من تلك المواجهة عندما نضج وعيه واشتد عوده وشب عن طوقه وبادر حينها إلى الموافقة على القبول بمهادنة وهدنة بتجنبه للمواجهة السافرة وغير المتكافئة مع السلطات والقوات البريطانية المحتلة والمستعمرة للسودان طوال المدة الممتدة في فترة النصف الأول من القرن الميلادي العشرين الماضي، حيث نجح بالفعل، بناء على مثل هذه الرؤية البعيدة المدى في عمقها، في التعامل مع الحقيقة الواقعة حينها بما يناسبها من حنكة وحكمة وخبرة متمرسة أثبتت جدواها، فإن الحفيد العميد ربما قد يفعلها مرة أخرى، كما نرى ونواصل غداً إن شاء الله.