يبذل حزب المؤتمر الوطني قصارى جهده استعداداً للانتخابات القادمة ويسعي لتمديد شرعيته الدستورية للدورة القادمة التي ستمتد بين عامي 2015 2020م ويشهد الحزب حراكاً على كافة مستوياته. وعقد مؤتمراته على مستوى القواعد والوحدات الإدارية والمحليات والقطاعات وتتأهب كافة الولايات لعقد مؤتمراتها الولائية وتشكيل هيئاتها الشورية ومجالسها ومكاتبها القيادية وانتخاب مرشحيها لمواقع الولاة وكل هذا حراك موسمي أملته الانتخابات والتنافس على شغل المواقع ويشهد الحزب بعد ذلك في الأيام العادية بياتاً شتوياً سياسياً وخمولاً وخموداً وان الكثيرين وسط القواعد لا يعرفون حتى موقع دار الحزب بعاصمة الولاية أو رئاسة المحلية أو الوحدة الإدارية إذ لا شأن لهم بها ولا غرض لهم فيها وارتباطهم يكون بمكاتب الدولة في الحالات التي تكون لهم حاجة فيها أما الدور الحزبية المشار إليها فلا يغشاها في الأيام العادية إلا العاملون فيها أو الكوادر المفرغة أو القلة النافذة في التنظيم وبعضهم يؤدون واجباتهم عن قناعة ويحسون بأنهم أصحاب رسالة وقضية وبعضهم لا سيما في مواسم التكوينات والانتخابات يعتبرونها موسم عيد سعيد بالنسبة لهم ويتعاملون بشوفونية ونرجسية ويركب بعضهم ماكينة والي!. وسينعقد المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني في نهاية شهر أكتوبر القادم وسيكون موضوع الانتخابات القادمة من بين همومه وأولوياته أما الأحزاب الأخرى فهي لا تولي موضوع الانتخابات اهتمامها وبعضها يدرك انه لن يحصل على شيء يذكر ولذلك فإنه يسعي لإيجاد ذرائع باهتة ويعلن مقاطعته للإنتخابات وهؤلاء تستهويهم الأجواء الضبابية التي ترتفع فيها أصواتهم العالية التي لا تتناسب وأوزانهم الجماهيرية الخفيفة. وهناك عشرات الأحزاب الجديدة التي تم تسجيلها ولكنها لا زالت في المهد وبعضها يحاول تعلم الحبو ولن تخوض الانتخابات لأنها لا تستطيع نيل عدة مقاعد في الوحدات الإدارية دعك من الحصول على مقعد برلماني وهذا إذا حدث سيكون حالة نادرة وتفضل مثل هذه الأحزاب أن يكون دورها تشريفياً بالاستجابة لحضور بعض الملتقيات في بيت الضيافة أو القصر الجمهوري أو قاعة الصداقة. وهناك أحزاب أخرى يحسب بعض قادتها أن التاريخ قد تجمد ووقف في نقطة واحدة لم يبرحها منذ يوم الخميس الموافق التاسع والعشرين من يونيو عام 1989م قبل يوم من مجئ الإنقاذ ويطمحون في إجراء إنتخابات في ظل نظام برلماني يعيد الأوضاع كما كانت في ذلك اليوم رغم أن النجاح لم يحالفهم في المرة الفائتة عند توليهم السلطة مع أن الظروف كانت أفضل بالنسبة لهم ولم يحدث تماهي بين الدولة والتنظيم في المرحلة التي سبقت امساكهم بمقاليد الأمور ولكن في ظل التعقيدات والتحديات الماثلة حالياً فإنهم لن يستطيعوا الصمود في السلطة لمدة ثلاثة أشهر على أحسن الفروض حتى لو أتتهم السلطة تجرجر أذيالها بالتزكية لا بالانتخابات (والفي البر عوام) وهم يرفضون أي تسويات وتوافقات وحلول وسط ولسان حالهم يردد لنا الصدر دون العالمين أو القبر ولا يرضون بغير الرئاسة ولذلك فإنهم سيقاطعون الانتخابات. وقد أصدر حزب المؤتمر الوطني بياناً حدد فيه مواصفاتهم لمرشحهم لرئاسة الجمهورية أو مرشحيهم لمواقع الولاة ولكن ما صدر هو كلام فضفاض أغلبه مبهم لأنه أورد صفات يرجو توفرها في المرشح وهذه مسألة تقديرية عند المفاضلة بين فلان أو علان أو فلتكان وكان المفترض تحديد شروط محددة ومختصرة. وإن مجلس الشورى الإتحاي والمجلس القيادي الإتحادي والمكتب القيادي الإتحادي كلها تنتهي شرعيتها وصلاحيتها فور انعقاد المؤتمر القومي القادم وبذات القدر فإن مجالس الشورى الولائية والمجالس والمكاتب القيادية الولائية تنتهي صلاحياتها فور انعقاد المؤتمرات العامة للولايات. وجاء في الأنباء أن مجلس الشورى في أي ولاية هو الذي يرفع أسماء سبعة مرشحين لمنصب الوالي ليتم إنتخاب خمسة منهم ليختار المركز واحد منهم ليكون مرشح الحزب لمنصب الوالي وتصبح بالتالي هيئة شورى الحزب الحالية هي صاحبة الشأن في اختيار المرشحين لهذا الموقع رغم أن صلاحيتها ستنتهي قريباً وتحل محلها هيئة شورى جديدة ينتخبها المؤتمر الولائي وبهذا يصبح مؤتمر الولاية هو مجرد معبر لتمرير ترشيحات هيئة شورى سينتهي أجلها فور انعقاد المؤتمر العام للولاية ولن تكون لها صلاحيات بعد ذلك وفي هذا تغول على صلاحيات المؤتمر الولائي القادم وفرض وصاية عليه ويخشى الكثيرون أن تحدث صراعات مناطقية وقبلية وخلق مراكز قوي يمتد صراعها لأمد طويل مع التخوف من حدوث ذات الصراعات في الدوائر الجغرافية والنسبية إذا حاولت أي جهة أن تفرض عليهم من علٍ بعض المرشحين دون رغبتهم وقد يؤدي هذا لتفلتات حزبية ربما تؤدي لإنقسامات وسبب كل هذا محاولة فرض الوصاية وتحويل المؤتمر الولائي لخيال مآته مع تكرار ترشيح نفس الوجوه والأسماء كأن حواء قد عقمت ولم تلد غيرهم. وجاء في الأنباء أن المجلس القيادي الإتحادي الحالي عليه تقديم خمسة أسماء يرفعهم لهيئة الشورى التي تنتخب منهم ثلاثة يكون الذي يحصل على أعلى الأصوات منهم هو الذي يطرح اسمه على المؤتمر العام ليصبح هو رئيس الحزب ومرشحه لرئاسة الجمهورية أي أن هذه الأجهزة التي ستنتهي صلاحياتها فور انعقاد المؤتمر العام هي التي تملي إرادتها على المؤتمرين وعددهم ستة آلاف عضو وفي هذا سلب لحقهم وتغييب لإرادتهم وقطعاً إنهم جميعاً قادة في قراهم ومدنهم ومناطقهم وإلا لما تم تصعيدهم من القاعدة حتى نالوا عضوية أعلى سلطة في الحزب وهي المؤتمر العام الذي ينبغي أن تطرح فيه كل القضايا بشفافية مع منحه مطلق الحرية لاختيار كافة أجهزته من داخله واختيار رئيس الحزب ومرشحه دون وصاية من مجلس شورى أو مجلس قيادي وهي أجهزة أشرفت فترة شرعيتها وصلاحيتها على الانتهاء وان الرئيس عمر البشير ظل ممسكاً بقرني الثور الهائج المتمثل في القضايات العويصة المعقدة لأكثر من ربع قرن من الزمان. وفي كل الأحوال إذا تمت إعادة ترشيحه وانتخابه أو تم ترشيح وانتخاب غيره فإن العبء سيكون ثقيلاً في المرحلة القادمة والمسيرة وعرة مع التحرشات الأجنبية التي نتمنى ألا تصل لدرجة الهجمات المباغته المباشرة وإثارة الفتن والقلاقل هنا وهناك بالإضافة للتحديات الأمنية والاقتصادية وقد ضاقت أحوال المواطنين المعيشية وبلغ الغلاء ذروته القصوى في كافة السلع للدرجة التي أصبح الحديث عن غلاء الزيت والبصل على سبيل المثال هو حديث المجالس. وقد تردت حوال قطاعات واسعة من الشعب السوداني للدرك الأسفل. وقطعاً ان جل الأحزاب ان لم أقل كلها باستثناء حزب المؤتمر الوطني ستقاطع الانتخابات القادمة ويتوقع إذا استمرت الأزمات والمعاناة أن يكون الإقبال على الانتخابات فاتراً ضعيفاً وأن على النظام الحاكم أن يسعى لمصالحة الجماهير والاهتمام بقضاياها الحيوية.