أحدث نبأ إغلاق الدولة للمركز الثقافي الإيراني في الخرطوم وفروعه في الولايات ضجة كبرى في أوساط الشعب السوداني الذي سرت في تجمعاته المختلفة تفاصيل هذه الأنباء.. وشكلت يوم أمس الأول مادة حية للتحليل والنقاش تجاوزت المكاتب والمقاهي ووسائل المواصلات إلى المساجد والبيوت مّما يؤكد أن الخبر كان مهماً وجديداً. وزارة الخارجية حتى الآن اكتفت بقولها إن المركز الثقافي الإيراني تجاوز التفويض الممنوح له في حدود مناشطه وهدد الأمن الاجتماعي والفكري وهذه حقيقة ولم تخض بعد في تفاصيل هذا التجاوز لكن بكل صراحة وصدق القاصي والداني من أفراد الشعب السوداني يدري بنسب متفاوتة أن إيران ممثلة في مركزها الثقافي في وسط الخرطوم باتت تمثل خطراً بكل ما تحمل هذه المفردة من دلالة على أمننا القومي.. أمننا الثقافي.. أمننا الفكري.. أمننا الاجتماعي. بشريات هذا الإغلاق انطلقت شلالات من الفرح وسط المواطنين وبصفتنا كتبنا عن هذا الموضوع أكثر من مرة ولفتنا إنتباه الدولة ومؤسسات المجتمع والشعب أكثر من مرة إلى أهمية التفطن إلى خطر التشيع والأدوار المشبوهة بحق التي ظل المركز الثقافي يمارسها.. بهذه الصفة تلقينا عدداً من الرسائل والاتصالات المهنئة التي اعتبرت القرار انتصاراً للحق، بل والله بعض الرسائل اعتبرت يوم الثلاثاء، حيث ظهر القرار كأنه يوم عيد.. سرت فيه التهاني.. وشاعت فيه التكبيرات. رسائل التهنئة الأولى التي وصلتني كانت من رجال من الصوفية، مّما يعني أن الصوفية في السودان قد فطنوا لممارسات إيران الشيعية التي هدفت بكل إصرار لإحداث فتنة مذهبية جديدة في بلادنا، مستغلة المجلس الأعلى للتصوف الذي صار هو الآخر وكراً لاستقبال هذا الاستهداف والتنسيق له، ولعل الزيارات التي نظمها خلال الفترة القليلة الماضية خير شاهد على ذلك.. زيارات النيل أبو قرون إلى بعض المسائد والسجادات الصوفية حيث كانت آخر زياراته إلى شبشة الشيخ برير التي صُفع فيها من قبل مواطني شبشة، بالنيل الأبيض، ولولا تدخل السلطات الأمنية لحدثت فتنة سالت على أسرها دماء، ومن هنا ولأجل معالجة إشكاليات المركز الثقافي المغلق بصورة جذرية، لا بد من إعادة نظر السلطات الأمنية في علاقة المجلس الأعلى للتصوف بالمركز الثقافي الإيراني. إن فتنة التشيع التي بدأت تشتعل نيرانها في بلادنا الذي يقف وراءها ويذكي حراكها لهو المركز الثقافي الإيراني في الخرطوموالولايات، لقد كتبنا من قبل أن معرض الخرطوم الدولي قد عرضت فيه كتب تنال من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسب بكل وضوح أبو بكر الصديق والفاروق عمر والطاهرة السيّدة عائشة وذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعاً وعن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومصدر هذا الشر هو المركز الثقافي الإيراني.. اتصل بي مجموعة من الشباب كانوا يدرسون في معهد ديني ببحري في نحو سنة «2006» وقد جرى بيني وبينهم اجتماع أخبرني ممثلهم أنهم يتعرضون لضغوط كبيرة من قبل إدارة المعهد بسبب رفضهم قراءة رسائل وكتب وحضور محاضرات تتناول فكر الإمام الضال الهالك الخميني، وبالمتابعة والتحقيق اتضح أن المعهد هذا له علاقة مباشرة بالمركز الثقافي الإيراني.. في شارع المطار بينما كنت مع أحد الأخوان فجأة تقابلنا مع إحدى قريبات هذا الأخ، وهي شابة ملتزمة من أسرة كريمة حدثني قريبها عن تميزها العلمي والأكاديمي في الجامعة.. سألت هذه الشابة عن بعض الأسئلة، فأخبرتني أنها تدرس اللغة الفارسية في المركز الثقافي الإيراني، وأخبرتني أن كثيراً من الشباب والطلاب النابغين من الجنسين يتم استيعابهم للدراسة داخل المركز الثقافي الإيراني لدراسة اللغة الفارسية وبعض المناهج بدون مقابل، وأن فرص الدراسة مقصورة على هذا النوع من الشباب على مدار ثلاث فترات في اليوم حتى التاسعة مساء، وحدثتني عن برامج دعوية وفكرية مصاحبة لهذه الدراسة، وهذا هو بيت القصيد. نحن مع أي علاقة طبيعية بين بلادنا وكل دول العالم يتم عبرها التعاون والتواصل والتنسيق في الجوانب كافة، سواء أكانت جوانب سياسية أو اقتصادية أو دبلوماسية أو غيرها شريطة أن تراعي كل دولة خصوصية بلادنا الثقافية والحضارية في أهم جوانبها العقيدة وللفكر والتوجهات القيمية، مّما يؤسف له أن إيران تستغل أدوات الحرب الناعمة في أي مكان وطأته أقدامها، وتنسى أن تراعي أي قيود أو خصوصيات، فهمها الأكبر وخيارها الإستراتيجي الوحيد هو تصدير ما تسميه «بالدعوة» أو تصدير الثورة، ولذلك المركز الثقافي في الخرطوم ظل يعمل لأجل هذا منذ نشأته إلى لحظة إغلاقه أمس الأول. في إطار العلاقات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية تتكامل المصالح المشتركة بين الدول، وفي حالة علاقة إيران التي نحن في السودان عانينا كثيراً بسببها عند جرد الحساب لا نجد فائدة ملموسة بالنظر إلى طبيعة هذه العلاقة التي ظلت مستقرة منذ عقدين، وإيران الآن من أكبر دول العالم خبرة في مجال التكنولوجيا والتقنيات، ولكن ما يصلنا من هذه التقانة الفتات ممثلاً في أسلحة خفيفة وقطع عادية يمكن أن تصنع عندنا هنا ولكن تصدر إلينا في مجال الفكر ما تسميه بالدعوة «الفتنة المذهبية»، فمثلما خلقت إيران اضطرابات واسعة جداً في العراق والبحرين واليمن وبعد دول الخليج، بل حتى في بعض دول غرب إفريقيا تريد إيران أن تصدر إلينا هذه الفتنة المذهبية عبر مركزها الثقافي هذا.. وقد فعلت. حيث يذكر الناس لأول مرة قيام الحسينيات في قلب الخرطوم، وامتدت هذه الفتنة إلى مناطق أخرى في شمال كردفان والشمالية وولاية الجزيرة.. بل ظهرت في الآونة الأخيرة دعوة تحريضية واضحة لمن سموا بشيعة السودان للخروج على رئيس الدولة، وأنه ظالم وأنه طاغوت ينبغي قتاله والخروج عليه، وهذه الدعوة إلى هذه الفتنة تبدو عندي كأنها تطور جديد في الفكر الشيعي، لأن الدعوة إلى الخروج على الحاكم لم تتم بصورة جلية على حكام طهران، مما يعني أن إيران تريد التدخل المباشر في شؤون بلادنا الداخلية، وقد زادت وزارة الخارجية الطين بلة بقولها إن إيران لم يكن لها أي موقف داعم للسودان في المنتديات الدولية!! إذن ما فائدة علاقتنا مع إيران التي بدأ شرها وضرها أكبر من نفعها وخيرها؟ ودول مثل المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج ومصر دول إستراتيجية ليست بمواقع الجغرافيا فحسب ولكن بواقع القواسم الأصيلة المشتركة التي لا يمكن لها أن تزول أو تنفرط منها رابطة العقيدة والثقافة واللغة.. والتراث والفكر.. والحضارة والتاريخ المشترك.. وروابط الدم والعلاقات الاجتماعية الأزلية.. نحن في السودان لدينا أكبر الجاليات في دول الخليج، ومنها نصيب الأسد في السعودية وهذا يضاف للمصالح الاقتصادية والسياسية المتبادلة، فهذه دول شقيقة، وإيران دولة واحدة فلا يمكن المعادلة في العلاقات بينها وبين هذه الدول!!إيران الشيعية لم تتدخل في شؤون بلادنا عبر مركزها الثقافي هذا فحسب، لكن إيران تخطط ليكون لها مدخل مهم عبر الإعلام أيضاً، ولها نشاط حثيث عبر هذه النافذة، ولها نشاط عبر العمل الإنساني المغلف من خلال نشاط الهلال الأحمر الإيراني الكائن على شارع العرضة في أم درمان في محطة ود البشير على شارع سوق ليبيا، فالهلال الأحمر الإيراني لا يقل خطراً عن المركز الثقافي الإيراني الذي أغلق، وهنالك شخصيات عامة داعمة لمشروع إيران الرامي لخلق فتنة مذهبية في السودان.. شخصيات في الوزارة وفي شركة سكر كنانة، بل وفي هيئة علماء السودان، وأكاديميين في بعض الجامعات، وطلاب وشباب ودعاة فرّخهم وخرجهم هذا المركز، إضافة إلى النيل أبو قرون رأس هذا الشر، فلابد من منهج وقانون رادع لمعالجة هذه المشكلة من جذورها، وقطع دابرها، نحن في السودان مذهبنا واحد كلنا «سنة» فهل من يقر بسب الصحابة وتكفيرهم، أو اعتبار ابن أبي سلول ليس منافقاً؟ يتفق في ذلك الصوفية والسلفيون فهيا إذن معاً كمجتمع سوداني مسلم سني لمواجهة الخطر الشيعي الإيراني المتطرف. يبكيك القلب أخي أدهم غيب الموت بإذن الله فجأة الأخ الكريم الرجل الشهم الشجاع أدهم نصر الدين همت عضو مجلس الشورى القومي بمنبر السلام العادل، ورئيس المنبر بمحلية بحري السابق، عرفت الأخ أدهم منذ سنوات مضت عندما التقينا لأول مرة في ندوة سياسية بشمبات، ومنذ ذلك الوقت ظل الأخ أدهم رجلاً سمحاً كريماً مهتماً بحلقات ختم القرآن والتي كانت تنظم كل فترة في أحد منازل شمبات جوار المسجد، زرته في منزله مرات رأيت له علاقات صداقة متميزة مع أبنائه قلّ أن توجد، وله صلات طيبة وسط جيرانه بالمسجد وقد عرّفني بهم فرداً فرداً.. اللهم أرحم أخانا أدهم رجل الصلات الفاضلة، والأخلاق العالية، والتواضع الجم، فصيح اللسان سديد الرأي رحمة واسعة تدخله بها جناتك جنات الخلد، واجعل اللهم الخير والبركة في عقبه وعياله وأهله وأرزقهم حسن الصبر والعزاء «إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله».