حلم يراود جميع الشباب بل يكاد يكون غاية أمانيهم هو الذهاب إلى أمريكا أو أوروبا والعيش هناك معتبرين أنها أقصر طريق لتحقيق أحلامهم التي تبدو من المستحيل تحقيقها في السودان في ظل الأوضاع الصعبة وهو ما حمل كثيراً من الأسر لبذل الغالي والنفيس ومساعدة أبنائهم قدر المستطاع للهجرة لتلك الدول، فيبيعون أعز ما يملكون من أجل ذهاب أبنائهم ومن ثم التعويض عليهم مفترضين أنها تنتظرهم حتى يأتوا إليها غير مدركين أنها البداية فقط فهناك طريق طويل حتى يجنوا ثمار تلك الهجرة وطرق الهجرة تلك كثيرة ومتعددة، منها ما هو قانوني مثل الذهاب للدراسة أو عن طريق اللوتري أو اللجوء السياسي وآخر غير قانوني مثل التسلل والتهريب والتزوير والتحايل، ولكن كل تلك الطرق مكلفة مالياً ومرهقة بدنياً لبعد المسافة بين السودان وأوروبا وكذلك أمريكا تحتاج لأموال طائلة تدفعها حتى تتمكن من الذهاب إلى هناك ما يستنزف أسرهم ويجردهم من مصادر دخولهم، الشيء الذي يترك أثراً نفسياً على الشاب في حال لم يجد عملاً فورياً عند وصوله لأرض الأحلام وهو السبب الرئيس في اختفاء عدد مقدر منهم وانقطاع أخبارهم عن ذويهم. اللجوء السياسي هو من الطرق التي تحدث عنها كثير من الناس خاصة وأنها طريقة فيها كثير من الكذب والخداع إلا ما ندر، ويصف الذين يلجأون للجوء السياسي بأنهم غير وطنيين ولا ضمير لهم لأنهم يلفقون الأكاذيب ومنهم من يدعي الردة، والشذوذ الجنسي، والاضطهاد العرقي والديني، وهو ما لا يكون صحيحاً فكل الذين يذهبون لأوروبا ذهبوا مباشرة عن طريق عدة دول ومتجنبين وضع بصماتهم في أي من الدول التي يمرون خلالها. اللوتري هو نظام متبع في أمريكا وترجمتها بالعربية القرعة، وهي منحة تقدمها أمريكا إلى أناس من دول العالم الثالث من أجل العيش في أمريكا وتكون عن طريق الاختيار العشوائي للمتقدمين، ففي خلال العامين المنصرمين هاجر لأمريكا أكثر من «1700» سوداني ويعتبر اللوتري المنفذ الوحيد للسودانيين الذين يحلمون بالعيش في بلاد العم سام، غير أن كثيرين يستغلون تواجدهم داخل أمريكا فيقدمون اللجوء ومنهم حتى دبلوماسيين يعملون في السفارة نفسها وغير الصحفيين والرياضيين. الهجرة إلى أرض الأحلام وليست أمريكا كبقية الدول الأخرى سهل الدخول لها والعيش بها، فلا يتم ذلك إلا عبر قناة وحيدة وهي التقديم للقرعة التي ربما يحالفك الحظ فيها، وذلك نسبة لصعوبة قبولهم لطلب اللجوء السياسي خاصة للسودانيين. والقرعة أو ما يعرف باللوتري هي أسهل الطرق و أقصرها للحالمين، فهو نظام سهل طبقته أمريكا لدول العالم الثالث كمنحة لهم للقدوم والعيش برفقة أسرهم والتمتع بمزايا المواطن الأمريكي، ولكن لأن معظم المهاجرين من دول العالم الثالث بمن فيهم السودانيون تجدهم لا يستطيعون تحقيق كل ما هاجروا إليه والسبب هو أن بلداً مثل أمريكا يعج بالكثير من حملة الشهادات العلمية الرفيعة والحاصلين على أعلى مستوى تدريبي، ولديهم خبرات كبيرة فتكون فرصة القادمين من دول العالم الثالث في سوق العمل الأمريكية وخاصة في الوظائف المهمة أمراً ليس بالسهل فيبدأ معظمهم من البداية وخاصة الذين أنهوا دراستهم الجامعية في التعليم والتأهيل والتدريب من جديد، ما يجبرهم على العمل في الوظائف الهامشية مثل سائق تاكسي أو عامل في محطة بنزين أو بائع في أحد المحال التجارية وعامل نظافة، وفي نهاية المطاف فئة قليلة من يندمجون في المجتمع ويحصلون على فرص جيدة أما بقيتهم يعيشون هناك في مستوى جيد ولكن لا يستطيعون توفير أموال، وبالتالي لا يكون لديهم القدرة على التأسيس في السودان الا بعد سنوات طويلة. بعض الطرق ومن لم يحالفهم الحظ في سلك أي من الطرق القانونية، يلجأ كثير منهم لبعض الحيل السهلة وليست بها مخاطرة كبيرة ومنها التسجيل في أحد المعاهد التعليمية في بعض البلدان الأوروبية المتقدمة جداً مثل أسبانيا والبرتقال وخاصة معاهد اللغات، وبعدما يتم التسجيل عبر النت يطلب المهاجر تأشيرة للبلد المعني ويسافر له بطريقة قانونية وبعدما يصل إليه يختار الدولة التي تكون أرخص مثل أسبانيا أوالبرتقال فلا تتجاوز تكلفة الدراسة في معاهدها الخمسة أو ستة ملايين وتكون كل التكلفة عشر ملايي،ن ومن بعدها يحدد وجهته الأخرى التي يريد الذهاب إليها وهو يحمل تأشيرة دخول قانونية من دول أوروبية فتكون تلك الدولة معبراً له ويحاول الزواج أو أي طريقة أخرى يستطيع نيل الجنسية عبرها، ولكن بعد التكرار الكثير لها أصبح هناك تشدداً في البلدان الأوروبية للقادمين من أجل الدراسة وعدم السماح لهم بالتنقل في الدول الأخرى. ومنها أيضا تفويت الرحلة داخل المطار وهي الطريقة المحببة لطالبي اللجوء السياسي حيث يفوت الشخص رحلته ويجلس دون أن يدلي بأي كلام طيلة استجوابه في المطار، ما يجبرهم على ترحيله إلى داخل البلد ومن ثم يطلب اللجوء السياسي، ويمكن أيضاً ادعاء المرض أو الإضراب عن الطعام فكلها طرق تأتي أكلها مع الأوربيين وهناك شراء الزيارات والفيز ولكن تكلف أموالاً طائلة فسعر الزيارة لبريطانيا أو أمريكا يصل لقرابة العشرين مليون غير تكاليف السفر الأخرى ولهذا يكون من أصعب الخيارات لأن معظم الذين يريدون الهجرة لا يملكون تلك الأموال. التسلل عبر الحدود وهناك طرق معروفة للمهربين والسماسرة في تهريب الراغبين إلى أوربا ورغم خطورة تلك الطرق لكن يسلكها الشباب مخاطراً بحياته من أجل الوصول إلى تحقيق أحلامه، فمنهم من يسلك الطريق عبر الصحراء إلى ليبيا وهي مجازفة كبيرة ومن ثم يركب البحر إلى الجزر الايطالية ويسيرون إلى ميناء كالي في فرنسا، ومن أراد الذهاب لبريطانيا يذهب لمطار دوفر و آخرون يذهبون عن طريق الذهاب إلى لبنان ومن ثم يهربون إلى اليونان وبعدها يدخلون أوروبا والطريق الذي فيه مخاطرة كبيرة هو عن طريق سوريا إلى تركيا الذي توقف بسبب الحرب.