قرأت على صفحات الصحف خلال الأسبوع المنصرم من شهر يوليو لعام 2014م مقالات واخبار حزينة لا تسر البال. تقول في مجملها ان السودان تهدده المجاعة.. السودان الذي يقال عنه سلة غذاء العالم العربي أصبح يقال عنه تهدده المجاعة، وبدلاً من ان يتغذى العالم العربي من السودان اصبح السودان نفسه تهدده المجاعة، مثل القول الذي يقول «باب النجار مخلع».. لماذا يكون السودان الشاسع الواسع صاحب المناخات المختلفة والاراضي الطينية المنبسطة والمسطحة.. مسرحا للجوع والفقر والمرض. انه الاهمال المزري الذي تقوده حكومات السودان التي لا هم لها في التنمية بقدر ما تهتم بالجلوس على كراسي الحكم. وبدون دراسات وبدون تخطيط ربما قامت حكومات في السودان تحارب العلم والعلماء. اما حكومات حزبية جاهلة او حكومات عسكرية استبدادية. وكلا الوصفين لم يقدم ما يذكر من خطط من شأنها ان تستغل موارد السودان. والآن السودان يفتقد عزيزاً لديه «مشروع الجزيرة» الذي تم تدميره اذا لم يكن عن عمد فالإهمال الواضح هو الذي تم تدميره به. وهذا المشروع العملاق الذي هو اكبر مشروع في افريقيا اصبح الآن نسياً منسياً. ونفقده عندما نقرأ أن السودان مهدد بالمجاعة، لقد كان هذا المشروع هو مشروع غذاء السودان شرقاً وغرباً، وذلك منذ عام 1924م، بل الدول المجاورة كان يصلها اثره ويسهم في مدها بالمواد الغذائية. ولكن لا ندري ما الذي اصاب وزارات الزراعة في ظل الحكومات المختلفة الى أن ا هملت هذا المشروع المهم. والآن السودان في امس الحاجة إلى ان تعاد لمشروع الجزيرة سيرته الاولى، وان تلحق بها كل تطورات الزراعة وافكارها المعاصرة على يد علماء زراعة معاصرين. واذا لم تكن حكومة السودان او حكومات السودان ذات قدرة على اعادة المشروع يمكن ان تطرح المشروع لشركات عربية لها المقدرة على اعادة المشروع، لاسيما أن البنيات الأساسية موجودة وتحتاج اصلاح فقط. ان الزراعة المختلطة تناسب المشروع، حيث يرعى الضأن وزراعة العلف بكل انواعه، وغيرها من المزروعات كالفاكهة والخضر، وترعى فيه الابقار وتربية الدواجن.. الخ.. ان مشروع الجزيرة عماد لثورة السودان والسودان اصله بلاد رعي وزراعة، ولا ينبغي ان يهمل هذاالمشروع هذا الاهمال الذي اضر بمواطن الجزيرة خاصة ومواطن السودان عامة. ومن العجيب ان نسمع ان المجاعة تهدد السودان.. لماذا تهددنا المجاعة وعندنا الارض الخصبة والماء واليد العاملة. ان الاهمال لهذه المشروعات قطعا سيؤدى الى ان يصيب الناس الفقر ويصيب ميزانية الدولة بالعجز. وليس مشروع الجزيرة وحده الذي تم تدميره فقد دمرت مشروعات النيل الابيض «مشروعات الاعاشة»، ومن اسمها كان هدفها ان يعيش المواطن هناك، ولكن الآن اذا اصابك العطش في تلك الاراضي في النيل الابيض لا تجد ماءً للشرب، وقد كانت هذه المشروعات تعج بالسكان والثروات والآن هُجرت وهاجر سكانها واصبحت قاعاً صفصفاً.. وقد اتيحت لي زيارة لمشروعات جنوبكوستي حتى معتمدية السلام ذات الارض السوداء والتي كانت تعمل حتى عهد نميري، وهي مشروعات كبرى بها ثروات كبرى. والآن الذي يمر هناك يشاهد القنوات الكبيرة والصغيرة الممتدة مسافات كبيرة، ويحكي المواطن عن تاريخ زاهر لهذه القنوات الجافة. ويحكي لنا كأنه يحكي عن حضارات زراعية سادت ثم بادت.. ولا ادري ما هي مهام الحكومات في السودان هل هي التعمير ام التدمير.. لو كان المواطن السوداني له وعي ولو كانت الحكومات وطنية بحق لاستقالت جراء هذا التدمير الذي لحق بكل المرافق المهمة لا سيما المشروعات الزراعية. والآن «في ليلة المجاعة يفتقد مشروع الجزيرة». والله ولي التوفيق