نتابع على صفحات هذه الصحيفة المناقشة التي كان نواتها نقد الأستاذ المذيع أيوب صديق لإحدى قصائد البرعي والتي ادّعى البرعي فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلّم أنجى نوحاً من الغرق وإبراهيم من النار وأنه فدى إسماعيل وشفي أيوب به على نبينا وعليهم الصلاة والسلام، وقد أجاد الأستاذ أيوب في نقد أبيات القصيدة وبيّن أنها تناقض محكم القرآن الكريم، وقد انتُقِدَت مقالات الأستاذ أيوب من بعض من تصدّوا للدفاع عن ما كتبه البرعي ومن أبرزهم د. عادل حمزة ود. صلاح الخنجر وكتبتُ مقالاً موجزاً قبل فترة بعنوان «نفي العيوب عن مقال الأستاذ أيوب» أكّدتُ فيه على استدلالاته الموفّقة في إبطال أبيات القصيدة المذكورة، ثمّ تابعنا ردَّ الأستاذ أيوب على الدكتور عادل حمزة بثلاثة مقالات، ونتابع في هذه الأيام ردوده على الدكتور صلاح الخنجر، وقد اطلعت في الأيام الماضية بهذه الصحيفة على تعقيبات في حلقات ثلاث للدكتور عادل حمزة يعقّب فيها على مقالات الأستاذ أيوب صديق في رده عليه، وقد رأيتُ أن أُدلي بدلوي في هذه القضية خاصة أن لي دراسات تفصيلية تناولتُ فيها جوانب من القضية التي يدور فيها النقاش حيث لي دراسة عن ديوان البرعي المسمّى: «رياض الجنة ونور الدجنة» أصدرتُ بمقتضى تلك الدراسة في نقد الديوان وما وقفت عليه: شريطين في عام 2002م الموافق 1422ه ونشر الشريطان على مستويات مختلفة وتمّ تفريغ مادته في تلك الفترة في صفحات بعض الصحف، ثم تتالت بعد ذلك بعض المقالات والأبحاث التي نشرت بالشبكة العالمية للاتصال، كما نشرتُ جملة من المؤاخذات على الديوان في مناقشة طويلة عبر هذه الصحيفة كان طرفها الآخر الكاتب بالصحيفة «سابقاً» علي يس، فانطلاقاً مما ذكرتُ وإثراءً للحوار وحرصاً على الإسهام في المناقشة الموضوعية والمجادلة بالحسنى فإني أدلي بدلوي وأُعقّب في هذه الحلقات بما يتيسّر لي، يدفعني حرص على الخير للجميع يعلمه الرب الخالق العليم، وأداء للنصيحة بأسلوبها الشرعي. وبداية مداخلتي في المناقشة في هذه القضية أنقل فيها العبارات التالية مما كتبه الدكتور عادل حمزة في تعقيبه الأول مخاطباً الأستاذ أيوب صديق حيث قال: «فمقالك الأول جاء تحت عنوان «قصيدة البرعي تخالف محكم القرآن الكريم». إن من يخالف محكم القرآن إما أن يُحكم عليه بالجهل أو بالكفر وليس هنالك وصف ثالث فطالما أنك قلت إنك لم تصفه بالجهل فإنك إذن تصفه بالكفر والعياذ بالله، وإني أبعث برسالة واضحة إلى الإخوة أبناء وتلاميذ ومحبي الشيخ البرعي بأن يتخذوا الإجراءات التي من شأنها أن توقف هذا التطاول والعبث عند حده وإني على استعداد تام لإقامة الحجة عليك وإثبات أنك رميت الشيخ البرعي بالإفك والبهتان محاولاً إشانة سمعته والتشكيك في اعتقاده ووصف قوله إنه لا يقوله صاحب عقيدة سوية...». قلتُ: أولاً :إنّ ما ذهب إليه الأستاذ أيوب من أن قصيدة البرعي تلك تخالف محكم القرآن الكريم لهو من الحق الواضح الذي لا مرية فيه، فالذي أنجى هؤلاء الرسل وغيرهم هو الله تعالى ربهم وخالقهم وب السماوات والأرض ورب النبي محمد عليه وعليهم الصلاة والسلام، هذا ما دلّ عليه محكم القرآن الكريم؛ أما دعاوى المجاز وما تكلف د. عادل حمزة في جمعه فهو من الخطأ بل الباطل الذي جادل به الحق، وحسب القارئ أن يقف على ما كتبه الأستاذ أيوب وما جاء في مقال الرد عليه من المحاولة اليائسة من الدكتور عادل للدفاع عن الأبيات التي أراد ناظمها أن يقول للناس: كان محمد صلى الله عليه وسلم موجوداً قبل أن يخلقه الله!!! وأراد أن يقول بها: إن قول الله تعالى: «ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون» وقوله: «قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم».. وغيرها من الآيات أراد أن يقول بها إن المقصود هنا هو النبي عليه الصلاة والسلام وليس الله تعالى!! فما أوضح مخالفة هذه الأبيات المنكرات لمحكم الآيات!!! ثانياً: قال الدكتور عادل حمزة: «إن من يخالف القرآن إما أن يحكم عليه بالجهل أو بالكفر وليس هناك وصف ثالث ..». قلتُ: وهذا من العجائب هذا الحصر العجيب!! ولي أن أتعجب بعد أن تعجب الأستاذ أيوب: كيف يدرّس هذا الدكتور العقيدة؟! ومصدر عجبي: أن من البدهيات في العقيدة أن المخالف يمكن أن تكون مخالفته بسبب الجهل أو الخطأ أو الإكراه أو التأويل وهذه من أوليّات ما يدرَّس في علم العقيدة، وبالتالي فإن موانع التكفير كثيرة وليس الجهل فقط كما جاء في حصر الدكتور أعلاه!! ثالثاً: رتّب الدكتور على حصره «الفاسد» محاولة يلجأ إليها بعض المنهزمين وهي «لغة التهديد» بالإجراءات وفتح البلاغات فقال: «وإني أبعث برسالة واضحة إلى الإخوة أبناء وتلاميذ ومحبي الشيخ البرعي بأن يتخذوا الإجراءات التي من شأنها أن توقف هذا التطاول والعبث عند حده..»، هكذا لغة «التحريش» وفي لغة العامة والصغار في لعبهم : «المديدة حرقتني» ..! فما هذا الانهزام يا حضرة أستاذ العقيدة؟! وما هذه اللغة الضعيفة؟! أين طول النفس والبال ومناقشة الحجج والردود العلمية والبحث الأكاديمي الذي من أهم أركانه «الصبر»؟!. إن عبد الرحيم البرعي قد نشر قصائد شرّقت وغرّبت وغُني بها ولُحِّنَت ودوّنت وطبعت ونُشِرت، باسم الدعوة للخير والعبادة والدعوة للاعتقاد والأذكار وغير ذلك.. وحُقّ لكل من أراد أن يتصدّى لها بالنقد «العلمي» فيحللها ويخرج ما فيها من مخالفات شرعية في باب العقيدة أو العبادة أو السلوك أو مصادر التشريع حقّ له أن يأخذ نصيبه ويتاح له المجال ف «كلنا سودانيون»!!! ولنا من الحق في النشر والمناقشة، والساحة مفتوحة وتسع الجميع ليدلي من لديه «حجج» علمية بدلوه، فليعلم الدكتور عادل أن هذا الأسلوب في التحريض مرفوض، مع أنه لن يجدي ولا ثمرة منه، فالقانون لا يمنع أن تناقش الكتب والمطبوعات وتنقد ويوضح ما فيها، وإذا كانت هذه اللغة منك مرفوضة فلتعلم أن تفسير الأمور بهواك مرفوض أيضاً فمن أين لك أن من يخالف محكم القرآن: إما جاهل أو كافر ؟! ثم إن الواقع في الشرك والكفر لا يلزم منه تكفيره إن كان شخصاً معيناً إلا بعد تحقق الشروط وانتفاء الموانع، وهذا مبحث آخر يدرس في مقدّمات دروس العقيدة.. فأنت قد وقعت في خلل في الناحية العلمية وبنيت عليه خطأ آخر في الأسلوب واللغة بهذا التحريض على الإجراءات!! وأقول: إنني تناولت عقيدة البرعي ودعوته في شريطين مدتهما ثلاث ساعات يجدهما من أراد الوقوف عليهما على الرابطين التاليين: «الشريط الأول http://cutt.us/LbiP» «الشريط الثاني : http://cutt.us/cneQC» وأسعد جداً بأي نوع من الإجراءات مما يريده الأستاذ عادل أو غيره من المدافعين عن البرعي وقصائده.. وأفرح بأي تعقيب «علمي» عليها.