معاناة وتعب تصحبهما حسرة كبرى سرت في اواسط كثير من المواطنين باقتراب عيد الاضحى المبارك.. والسبب الاول والاخير فيها ارتفاع اسعار الاضاحي بالاسواق. ومن المعلوم للجميع ان السودان اكثر الدول الغنية بالثروات من الماشية، ولكن في الوقت نفسه هذه الثروة لم تظهر اية نتائج لها او تنعكس على الاسعار للخراف، بحيث بلغ سعر الخروف زنة «46» كيلوجراماً «1.320» جنيهاً، والخروف ذو الحجم المتوسط بين «39 الي 45» كيلوجراماً بسعر «1.210» جنيهات، والخروف زنة «38» كيلوجارماً «1,100 » جنيه، وهذه الاسعار ربما تتباين وتختلف من سوق لآخر ومن تاجر لآخر حسب المناطق وبعدها الجغرافي من العاصمة الخرطوم. وقد يعتقد البعض ان الاسعار مناسبة تماماً خاصة للموظفين والعاملين بالدولة حال الحصول على الاضحية من مؤسساتهم بالاقساط المريحة، ولكن يجب ألا ننسى او نتناسى ان غالبية الشعب السوداني ليسوا موظفين بالدولة ولا اصحاب مناصب ومكاتب، ولا يحصلون على رواتب في آخر الشهر تجعلهم مطمئنين إلى أن الاضحية لن تؤرق مضاجعهم عند قدوم اول ايام العيد، وكما اسلفت فالغالبية من المواطنين من اصحاب الحاجات والعاملين في مهن هامشية وعمال يومية وغيرهم، بالاضافة الى الاسر الفقيرة والارامل وغيرهم من الذين يرغبون في الوفاء بشعيرة الاضحية، ولكن تعجز جيوبهم عن سداد ثمنها للتجار. وهنا اعود الى السبب الرئيس في ارتفاع أسعار الثروة الحيوانية في السودان الذي تقدر ثروته منها ب «140» مليون رأس كما يشاع، ولكن هل استفدنا منها بالطريقة المطلوبة قبل وبعد انفصال السودان الى دولتين؟ ومما يدعو الى التساؤل اين الخطأ؟ فمع امتلاك هذا الكم الهائل من الثروة الحيوانية نواجه غلاءً فاحشاً في اسعار اللحوم حية ومذبوحة في السوق السوداني، واصبح الحصول على «كيلو لحمة» حلماً يراود كل منا بعد ان تجاوز سعر الكيلو الضأني أكثر من «70» او «80» جنيهاً، والبقري بين «50 60» جنيهاً، فهل يعقل ان تصل الاسعار لهذا المستوى دون وجود من يردع ويكبح الاسعار؟ في ظل انعدام الرقابة الحكومية على الاسواق وسواد سياسة التحرير الاقتصادي التي دمرت كل شيء ولم تترك خلفها لا سلعة ولا مؤسسة والا أخلت بها. فتجار الماشية يعزون اسباب الارتفاع الى ان الدولة تتجه للصادر فقط على حساب السوق المحلي، مما لا يدع مجالاً للمواطن للحصول على اضحية بسعر مناسب، خاصة بعد فتح السوق الخارجي لصادر الهدي بغرض الحصول على نقد اجنبي تسعى الدولة اليه لسد ثغرات اقتصادها العاجز، ولكن في المقابل يواجه المواطن ارتفاع الاسعار سنوياً دون وضع سياسة تحد من الارتفاع ذاك، ودون السعي الجاد من قبل الدولة للمساهمة في توفير اضاحي بسعر يتناسب مع كل قطاعات الشعب، وكما يقول المثل «زاداً ما كفى ناس البيت يحرم على الجيران»، فليس من المعقول التعويل على الصادر فقد دون توفير حاجة السوق المحلي، وبالرغم من سعي اتحاد العمال والنقابات في المؤسسات لتوفير الاضحية لمنسوبيها يظل هنالك آلاف الايتام والارامل وذوو الحاجة يحلمون بالاضحية في منازلهم ليفرحوا بها هم واطفالهم، ولكي نكون عوناً لهم في تحقيق امنياتهم تلك لا بد من التعاون والتكافت في الاحياء والمناطق السكنية بأن تسود بيننا ثقافة «الجود بالموجود» سواء بالتبرع بكميات من اللحوم للمساكين لجهات معينة تكون مسؤولة عنها أو يتفقد كل منا جاره يوم الاضحية ومده بقدر ولو يسير من لحوم الاضحية ليدخل الى قلبه الفرح والسرور، فالمجتمع السوداني رغم الظروف المالية السيئة والغلاء ونار الاسعار.. فيه من الخير الكثير.. ويكفي أننا من أمة رسول الله محمد عليه افضل الصلاة والتسليم.