كل العقول السودانية هذه الأيام لا يشغلها إلا التفكير في شراء خروف العيد الذي وصلت أسعاره إلى أرقام فلكية تجاوزت حد المعقول، وكثيرٌ من الناس وطنوا أنفسهم ومن الآن وبما أن العيد لا يفصلنا وقدومه سوى أيام معدودة وظنوا أنفسهم أن لا ضحية هذا العام؟ والسبب ببساطة أن المرتبات مهما بلغت والحوافز التي ما زال أمرها في علم الغيب لن تستطيع أن تبلغ الحد الذي وصل إليه سعر الخروف وقدره عدد كبير من التجار في أسواق مختلفة بالعاصمة بأن أقل خروف بسعر «600» جنيه وأعلى سعر «1200» جنيه أو ربما يتجاوزه باقتراب العيد وفي ظل استشراء الغلاء لأسعار الماشية وكالمعتاد بدأت كل جهة مسؤولة أو ذات صلة بموضوع الأضحية في الدفاع عن نفسها وإلقاء اللائمة على جهات أخرى بغرض (تبييض وجهها) أمام الدولة والمواطن وكما يقول المثل (شر البلية ما يضحك) أعلنت وزارة التجارة سابقًا أن سعر الأضحية لهذا العام لن يتجاوز مبلغ «450» جنيهًا فقط مما يسمح لكافة الأسر الغنية والفقيرة معًا الاستمتاع بقضاء شعيرة مهمة ولكن تلك المقولة عندما نقلناها وبعفوية تامة للتجار بالأسواق ردًا على أسعارهم العالية أجاب أحدهم ضاحكًا: (450 جنيهًا سعر الخروف والله دا يكون سعر الضنب بس).. وبمزيد من السخرية ارتفعت الأسعار أضعافًا مقابل رقم وزارة التجارة وبالأمس تعلن جمعية حماية المستهلك عن خطة لتوفير الأضاحي بمبلغ «500» جنيه بالتعاون مع عدد من الجهات ومنافذ بيع محددة بالخرطوم والولايات مستندين في إعلانهم إلى توفر فائض مقدر من صادر الهدي، إضافة إلى أن فصل الخريف كان مبشرًا جدًا الأمر الذي وفر الأعلاف في مراعي الإنتاج بالولايات ولتحقيق تلك الأهداف النبيلة لا بد في الأول من معالجة الخلل الذي يصاحب قطاع الثروة الحيوانية عبر خطة محكمة مع الوزارة المعنية والجهات ذات الصلة بالصادر سواء منتجين أو مصدرين أو وزارة تجارة وثروة حيوانية، ووضع تدبير محكم لتفادي ارتفاع الأسعار عند حلول عيد الفداء وهو توقيت معلوم ومحسوب (ولن يأتي صدفة أو فجاءة) واضعين في الحساب توفير أضحية لكل مواطن وتمكينه من أداء الشعيرة من خلال توفير الأضاحي بأسعار مناسبة في متناول الجميع وحتى لا يؤدي الشعيرة الأغنياء فقط دون الفقراء بسبب الأسعار بالأسواق وعلى الجهات المختصة كما أسلفت أن تبذل مزيدًا من الجهود لمكافحة الاحتكار والسماسرة في الأسواق لتعود الأسعار إلى مستوى ال «500 أو 450» جنيهًا وشتان ما بين ما تقوله الحكومة ووزارتها وما يقوله التجار بالأسواق، ومن الطرائف أن أحد الزملاء قال لتاجر مواشي بسوق بحري إن وزارة التجارة حددت سعر الخروف ب «450» جنيهًا وأنت سعرك «1200» جنيه ليه؟ أنا ما بشتري بالسعر دا فرد عليه التاجر: (لو دا كلامك أمشي اشتري من وزارة التجارة) فهل نشتري جميعنا الأضحية من السوق أم من وزارة التجارة؟.