أيام قليلة وتنطلق معركة تسجيلات وانتقالات اللاعبين، وعادة ما يصاحب معركة التسجيلات سيناريو دائماً ما يتكرر تقريباً مع اختلاف الأسماء والقليل من التفصيلات التي تشكل فقط زيادة المبلغ المدفوع في كل عام طبقاً للمستجدات الاقتصادية «التضخم» واختلاف سخونة حمى الصراع حول نجم التسجيلات، وقبل سنوات كان تسجيل نجم المريخ فيصل العجب مثار معركة حامية امتدت حوالى أربعين يوماً اختفى فيها اللاعب ليظهر على شاشة التلفاز. ولعل المثير للدهشة أن اللاعبين المحليين والمحترفين الذين تُنفق المليارات في تسجيلهم من النادر أن يحققوا الآمال التي علقت عليهم، وتتسم معركة التسجيلات باهتمام كبير وسط أنباء وتكهنات معتادة من قبل عشاق كرة القدم، خاصة من أنصار ناديي القمة الهلال والمريخ. كما أن الصحافة الرياضية تدخل طرفاً أساسياً في إشعال الاهتمام الجماهيري بهذه التسجيلات، إذ تعمد دائماً إلى نقل أخبار عن اتجاه تسجيل لاعب معين وطني أو محترف أو شطب لاعب محدد، لكن المثير للدهشة أن معظم هذه الأخبار من النادر أن تجد طريقها الى التحقق، ولا يكاد يمضي يوم حتى نجد أن هناك صحيفة رياضية تشير إلى اسم لاعب أجنبي في طريقه للاحتراف في أحد أندية القمة، أو اسم لاعب طالته مقصلة الشطب. فالصحافة الرياضية لا تنفصل عن لعبة التنافس الساخن في التسجيلات، باعتبار أنها تسهم كثيراً في تسجيل بعض اللاعبين وشطب بعضهم والإبقاء على مدرب ما أو التعاقد معه، بما تملكه من تأثير على الرأي العام الرياضي، وبالتالي على مجالس إدارات الأندية، كذلك لا يمكن استبعاد حركة السماسرة الرياضيين العلنية والمستبطنة عن هذه المعركة الحامية. ولهذا فإن من الطبيعي أن يتم تسجيل «الأشتر أبو فرار» باعتباره رديفاً لميسي، وأن ُيسجل حارس المرمى الآخر ماني باعتباره استنساخناً لحارس برشلونة، وأن يتم التعاقد مع المدرب الفالصواني الذي يتحول إلى متفرج داقس لا يميز بين شطحات لاعبيه وعكهم المخرمج، وفنون ودروس الأندية الخارجية التي تنازل فريقه، فهو قد يبقي على لاعب «طاشي شبكة» وآخر «شوتاته كشافية»، بينما يحرم لاعباً حريفاً وفناناً، كما أن المدرب التعبان يعجز عن إعطاء توجيهات علمية للاعبين في المباراة، ويكتفي بالزعيق وإطلاق العنان للحلاقيم، بينما فريقه شغال هرولة وهرجلة. وعندما تنتهي المباراة يشيد بأداء لاعبيه «الطاشين» ويحمِّل التحكيم مسؤولية المهزلة، ويدافع عن خرمجته الخططية، في حين قد يجد المساندة من بعض الصحف التي تصفه بالخبير، وتشيد ب «عواسته» الكروية باعتبارها مربعات ومثلثات منهجية لم يستوعبها اللاعبون. وعندما تشتعل معركة التسجيلات تبدأ القصص البوليسية عن المطاردات ووضع خطط الإخفاء للاعبين من تمويه وخطف ومحاولات لاسترجاع بعضهم من الوكر السري بواسطة الخصوم وإبطالها، بل وعرقلة هروب أحد اللاعبين المستهدفين للتسجيل من مكان الاختباء إلى منطقة عمليات الفريق المنافس، ثم قصص درامية عن محاولات إقناع ذوي اللاعبين وتصريحات مؤيدة منهم أو رافضة للفريق الفلاني، ثم قصة أخرى عن اختفاء لاعب من ناديه دون أن يذهب إلى نادٍ آخر لزيادة بورصة إعادة تسجيله، لكن عادةً ما يتبرع أحد أقلام المقاولات بالتدخل بإشاعة أن اللاعب مطلوب في النادي «العلاني»، أو أن الوكيل الأجنبي «الفرتكاني» يلاحقه للتسجيل في أوربا أو في إحدى دول الشمال الإفريقي أو في الخليج، بينما صاحبنا المحظوظ يكون قابعاً في حلة «تعال جوه» ولا أنيس له إلا عربات الكارو وهدير لواري التراب الرجافة، لكن بالطبع يكون مستمتعاً بالسيناريو الهلامي الذي يفبركه عنه محررو المقاولات. لكن هناك أسوأ إفرازات مزادات اللاعبين، هو شطب لاعب موهوب ثم إعادته بعد موسم أو موسمين بعدة ملايين، بعد أن كان النادي قد أشتراه ب «شوية ملاليم»، لكن بالطبع فإن التسجيل في هذه الحالة لن يكون سهلاً كما كان في المرة السابقة التي اكتفي النادي فيها بإشارة واحدة للاعب فأتي آنذاك طائعاً مختاراً، فهي فرصة لرفع بورصته والانتقام لذاته، بسبب شطبه بجرة قلم بدون حتى إخطار أو كلمة شكر. «لاعب حريف يصوب بكلتا قدميه ويجيد الضربات الرأسية وإحراز الأهداف» تلك هي كلمات الشفرة الدائمة التي يروجها سماسرة المزاد الكروي، وأخشى أن تنطبق على صديقي «النطاح الأشتر» فأجده في الموسم القادم يصول ويجول، وكلما «شات» في الكشافات قالت عنه الأقلام إنه يحتاج إلى فرص أوسع لإظهار موهبته الفريدة، وربما لاموا المدرب لتجاهله وعدم وضعه في التشكيلة، بينما هو يستحق «التخشيبة» إن لم تكن «الزريبة».