يثير الحراك السياسي الساري في الوقت الحالي في إطار التداعي المترتب على ما يسمى الوثبة المزمعة والدعوة المطروحة للحوار الوطني بين القوى الحاكمة والمعارضة بناء على المقترحات المقدمة من حزب المؤتمر الوطني، كما أعلن عنها رئيسه ورئيس الجمهورية المشير عمر البشير في يناير ثم في أبريل من العام الجاري.. يثير العديد من الأسئلة المهمة التي طرحت وفرضت نفسها وظلت متزايدة ومتصاعدة دون إجابة شافية لها منذ ذلك الحين. ويدور المحور الجوهري للأسئلة المشار إليها، على النحو الذي يعبّر عنها، حول ما إذا كانت الوثبة المزمعة والدعوة الراهنة للحوار الوطني تعني أن الحزب الحاكم قد توصل إلى قناعة بوجود ضرورة ملحة ونابعة من الأهمية البالغة للمصلحة الوطنية الداعية إلى إجراء مراجعة شاملة للتجربة الحاكمة القائمة منذ إقدام النخبة المنتمية للحركة الإسلامية الحديثة والمعاصرة على الإطاحة بالسلطة المدنية المنتخبة، والاستيلاء على سدة مقاليد الحكم بهيمنة وسيطرة منفردة عبر القيام بانقلاب ثوري مدني وعسكري في العام 1989م، وبناء على هذا النحو من الأسئلة المطروحة حول التجربة الحاكمة الراهنة والوثبة المزمعة في سياق الدعوة لحوار وطني بشأنها، فإن المسألة المهمة هي هل أضحي هذا الأمر يتطلب ويقتضي ويستدعي بالفعل إجراء تغيير إصلاحي جذري لهذه التجربة على نحو يتيح الفرصة للمشاركة الواسعة والناشطة والفاعلة والمتفاعلة والمتنافسة بصورة مفيدة ومثمرة ونافعة وإيجابية وصالحة لإضفاء الحيوية المفتقرة والمعتقدة على الساحة السياسية والاقتصادية الاجتماعية والثقافية والحضارية الكاملة والمتكاملة في العمل الوطني العام.. وهل هناك حاجة في سياق هذا الإطار للسؤال، إلى تهيئة الأجواء اللازمة والملائمة لإرساء قاعدة صلبة وثابتة ودافعة للمدافعة المتنافسة على تولي مقاليد السلطة وتداولها بين القوى الوطنية المعبرة عن التيارات والاتجاهات والتوجهات المختلفة والمتنوعة والمتعددة والمنطلقة من الاتفاق على أسس ومبادئ راسخة وقائمة على إجماع وطني حولها، ورفض نابذ ولا فظ لأي انتهاك لها أو خروج عليها أو انحراف عنها وانجراف إلى السقوط في الهاوية المتهالكة والمهلكة والساحقة والمدمرة والمضرة بالمصلحة الوطنية العليا أو المسيئة لها وإعلاء المصلحة الشخصية والحزبية والجهوية والفئوية والقبلية عليها. ومن جهة وناحية أخرى في سياق هذا الإطار للرؤية المتعلقة بالوثبة المزمعة والدعوة للحوار الوطني حولها فإن المسألة ذات المغزى والدلالة العميقة والمهمة والبعيدة المدى كما يتم التعبير عنها في الأسئلة المطروحة هي، هل يعني هذا كله أن الحزب الحاكم ربما كان يرى أن التجربة القائمة والمستمرة والمتواصلة منذ الشروع في الهيمنة والسيطرة المنفردة على سدة مقاليد الحكم في العام 1989م، وما تعرضت له من تغيير وتطوير حتى الآن، ما زالت لديها فرصة سانحة وممتلكة للقدرة على الاستمرار في ذات الإطار إذا ما نجحت في الاستفادة من العبرة المستخلصة واستوعبت دروسها وتمكنت من تهيئة نفسها للانتقال إلى أطوار جديدة ومغايرة عبر الإقدام على القيام بإدخال تغييرات لافتة على النحو الذي جرى للطاقم القيادي فيها؟ وبناء على هذا وطالما أنها من المزمع والمتوقع والمحتمل أن يتم استكمال هذا المسار للتغيير الداخلي الجاري للحزب الحاكم في الوقت الحالي لدى اكتمال عمليات إعادة البناء لصفوفه وانعقاد مؤتمره العام في الشهر القادم للإعلان عن اختيار رئيسه ومرشحه لمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية القادمة في العام المقبل، وذلك إضافة إلى ما جرى من تبادل للأدوار بين الأجيال في المستوى القيادي للحزب على الصعيد القاعدي والأصعدة العليا المتدربة في النطاق المحلي والولائي والمركزي.. فإن الإجابة عن مثل هذه الأسئلة ستبقى مفتوحة ومطلوبة ومطروحة على شاكلة محتملة ومنتظرة حتى يتم انعقاد المؤتمر العام المقبل للحزب الحاكم في الشهر القادم.. وكذلك جولات المفاوضات المزمعة مع الحركات المسلحة والمقترحة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا برعاية تشارك فيها الجارة تشاد فيما يتعلق بالتعامل مع الأوضاع الراهنة بدارفور، بينما تتولى الآلية الرفيعة المستوى الممثلة للاتحاد الإفريقي الرعاية المنفردة لبقية التفاعلات المحلية والإقليمية والدولية.