في مشهد من مشاهد الوفاء في أجمل وأنبل معانيه، وفي لحظة من لحظات التقدير والعرفان في أروع صوره، قام منتدى الاسكلا الثقافي بتكريم الفنان المبدع النور الجيلاني في ليلة كانت كرنفالاً بهيجاً ومهرجاناً للاحتفاء باغنياته الجميلة وأعماله الرائعة التي تجاوبت معها الجماهير بصورة أكدت المكانة الكبرى لهذا الفنان العظيم في قلوب عشاق ومحبي صوته وأغنياته. قدم حفل التكريم الشاعر الفاتح محمد بشير الذي أشاد في بداية حديثه بفكرة المنتدى ودوره ورسالته وقدم نبذة عن مسيرة الفنان النور الجيلاني ولونيته المختلفة والمتفردة التي ميزته عن سائر الفنانين كما تحدث عن النور كفنان ملتزم لا يقدم إلا الفن الجاد والمحترم البعيد عن الاغنيات الهابطة والمبتذلة في كلماتها والحانها والتي أكسبته احتراماً كبيراً وسط الجماهير، وإرتجل الفاتح عدداً من أبيات من الشعر عن هذا الانسان المبدع أدمت الأكف بالتصفيق وجعلت الدموع تنهمر من عيون الكثيرين تضامناً مع النور في ظروف مرضه التي لم تزده إلا إيماناً وصبراً واحتساباً، وقد أدهش الفاتح الحاضرين باسلوبه الرائع في تقديم المنتدى والذي تخلله كثير من أبيات الشعر المعبرة عن جلال المناسبة أبى الفنان بلال موسى إلا أن يحضر ويشارك ويبدأ المنتدى بتقديم مجموعة من أغنيات النور التي أجاد في تأديتها وقدم بلال تحية للفنان النور الجيلاني، وقال إنه أستاذه وأحد المعجبين بفنه وأدائه المعبر والمتميز وأكد وقوفه معه في ظروف المرض وتمنى له عاجل الشفاء حتى يعود مغرداً لاسعاد الناس بشدوه الجميل. قدمت مجموعة من فرقة الفنان النور الجيلاني باقة من أغنياته الرائعة التي أطربت الجماهير وأعادت إلى أذهانها كيف كان هذا الفنان العظيم يؤدي أغنياته بانفعال صادق بالحركة المستمرة على المسرح والتعبير بالرأس واليدين والأرجل عن احساس عميق بكل ما يقدمه من أعمال. الدكتور عمر محمود خالد الشاعر الكبير ووزير الثقافة بنادي المريخ ألقى كلمة رائعة تحدث فيها عن النور الجيلاني ودوره في إثراء وجدان الشعب السوداني بأغنياته الجميلة والخالدة وأكد مساندة المريخ وكل فئات الشعب وشرائحه للنور الجيلاني في ظروف مرضه تقديراً لفنه الجميل وابداعه الذي تواصلت مسيرته لعدة عقود، وقدم دكتور عمر إحدى قصائده الرائعة التي نظمها عندما كان في ليبيا في السبعينيات والتي أدهشت الجمهور ببديع نظمها وجميل معانيها وتحدث عن معتصم الحاتي والذي جمعته به علاقة أخوة وصداقة خلال عملهما بليبيا، وقال إن معتصم رحب به عند حضوره للصحراء الليبية وأكد مساندته له وتوفير كل ما يحتاجه للاستقرار وبداية حياته، مشيراً إلى أن معتصم كان سودانياً أصيلاً وشهماً وكريماً وعضواً فاعلاً في المجالات الرياضية والثقافية والاجتماعية. روابط معجبي الفنان النور الجيلاني شكلت حضوراً أنيقاً بتجاوبها ورقصها مع أغنياته وبطباعة صوره على "تشيرتاتها" تأكيداً على وجوده الدائم في دواخلها. أكد النجاح الكبير لمهرجان تكريم النور الجيلاني أنه فنان صاحب مكانة كبرى في قلوب الجماهير ليس بأغنياته الجميلة فقط بل بمجاملاته لكل عشاق فنه وعدم مساومته على أجره حيث أكد السيد فتحي ابراهيم عيسى سكرتير المريخ الأسبق أنه رفض أن يتقاضى منه كصديق أي أجر مقابل إحياء حفل زواج شقيقته كما أكد مرتضى ابراهيم مدير بنك قطر بالسجانة إنه قد إكتشف من خلال ذهابه للفنان النور لاحياء حفل زواج أحد أقاربه أنه لا يعرف أجر حفلاته والذي يقوم به مدير أعماله، وقال مرتضى إن هذا الموقف قد أكد له إنه رجل نذر حياته لفنه ولا يهتم كثيراً بالعائد المادي بقدر ما يهتم بتقديم الفن الراقي الذي يسعد الجماهير. قطب الهلال الكبير ورجل الأعمال المعروف سفيان صاحب وكالة آيس للسفر والسياحة سجل موقفاً كريماً ونبيلاً بتبرعه بتذكرة سفر للفنان النور الجيلاني لأي مكان في العالم مساهمة منه في تكاليف علاجه وهو الذي أبهج الناس وعبأ نفوسهم بقيم الخير والجمال والمحبة. كان مسك الختام كلمة قصيرة ومعبرة ألقاها معتصم الحاتي صاحب الاسكلا الذي وفر كل مقومات النجاح لهذا المنتدى بعيداً عن أي نظرة مادية أو تجارية حيث أكد أن الهدف الأكبر والأسمى لهذا المنتدى هو تكريم المبدعين الحقيقيين في كل المجالات بعد أن غزت أعداد كبيرة من الفاشلين والعاطلين عن الموهبة في كل مجالات الابداع من غناء وموسيقى وشعر وأدب، وقال إن منتزه الاسكلا ليس ملكاً له بل هو ملك للجماهير التي أسهمت في تطويره ووصوله لهذه المستوى بحضورها الدائم ولذلك فأن أبوابه مفتوحة لكل الأنشطة الثقافية والإجتماعية والرياضية ولكل المبدعين الذي أعطوا هذا الشعب جرعات من الفرح والبهجة في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة والقاسية التي إنعكست على كل الناس فأحالت حياتهم جحيماً لا يطاق ولكنهم صاغوا من معاناتهم وعذاباتهم أبداعاً روى ظمأ الجماهير للفن الجميل ليتحولوا إلى شموع تحترق لتنير للناس ظلام حياتهم.