لا بد أن ننحني تقديراً وإجلالاً للانتصار المستحق، والانحياز لصوت العقل، وتقديم مصلحة الوطن على غيره من المصالح... لا بد أن نحيي الحزب الاتحادي الأصل على الخطوة الشجاعة والقرار الصائب بالمشاركة في الحكومة العريضة، والتي عضّدت وعي القيادة الرشيدة والمتمثلة في رئيس الحزب الاتحادي الأصل مولانا محمد عثمان الميرغني، وخبرته التراكمية في إدارة الأزمات وتفويته الفرصة على قيادات حزبه المتمترسة في خندق الممانعة «بجهالة» لكافة أشكال التقارب مع الحزب الحاكم، بل وتأثيره الواضح على دوائر اتخاذ القرار داخل أروقة حزبه، والتي راهن البعض على تراجعها، وحاولوا نفيه إلى خارج البلاد ريثما تنجلي نفرة الوطني الداعية لإشراك جميع القوى الوطنية في هموم إدارة الدولة، وما تحتمه المسؤولية التاريخية بانتشال البلاد من دائرة التمزيق... إلى فضاءات وحدة الصف الوطني.. نحمد للاتحادي الأصل خطوته الموفقة، رغم ما جابهها من أعاصير ورياح عاتية من داخل أروقة الحزب والمتمثلة في معارضة البعض لفكرة المشاركة برمتها، ومعارضة البعض الآخر للنسبة الممنوحة للحزب على اعتبار أنها لا تتناسب وحجم الحزب... وما وجدته من معارضة من خارج أسوار الحزب وتحديداً من تجمع ما يُعرف بقوى الإجماع الوطني، والذي حاول تصوير أي محاولة للحوار المتكافئ بين الوطني وأي من القوى السياسية الأُخرى، بأنها ارتماء في أحضان «أبو القنفز»!! وقد واجه رئيس الحزب معارضة ناعمة من قبل بعض القيادات أمثال حسن أبو سبيب المشرف السياسي لمركزية أُمدرمان، وبخاري الجعلي عضو هيئة القيادة وعلي نائل المشرف السياسي لمركزية أمدرمان شمال كرري، حيث رفض هؤلاء المشاركة المطلقة وطالبوا بمشاركة مشروطة وبنسب عالية تمكِّن الحزب من استيعاب عدد كبير من كوادره في الحكومة... كما واجه الميرغني معارضة خشنة من قبل بعض القيادات المتشددة والرافضة لمبدأ المشاركة والتي صنفوها بأنها تدعم موقف الحكومة، وهم قد تخندقوا لجهة العمل على إسقاط النظام، ومن هؤلاء علي محمود حسنين، وحاتم السر، حيث استطاعت المجموعة الرافضة لمبدأ الحوار استقطاب مجموعة من شباب وطلاب الحزب أمثال الهادي آدم عضو أمانة الشباب بمركزية الخرطوم، وأمجد علي رئيس رابطة الختمية بالكلاكلات، وقد تمكنوا من تحريك الشباب والطلاب لإحداث اختراق وتعطيل وقتي لقرار المشاركة باقتحامهم الاجتماع الحاسم لهيئة القيادة والذي كان من المقرر أن ينعقد يوم السبت 19/11 بجنينة السيد علي الميرغني بالخرطوم، حيث تمكنوا من محاصرة الجنينة وهم يرددون شعارات رافضة للمشاركة الأمر الذي حال دون وصول الميرغني لمقر الاجتماع وطلب من أعضاء هيئة القيادة عقد الاجتماع في غيابه مع عدم الخوض في تفاصيل مشاركة الحزب في الحكومة والاكتفاء فقط بمناقشة وضع لائحة تنظم أعمال هيئة القيادة !! إلا أن الميرغني أعاد الأمور إلى نصابها، حيث عُقد اجتماع لهيئة القيادة بحضور أعضاء تيار المعارضة الناعمة، وفي هذا الاجتماع استطاع الميرغني أن يقود سفينة حزبه إلى بر المشاركة بأمان بعد تمكُّنه من قيادة الدفة رغم الرياح الناعمة ومنطلقاً من أن مشاركة حزبه لا تأتي سعياً خلف السلطة إنما تُمليها الظروف السياسية وجمع الصف الوطني ضد ما يُحاك من مؤامرات خارجية تتربص بوحدة واستقرار البلاد.. وبعد أن بات في حكم المؤكد مشاركة الحزب الاتحادي الأصل في الحكومة، حق لنا أن نسعد وكلنا أمل أن تأتي المشاركة في إطار وحدة الصف ولتجنيب البلاد خطر الاستهداف الخارجي وبعيدة عن الكيد السياسي والتشاكس، وصولاً إلى معارضة تستحق الاحترام!!