قال لي الأستاذ محمد الواثق كان «أحمد شوقي» من خيرة شعراء العصر الحديث ولكنه ما كان يحسن الإلقاء البتة، وكان يطلب من غيره أن يلقي له الشعر، وشكسبير من اعظم كتاب المسرحية وما كان ممثلاً فى حياته .. وقال: اذا انا قرأت شعري وألقيته أجد أن غيري خيراً مني فى إلقاء الشعر وهذه موهبة خاصة يتطلب فيها أن يُحسن المُلقِي قواعد اللغة العربية الأساسية ومخارج الحروف والحضور الذهني، ولكن بعد ذلك هو أيضاً تخصص. وسمع ل «عبد الله الطيب» وهو يلقي شعره وفى تقديره ما كان إلقاؤه جيداً إلا لمثله الذي يعرف عبد الله الطيب، ولعامة الناس قد لا يكون له ذلك الألق فى القاء الشعر، وقال: لكن هناك من الشعراء من يجيد الإثنين انه يكتب الشعر الصحيح ويحسن فن الإلقاء، واذا استطاع الشاعر وهو يجيد ان يكون إلقاؤه جيداً كسيف الدين الدسوقي.. ومحمد عبد الحي رحمه الله لم يكن له حظ فى الإلقاء، أما صلاح أحمد إبراهيم فموهبته في ما كتب وليس فيما ألقى، وقد يتغنى مغنٍ ويُظهر شِعره وربما بصورة أفضل.. ولكل شيء اذا ما تم نقصان والكمال لله.. وهؤلاء لا ينتقص ابداعهم شيئا.. وانما اظهر ابداعهم مبدعون آخرون. وكم نتمنى ان ترهف اسماعنا بقصيدة ملقاة بصوت شاعرها، ولا ادري حقيقة متى اقيمت ليلة شعرية كبيرة شعراً وحضوراً! او متى زار شاعر كبير محفلاً طلابياً يلقى عليهم قصائد من ابداعه ويكون قريباً منهم حياً بينهم، لماذا لا نحرص على الجيد من الاشياء لماذا نتركه يتسرب من بين ايدينا.. كم نغبط من عاشوا زمنا غنياً إبداعاً ورؤية.. اما استاذنا الواثق فقد بدأ الالقاء الشعري وهو طالب فى وادي سيدنا الثانوية، وكان ينال جوائز فيه، وهذا مما لفت نظر الاساتذة اليه وشجعوه ليس أن يلقي فقط قصائد الآخرين، وإنما أن يحاول بنفسه كتابة الشعر. وحكى لي كيف ان القاءه للشعر جذبه الى المسرح والتمثيل وصار ممثلاً بالإلقاء قبل ان يكتشف أنه لا يميل إلى إلقاء شعره الخاص، بل يتهرب جداً من أن يلقي قصيدة من شعره.