تبدأ بمشيئة اللَّه هذه الأيام، وفي شهر نوفمبر الجاري انطلاقة وضربة البداية لموسم الإنتاج الجديد «2014م 2015م» بجميع مصانع السكر بالبلاد، مع رفع شعار التحدي برفع الإنتاج والإنتاجية وتنفيذ الخطة وتحقيق الربط وتجاوزه لتحطيم الأرقام القياسية العالمية والوصول إلى الهدف المنشود، وهو اكتفاء السودان الذاتي من سلعة السكر والاتجاه إلى التصدير مع الاستفادة القصوى لمخلفات صناعة السكر من بقاس ومولاس ومزيد من تصنيع قطع الغيار محلياً لتحقيق شعار (صنع في السودان). السودان حباه اللَّه بميزات تفضيلية في صناعة السكر قل أن تجد مثلها على مستوى العالم أجمع، ومنها الظروف المناخية والطبيعية المواتية والتربة الخصبة الصالحة للزراعة ذات التكوين المتجانس إضافة لتمتع السودان بمياهه الوفيرة مياه النيل وروافده ومياه الأمطار إلى جانب أحواض المياه الجوفية التي تعتبر ثروة لا يستهان بها للبلاد. وفوق هذا وذاك، فقد أكدت الأجهزة البحثية خلو حقول قصب السكر في السودان من الأمراض والآفات التي تتسبب في إتلاف المحصول أو تدني الإنتاجية، زد على ذلك خلو بلادنا من الجليد والأهوية (سايكلون) التي تؤثر سلباً على المحصول إضافة للاهتمام المتعاظم بالبحوث الزراعية، حيث انصب جُل اهتمام السودان منذ أن عرف صناعة السكر بمراكز أبحاث القصب، وخير دليل وشاهد على ذلك محطة أبحاث الجنيد ومحطة أبحاث السكر بكنانة.. وكذلك من الميزات التفضيلية التي تجعل السودان متقدم ركب صناعة السكر في العالم، وجود الطرق المعبدة التي تخترق مناطق الإنتاج والاستهلاك، إلى جانب ثورة الاتصالات التي غطت جميع أنحاء البلاد، أضف إلى ذلك الاكتفاء الذاتي من المواد البترولية وزيادة توليد الكهرباء وبناء محطات حرارية إضافية وبناء مشروعات التوليد المائي ممثلة في سد مروي وتعلية خزان الروصيرص، هذا إلى جانب أن مصانع السكر تعتبر مصدراً مهماً للطاقة المتجددة.. وكذلك فالسودان يمتاز بتوفير القوى العاملة والخبرات الفنية المتراكمة منذ أوائل الستينيات، علاوة على أن هنالك مراكز مؤهلة لتدريب العاملين ورفع الكفاءة الفنية والمهارات.. وفوق كل ذلك موقع السودان الجغرافي حيث يطل على البحر الأحمر الذي يعتبر ملتقى لثلاث قارات، بل السودان يعتبر منطقة انتقال طبيعية بين إفريقيا جنوب الصحراء شمالاً إذ يتوسط العالم العربي والإفريقي ليضيف بذلك ميزة اقتصادية لتجارة السكر في الأسواق العربية والإفريقية ودعم الميزان التجاري للدولة، ويسهم مساهمة فاعلة في توريد عائدات بالعملة الحرة والعملة الصعبة وإنشاء العديد من الصناعات التي تقوم على مخلفات الإنتاج من بقاس ومولاس وطينة المرشحات. وصناعة السكر في السودان هي صناعة قاطرة تجر معها صناعات كثيرة ومهمة تشكل داعماً حقيقياً للاقتصاد الوطني.. هذه الصناعة عرفها السودان منذ عام «1959م» بينما تعمل في الوقت الراهن ستة مصانع للسكر منها أربعة تابعة للقطاع العام (شركة السكر السودانية) وهي الجنيد وحلفا وسنار ومصنع سكر عسلاية إضافة لكنانة كرأس مال عربي مشترك وسكر النيل الأبيض. هذا ولأهمية هذه الصناعة الإستراتيجية المهمة في حياة المواطن اليومية والتي تنتج لنا سلعة السكر فلنربط القارئ والمتلقي ونزوده بتفاصيل عن هذه المصانع. فمصنع سكر الجنيد شيخ مصانع السكر بالسودان بدأ موسم إنتاجه التجاري «1962م 1963م» بطاقة طحن «4» آلاف طن متري في اليوم بإنتاج سنوي يبلغ «60» ألف طن من السكر الأبيض، وقد حقق طاقته القصوى منذ زمن وتجاوزها ليحقق الأرقام القياسية العالمية وفي المقدمة.. أما مصنع سكر حلفا فقد بدأ إنتاجه التجاري موسم «1965م 1966م» بطاقة طحن يومية بلغت «5.500» طن وبطاقة تصميمية بلغت «90» ألف طن سكر في العام.. هذا وقد أثمرت جهود إعادة التأهيل للمزرعة والمصنع عن ارتفاع الإنتاج.. ومصنع سكر سنار بدأ إنتاجه التجاري في موسم «1976م 1977م» بطاقة طحن يومية تعادل «6.500» طن متري وبطاقة تصميمية بلغت «110» آلاف طن سكر، وقد رفعت جهود الإحلال وإعادة التأهيل إلى رفع الإنتاج والإنتاجية، أما المصنع الرابع لشركة السكر السودانية والتابع للقطاع العام فهو مصنع سكر عسلاية الذي بدأ مسيرته الإنتاجية في موسم «1979م 1980م» بطاقة طحن يومية تعادل «6.500» طن متري من القصب وبطاقة تصميمية بلغت «110» آلاف طن من السكر الأبيض في العام، وقد كان لجهود إعادة التأهيل الفضل في رفع الإنتاجية. أما مشروع سكر كنانة فهو مشروع متكامل في مساحة «39.363» هكتاراً ويتكون من مصنع طاقته للطحن «20» ألف طن قصب في اليوم لإنتاج «300» ألف طن سكر في العام.. هذا وقد استهلت كنانة إنتاجها التجاري «1980م 1981م» وبتجاوز متوسط إنتاجها السنوي «300» ألف طن سكر، وقد تجاوزت هذا الربط وتفوقت وحققت الأرقام القياسية العالمية.. وكنانة رأس مال عربي مشترك، المساهمون فيها من عدة دول ممثلين في حكومة السودان وحكومة دولة الكويت وحكومة المملكة العربية السعودية والشركة العربية للاستثمار والهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي ومؤسسة التنمية السودانية (مصرف) ومجموعة البنوك السودانية وشركة لونرو البريطانية وشركة نيثوايواي اليابانية وشركة الخليج لمصايد الأسماك.. أما مشروع سكر النيل الأبيض الذي بدأ مسيرته الإنتاجية قبل عامين يعتبر من أضخم وأكبر مصانع السكر بالبلاد، حيث يقع في ولاية النيل الأبيض على الضفة الشرقية للنيل الأبيض على بعد «150» كيلو متراً جنوب العاصمة القومية، ويمتد بطول «50» كيلو متراً شمالاً وبعرض «20» كيلو متراً شرقاً وغرباً ويحده من جهة الشرق امتداد مشروع الجزيرة والمناقل ومن جهة الغرب طريق المرور السريع (جبل أولياء ربك)، في مساحة قدرها «165» ألف فدان وتبلغ التكلفة الرأسمالية للمشروع «409» ملايين دولار أمريكي. نأمل أن يكون هذا الموسم موسم خير وبركة وأن يشمر فيه العاملون في هذه المصانع عن سواعد الجد لقبول التحدي برفع الإنتاج والإنتاجية وتنفيذ الخطة وتجاوز الربط المحدد لبلوغ السودان لمرحلة الإكتفاء الذاتي وتجنبنا نغمة الاستيراد لنكون في مصاف الدول الصناعية المتقدمة. اللهم بارك لنا في صناعتنا وفي مدنا وفي زرعنا وفي ضرعنا وفي هذا الموسم الذي جاءت بشرياته تترى. اللهم آمين يا رب العالمين.