مع وتيرة الحياة المتسارعة في كل شيء، أصبحت المعرفة كالهواء جميعنا يحتاج لها، ذلك لأن كل شيء يختص بالمعرفة في تجدد وتسارع ايضاً، فالعلم الذي توصل إليه الإنسان خلال الخمسين عاماً السابقة يفوق ما توصل اليه خلال آلاف مؤلفة من السنين، والآن تكمن خطورة العلم والمعرفة بشكل عام في اهميتها وحاجتنا لهما من اجل بقاء حياتنا وصلاحها وتوافقنا مع ما حولنا في هذا الكون من احياء واشياء. ولم تترك لنا وسائل الاتصال الحديثة عذرا.. فقد تدفقت العلوم عبرها في اي مكان وزمان وبتكلفة زهيدة جداً، فاصبحت المعرفة في متناول اي انسان على وجه البسيطة، وصارت خدمة الانترنت بوابة كبيرة عبر الفضاء الاثيري ليرتوي من خلالها كل ظامئ للمعرفة وكل طالب للعلم، فاهمية الانترنت ليست فقط في تسهيل وشائج الاتصال وتبادل الملفات عبر البريد الالكتروني، ولكنها وضعت كل شيء امامنا بسهولة ويسر، ففي وقت وجيز جداً لا يتعدى ثانية او ثانيتين تجد نفسك امام محيط واسع لا ينضب، فماذا تريد، أية معرفة تبتغى وعن أية معلومة تبحث، فاصبح الخيار امامنا مفتوحاً لاغتنام الفرص العظيمة لأجل التزود بما نريد في كل ضروب العلم والمعرفة. ولم تعد القراءة مجرد الاختلاء بكتاب حصلنا عليه بشق الانفس او عن طريق المصادفة مهملاً في احد ارفف المكتبات، ولكنها تحولت تحولاً كبيراً وجذرياً وذلك عبر شاشة بلورية، واصبح اغتناء أى كتاب من السهولة بمكان، وكل هذا يعتمد على ما تريده او تبحث عنه، ومن جملة الاشياء الجميلة التي افادتنا بها خدمة الانترنت انها بدأت تستدرجنا رويداً رويداً لفعل القراءة. وبإمكاننا ان نحول منازلنا الى مكتبات تشع فيها المعرفة، وذلك اذا تمكنا من طباعة كل ما هو مفيد وصالح على الانترنت، وبإمكاننا ان نتحف ابناءنا واخواننا الصغار بما نجده من قصص مفيدة وكتب تعليمية تناسبهم، فهذا يطلق مداركهم ويزيد نشاطهم ويدعم توجهاتهم في ما يرونه طريقاً لهم في المستقبل، فاذا كان ابناؤنا او اخواننا الصغار ذوي ميول ولو بسيط في اتجاه اية معرفة او مهارة فيمكننا ان ندعمهم بشتى الكتب والمقالات المفيدة. ولا توجد حدود لحصر فوائد القراءة، ولكن يكفى أن الله سبحانه وتعالى ابتدأ بها كتابه المنزل على رسوله الأمي الأمين، حيث وجدت كلمة «اقرأ» شرفاً كبيراً بهذا، فالقراءة هي اول ما يستعين به الإنسان لمعرفة ربه ودينه ولعمارة الأرض، وهي اولى الوسائل التعليمية والتوجيهية التي تقرب الانسان الى خالقه وبارئه. فماذا لو جعلنا بيوتنا تشع فيها المعرفة وشملناها بالكتب القيمة التي لا تكتفي بتغييرنا، ولكن يمكننا بها أيضاً ان نغير كل ما نراه أمامنا، حينها تصبح الحياة اكثر جمالاً وأعظم رونقاً، ونكون بذلك قد حققنا عمارة الأرض. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (بلغوا عني.. ولو آية)، فالإنسان مطالب بأن يعلم غيره ما تعلمه هو، وفي هذا فوائد جمة ومنافع عظيمة، منها تثبيت العلم في الذهن وافادة الغير بتعليمه.