الدواء يمثل حجر زاوية لأي نظام صحي في كل دول العالم وللأسف في السودان أصبح التعامل التجاري مع الدواء شأنه شأن أي سلعة أخرى في بلد غالبية أهله من الفقراء والمحتاجين والضعفاء وعلماً بأن المواطن أصبح يساهم في تكلفة العلاج منذ عام 1991م وبالقانون بعد أن كانت الدولة في السابق تتكفل بالعلاج مجاناً للمواطن وأسرته .. وكان يتوفر في كثير من المنازل صندوق للإسعافات الأولية مجاناً. هناك عدد كبير من الأدوية تُعرف بالأدوية المنقذة للحياة وهي حوالى مائة وخمسين صنفاً من الأدوية يستخدمها عدد كبير من المرضى وتسهم في إنقاذ حياتهم وهي ليست ذات قيمة اقتصادية كبيرة إذا ما نُظر إليها بالمنظور الاقتصادي والتجاري، ومن أوجب واجبات الدولة التكفل بتوفيرها واستيرادها ودعمها، ولأن صحة وحياة وأرواح المواطنين على عاتقها ومن مسؤولياتها لكن ما حدث خلال الشهور الأربعة الماضية من اختفاء بعض الأدوية المنقذة للحياة من أرفف الصيدليات ينذر بحدوث أزمة دوائية حادة تتهدَّد المرضى ويفشل عددٌ كبير من السودانيين في توفير ما يلزم لشراء ما يجده من دواء يندر الحصول عليه حينًا ويغلبه سعره أحيانًا أخرى، مما دفع كثيرًا من المواطنين للعودة إلى التداوي بالأعشاب وغيرها من العقاقير. وفي المقابل تشكو بعض الصيدليات ومصانع الأدوية تعرضها لضغوط حكومية بفرض الضرائب وكثير من الجبايات الأخرى، مما أجبر بعضها على التوقف عن العمل وفق أصحابها. ويرى مهتمون أن عدم دعم الدواء سيهدد بتوطين كثير من الأمراض مستعصية العلاج، مشيرين إلى إمكانية حدوث عمليات تهريب واسعة للدواء المغشوش إلى داخل البلاد. فاتحاد الصيادلة ما يزال يحذر من أزمة دوائية حادة في حال عدم تدخل الحكومة وتوفيرها للنقد الأجنبي الذي يساعد في استيراد الدواء والعقاقير الطبية من خارج البلاد، معربًا عن خشيته من أن انعدام الدواء سيفتح الباب للتهريب وإدخال الأدوية المغشوشة. أزمة قادمة أعلن اتحاد الصيادلة عن أزمة حادة في الدواء بالصيدليات جراء إحجام 50% من شركات الدواء عن البيع في وقت كشف فيه عن عرض 430 صيدلية للبيع بعد خروجها من السوق بسبب ارتفاع المنصرفات المالية من رسوم وجبايات وضرائب. كارثة دوائية وأكد د. نصري مرقس رئيس شعبة الصيدليات في مؤتمر صحفي بطيبة برس تضاعف أسعار جميع أصناف الأدوية بنسبة 100% وحذر من مغبة حدوث كارثة دوائية بالبلاد جراء إحجام الدولة ممثلة في وزارة المالية وبنك السودان عن منح مستوردي ومصنعي الأدوية النقد الأجنبي، وكشف مرقس عن اتجاه عدد من الصيدليات للتوقف عن العمل لمدة ساعة احتجاجاً على ما تعرضت له الصيدليات من اتهام بفوضى الأسعار بجانب تجفيف أرفف الصيدليات من الدواء لأكثر من «4» أشهر بسبب إحجام الشركات عن البيع، وقال إنّ الصيدليات حالياً تبيع في بقايا الأدوية مشيراً لتكدس الأدوية بمخازن الشركات بعد ارتفاع أسعار الدولار، وطالب رئيس الشعبة الدولة بالتدخل لتوفير العملة الصعبة متنقداً إياها لإحجامها عن توفير النقد الأجنبي للشركات ودعوتها إياها إلى الشراء من السوق الموازي بينما توجه فيه النقد الأجنبي لجهات أخرى، وتوقع. د. نصري إغلاق بعض الصيدليات وخروجها من السوق. وأكد فشل قرار وضع أسعار الأدوية على الديباجة واصفاً تصريحات مسؤولين بوزارة الصحة بالمضللة والتخديرية. وانتقد التصريحات الصادرة من المجلس الوطني رافضاً الرد عليها. من جانبه أبدى د. حمدي ميرغني نائب رئيس الشعبة أسفه للإساءة التي وُجِّهت للصيدليات من جهة تشريعية. وحمل الدولة مسؤولية ارتفاع أسعار الدواء مشيراً لوجود 300 شركة دواء. وقال إن الصيدلية بها أكثر من 400 صنف دواء وشكا من ارتفاع الرسوم والعوائد والمنصرفات على الصيدليات بعد التزامها بتوفير متطلبات تحسين البيئة الأمر الذي قال إنه دفع عددًا كبيرًا من أصحاب الصيدليات لعرضها للبيع بعد خروجها من السوق، واعتبر ذلك جريمة في حق الدواء مشيراً إلى أن الصيدلية تعمل بهامش ربح 6.16%. آليات جديدة مدير إدارة النقد الأجنبي ببنك السودان المركزي عماد أحمد جبريل قال إن البنك وفّر نحو 214 مليون دولار للمعنيين بأمر الدواء منذ بداية العام، كما وفر 228 مليونًا منذ أكتوبر حتى ديسمبر القادم لمعالجة مشكلة الدواء. لكنه اعتبر في حديثه للجزيرة نت أن «الخلل ليس في النقد الأجنبي وإنما لأسباب تعود لسوء آليات توفير الدواء» مؤكدًا وجود رقابة صارمة من قبل المركزي على البنوك التجارية لضمان توفير النقد الأجنبي للشركات المستوردة للدواء والمصانع لشراء الخام. جفاف الأسواق من بعض أدوية «العلاج المستمر» وسط تجاهل المسئولين بمجلس الأدوية