الأستاذ إسحاق فضل اللَّه عباراته تغوص في بحر الألغاز، وبعض ملامحها تظهر حالة سالبة تنتشر كالوباء. وتهويمات الكلمة عند إسحاق حاولت مقابلتها بتماثل لا أدري هل هو تام أم ناقص، ولكن في ظني أن مشكلة البلد الوحيدة هي الفساد، فعناوين الصحف تركز أحياناً عليه وتداعياته من مشكلات اجتماعية متفشية وفقر متعاظم وجريمة متطاولة وتدهور بيئي منتشر، أما ما فهمته مما كتبه الأستاذ إسحاق ثمة مؤامرة كبرى أدواتها تعمل للتأثير في الصفوف الأمامية في الدولة والمجتمع، فربما هذا المقصود هو الدافع في جعل كلماته كالحرباء. وربما تناوله للمواضيع المثيرة للجدل بجرأة ووضوح قديم قد يتم منحه جائزة الشجاعة في الصحافة، ولكن يبدو أنه غير مهتم بهذه الجائزة. وفي جملة ما قرأت للأستاذ إسحاق تناوله للمشروعات الزراعية الخاسرة، ففي فشلها لا يلوم العشوائية والفعل التلقائي والكسل الذي حقيقة أصابتنا به لا تخطئه العين، إنما نجده يُدخل انهيار المشروعات الزراعية في منظومته المتخيلة والمترابطة بإحكام، بهدف إنقاذ جزء من التآمر الكبير ماذا إذاً أدرك الأستاذ إسحاق في عام «1992م» أن الاتحاد الأوربي في سياسته الزراعية منح المزارعين الأوربيين قرضاً تشجيعياً على ألا يزرعوا أجزاء كبيرة من أراضيهم، حيث تجنب المزارعون «50%» من أراضيهم وتركوها بوراً، وكان هذا البرنامج في إطار توجيهات بيئية حتى يتم انتعاش الحياة البرية للسماح بعودة الذئاب والدببة، وقال أحد الصحافيين عادت الذئاب إلى فرنسا بعد غيبة طويلة. نحن عندنا كثير من البرامج التي تتخذها بعض مؤسسات الدولة نظراً لتعقيدات توصيل مراميها بصورة جيدة وسليمة لجمهور الناس، وخاصة أن صدورهم تمتلئ بكم من سوء الظن وعدم الثقة. ويفضل التنفيذيون إخفاء الأهداف إن كانت لا تنسجم مع ما هو معتاد بين الناس. والغرض من كلامي أن الأستاذ خبرته الطويلة مع مؤسسات الرصد والمتابعة للحراك السياسي المنظم فوتت عليه حقيقة أن العشوائية هي الغالب في كثير من التصرفات التي يقوم بها البعض، حتى إن كانوا من النخبة لأن الفردية والذاتية تطغى على الفكرة الكبيرة، ولا يعقل أن يحشد الأستاذ يومياً في عموده كماً من الأسرار التي تعتبر حبات في مسبحة المؤامرة تعيد بها بعض من تعرفهم وتعايشهم.. حتى هم قد تأخذهم الحيرة إذا أدركوا أنهم كانوا المعنيين بهذا الكم من القدرات الفائقة من الدقة.. ومن ضمن ما قرأت من تلميحات عن شرق السودان بذات الطريقة أنه يضع أحداث الشرق في منظومته الفائقة الدقة في لعبة التآمر المتخيل.. وأي مراقب للشرق يدرك أنه يتعرض لتدهور ديمقراطي وصعوبة في التكيف مع آفاق التغيرات في المجتمع والبيئة، فمعظم أهل هذا البلد محصورون في مؤونة العيش، أما قصص السلطة والتهميش فيرددها الباحثون عن الثروة بأقصر طريق، فالسياسة هي المسار الأقصر، وإدعاء تفاقم الأزمات، ولا بد من اتخاذ تدابير عاجلة، وهنا يقصدون المعونة المالية التي سوف يأخذونها ويذهبون بها إلى السوق. أما انفجار الأزمة يا أستاذ إسحاق حد المطالبة بحكم ذاتي أو فدرالي أو تقرير مصير، فلا يوجد من يحمل تلك الفكرة، فإن وجدت لا تتعدى الميكرفونات وأوراق الصحف التي يعمرها تجار السياسة الذين يريدون أن يتخذوا تلك المطالب عصياً لفتح منافذ الجزرة المقلقة.