بدأت الحكومة تطبيق البرنامج الثلاثي للاصلاح الاقتصادي بإجراءات تقشفية أدت الى تأخر خطوات النجاح نتيجة للتباطوء في اتخاذ الإجراءات الإصلاحية المطلوبة لمعالجة آثار الصدمات التي تعرض لها الاقتصاد، ما أدى لتدهور الأوضاع والتي احتاجت من القائمين على الامر باعادة النظر في وضع ميزانية وبرامج اصلاحية ناجحة فيما كشف البرلمان عن ملامح موازنة العام المالي 2015م التي استهدفت خفض الإنفاق الحكومي في مقترحاتها والتي تمت وفقاً لموجهات البرنامج الخماسي للإصلاح الاقتصادي (2015 2019م) باعتبارها تمثل السنة الأولى من البرنامج بالاضافة الى سعيها في ترشيد الإنفاق العام وبتطوير ضوابط الأداء المالي وآليات الرقابة المالية وتقوية الأجهزة الرقابية ومعايير الشفافية بتوسيع مشاركة الجهات الرسمية في تطوير إعداد وتنفيذ الموازنة والتزامها بقانون ولائحة الإجراءات المالية والمحاسبية وقانون ولائحة المراجعة الداخلية في إعداد مقترحات الموازنة. إلا ان حديث وزير المالية بصعوبة خفض الانفاق الحكومي احدث حاله من الاحباط في الوسط الاقتصادي حيث اكد الوزير بدر الدين محمود إن خفض الإنفاق غير ممكن مقدماً في ذلك دفوعاته بأن أكثر من (40%) من المصروفات تذهب لصالح المرتبات، (20%) الأمن والدفاع، (20%) التحويلات الجارية للولايات، (20%) لصالح التعليم والصحة، مشيراً إلى أن ذلك دفعه للاتجاه لزيادة الإيرادات. فيما ان سبق لوزارة المالية ان أقرت بظهور عقبات كبيرة تحول دون خفض الإنفاق الحكومي من بينها امتلاك كثير من الوزارات والمؤسسات لمجالس تزيد عبء الموازنة. اضافة لعدم استجابة الولايات لخفض الإنفاق الحكومي، وأضاف أن الولايات لديها مطالبات بتحويل أموال التنمية لمرتباتها، وأضاف بالاشارة لوجود مشكلات تعترض الديون الداخلية إلى جانب عجز الميزان التجاري للدولة. ويقول الخبير الاقتصادي د. محمد الناير ل (الإنتباهة) حول ما يتعلق بصعوبة خفض الانفاق الحكومي ان الهدف هو ترشيد الصرف العام بمعنى ضرورة ترتيب اولويات الصرف بالشكل الذي يؤدي الى انجاح الخطة والتخلص من الصرف غير الضروري مشيرًا الى ان ذلك مرتبط بقرارات سياسية وبرلمانية تتعلق بإعادة هيكلة الدولة في المستويات المختلفة التنفيذي والتشريعي بالمركز والولايات والمحليات شأنها ان تقود الى خفض الانفاق العام لافتاً الى ضرورة ادخال ما يتم خفضه لدعم القطاعات المنتجة (النباتي والحيواني) وتوقع الناير ان مع تعديل الدستور وعلو اصوات لتقييم وتقويم الحكم الاتحادي يمكن ان تتخذ بعض الإجراءات لترشيد الانفاق العام وذلك بزيادة حجم الايرادات دون المساس بالمواطن والمستوى المعيشي. بينما يرى الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي ضرورة وضع معالجات بديلة في الموازنة القادمة حال لم تتمكن الدولة من تعديل هيكلة نظام الحكم الذي اصبح يرهق كاهن الموازنة نتيجة الانفاق الكبير على الولايات التي تعتبر كل ولاية حكومة قائمة بذاتها وتتمتع بصلاحيات وانفاق ضخم خاصة مشيراً الى ان السودان يضم (20) مجلس تشريعي يمنح اعضائه امتيازات الوزراء ومخصصات كبيرة، وأشار الرمادي في حديثه ل (الإنتباهة) الى ضرورة تقليص الولايات بما يتناسب وامكانات الدولة قائلاً (مد كراعك حسب لحافك) لافتا الى ان مقدرة الاقتصاد في الوقت الراهن للانفاق على نظام حكم مترهل غير ممكنة وأي محاولات بديلة لتغطية هذا الاهدار في الموازنة المقبلة يعتبر حرثاً في البحر. وأضاف ان اتجاه الحكومة لاستقطاب دعم وقروض من الجهات الخارجية يتطلب جهداً ووقتاً كبيراً يتعلق بترميم العلاقات مع كثير من الدول ونادى الرمادي بضرورة زيادة موارد الدولة وتحريك الطاقات الكامنة من خلال زيادة الانتاج افقياً وراسياً وتفجير الطاقات الزراعية والصناعية بالبلاد، مشيرًا الى ان الحكومة درجت لتغطية العجز في الموازنة عن طريق زيادة الرسوم والضرائب قائلاً أرجو ان لا تلجأ هذه المرة لمثل تلك الاجراءات لما تسببه من أضرار تؤدي الى رفع معدلات التضخم وزيادة الاسعار ما يزيد الأعباء على المواطنين ذوي الدخل المحدود.