أكد الفريق شرطة أبوعبيدة سليمان عوض الكريم مدير الإدارة العامة للسجون، نجاح البرامج الإصلاحية التي استهدفت عناصر الجماعات المتفلتة التي حوكمت بالسجن، وقال في حواره مع «الإنتباهة» انه يتم تصنيف النزلاء حسب أعمارهم وميولهم المهنية، وقال: لا يوجد بالسودان عصابات مخيفة ومزعجة كالتي نعرفها بسجون دول العالم المختلفة، مشيراً لنجاح النزلاء في الموسم الزراعي، والكثير من المحاورالتي نفصلها عبر هذا اللقاء الخاص. * حدثنا عن واقع السجون في السودان؟ يعتبر السودان متقدما جداً في هذا الجانب، من حيث مراعاة حقوق الانسان، فلوائح السجون مستمدة من قيم الدين وتقاليد المجتمع وتكوينه وإرثه، ونتميز عن الآخرين من الدول بامتيازات كثيرة كالضمانة، الإجازة، الخلوة الشرعية، زيارات الأسر للسجون، وزيارة النزيل للأسرة، والإفراجات العامة في المناسبات الدينية والقومية، والأفراج عن حفظة القرآن، إضافة للكثير من البرامج الإصلاحية. * أخبرنا عن أنموذج لمشروع استقرار يشرف عليه السجن؟ مثلاً مشروع السجن الفتوح في المشاريع الزراعية وهي مشاريع نهدف من خلالها أن يستفيد النزيل من هذه المشاريع ويحقق عائدا ويخفف من حدة اكتظاظ سجون العاصمة، وبعد النجاح الذي وجدته هذه المشروعات توسعنا في رقعة المساحات المزروعة، وقد زادت بنسبة مقدرة مقارنة بالمواسم السابقة، خاصة في ولايات القضارف والنيل الأزرق وسنار وقد وصلت رقعة المساحات المزروعة حوالي «18» ألف فدان، وهذه من شانها تحقيق عائد مادي كبير يعود على النزيل ويسهم في الإستقرار الاقتصادي. * كيف يتم اختيار النزلاء لهذه المشروعات؟ عادة عند تشغيل هذه المشاريع ندفع بالنزلاء الذين لديهم أحكام قصيرة أو قاربت نهاية أحكامهم، وفي ذلك رؤيتنا الادماج والتهئية للانخراط في المجتمع، كما أنها تحقق له عائدا يساعده في مواصلة حياته بعد انتهاء فترة عقوبته، ولنا برنامج مشروع النزيل المنتج، وفكرته تمليك وسائل إنتاج ورفع قدرات النزلاء في العمل الحرفي، وهو شراكة مجتمعية ناجحة استفاد منها عدد كبير من النزلاء، ونستطيع القول ان نظام السجون المفتوحة والذي تنادي به معظم دول العالم مطبق في السودان منذ العام 1962م. * كيف تتم اختيارات مشروعات النزيل المنتج؟ النزيل عندما يدخل السجن يخضع لحالة دراسة بواسطة خبراء تساعد على التصنيف، وهذا هو المرتكز الأساسي للعملية الإصلاحية، والتصنيف يكون عادة من حيث النوع والعمر ونوع الجريمة ومدة الحكم، وطبيعة نشاطه وقدراته، وقد خرجت السجون حرفيين مهرة في مختلف المجالات. * هل تلبي هذه الورش الاحتياجات التدريبية؟ نعم بالسجون ورش تقليدية تجاوزها الزمن وبصدد التخلص منها فما عادت تتوافق مع مطلوبات السوق لذلك شرعنا مع شركاء آخرين لتأهيل الورش واستبدالها بورش متطورة وبمدربين، وقد نسقنا مع المركز التركي في بحري لهذا الأمر، فقد غزت الأسواق أنواع جديدة من الأثاثات المستوردة التي حلت محل الأثاثات المصنعة في الورش التقليدية فكان لابد من مسايرة هذا التطورواستخدام تكنولوجيا الحاسوب المتطورة. * كيف تسير العملية التعليمية داخل السجون؟ نهتم بالعملية التعليمية، بشقيها العام والعالي وقبل المدرسي، فهناك مدارس مؤهلة وبها معلمون أكفاء من وزارة التربية والتعليم ونهتم كذلك بالجوانب الدعوية وتحفيظ القرآن وبفضل الله لدينا نزلاء كثيرون حفظوا القرآن الكريم كاملاً داخل السجن، والكثيرون حفظوا أجزاء مقدرة من القرآن الكريم، ويشرف على هذا الجانب أئمة ودعاة ومرشدون وبشهادات معتمدة. * حدثنا عن برامج الأطفال التعليمية بالسجون؟ التعليم قبل المدرسي بالسجن شقان محو أمية وهم قلة يتم تعليمهم حسب الأعمار، وتوجد حضانة للأطفال الرضع المرافقين لأمهاتهم النزيلات، وهذا فيه إكرام للأمومة والطفولة والقضاء السوداني يرفق الطفل الرضيع لأمه حتى يبلغ العامين، واللائحة منحت مدير السجن الحق في تمديد هذه الفترة إن رأى مصلحة الطفل في البقاء مع أمه، أو نما إلى علمه أن الطفل لا يملك أسرة ممتدة ولا نتركهم في السجن، وإنما في حضانة خاصة منعزلة عن السجن يشرف عليها اختصاصيون اجتماعيون وكادر مؤهل في تعليم الرياض. * ما مصير من يولد بالسجن؟ من يولد بالسجن لا نستخرج له شهادة ميلاد بالسجن، وإنما بأقرب مستشفى حتى لا تلاحقه وصمة لمشكلة هو لا ذنب له فيها، وبالسجون وحدات طبية متكاملة وما يلي النساء والتوليد في العديد من السجون نجده أفضل بكثير من حيث الرعاية والإمكانات مقارنة بما هو موجود في مؤسسات صحية أخرى. * حدثناعن الأطفال المحكومين بالسجن وكيفية رعايتهم؟ هذا جانب نوليه عناية كبيرة، فالأطفال الجانحون لا تتم محاكمتهم بالسجن وإنما يوضعون تحت التدابير الإصلاحية وفي محاكم خاصة بالأحداث، لذلك سياستنا معهم في التعامل بالزي المدني وعدم حمل السلاح في حراستهم، بل لا يدخل عليهم عسكري مسلح، ولنا داران الأول للأشبال وهم في الفئة العمرية بين «8- 13» سنة، ودار الفتيان «13- 17» سنة والحلقة المفقودة لدينا في السجون هي فئة أعمار الشباب ما بين «18-25» سنة وهؤلاء لهم معاملة خاصة في السجون، إذ يتم التحفظ عليهم في مكان منفصل داخل السجن ومراقبة سلوكهم ونتيح لهم فرصة مواصلة التعليم والكثير منهم يدرس بالجامعات. * هل يدرسون الجامعة من داخل أسوار السجن؟ بل يذهب النزيل للجامعة ويرتدي الحرس الزي المدني يخرج بمواعيد ويدخل بمواعيد، ونرمي هذا الإجراء ألا نشوش عليه في الدراسة وهذه العملية تتم بإجراءات تضمن عودته وعدم هروبه. * نلاحظ أن السجون الآن محاصرة بالمدن بعد التوسع في الخطط الإسكانية، أليست هذه مشكلة؟ هذا يعتبر من أكبر تحدياتنا، فمشكلة تمدد المدن حول السجون أفرزت الكثير من الإشكالات الصحية والبيئية وهي مشكلة كانت مستعصية، والحمد لله الآن شرعنا في معالجة هذه الإشكالات من خلال إنشاء مدن إصلاحية بمواصفات عالمية تراعي الجوانب السالبة، فمدينة الهدى الإصلاحية مثلاً حلت مشكلة الاكتظاظ وتمكن من إنفاذ البرامج الإصلاحية، ولنا خمس مدن أخرى بذات المواصفات وهي مدينة «التقوى» في مدني، واكتملت دراستها الفنية وخرطها وقد استلمنا الأرض وملحق معها مشروع زراعي كبير ومركز تدريب ومدينة أخرى في بورتسودان «الاستقامة»، و«البر» في القضارف، ومدينة «الخير» في الفاشر، وهذه المدن تؤسس لمؤسسات إصلاحية ممتازة وتنتهي من إشكالات الاكتظاظ نهائياً. * بالسجون الكثير من عناصر العصابات المتفلتة، فما هي برامجكم لها وكيف تتعاملون معها؟ لا يوجد بالسودان عصابات خطيرة ومزعجة، والموجودون عندنا غالبًا ما يكونون مترددين، وإذا قارناهم بالعصابات الموجودة في سجون بعض الدول فإن الفارق شاسع، إذ لا يمكن لضابط سجون أن يتجول وسطهم دون حراسة مشددة وتحوطات وتعزيزات أمنية واسعة، وهنا في سجون السودان نتحدث إليهم بصورة عادية، وضابط السجن يسير دون حراسة، وهذا في تقديري يعود لسجية الشعب السوداني، ونتعامل معهم كبقية النزلاء عندما يدخلون السجن يتم تصنيفهم وفق الأسس التي أوضحناها وتعالج أمورهم بذات الكيفية العلمية ولاحظنا أن هؤلاء الشباب يتميزون بسرعة الاستيعاب في التعلم وتبادر إلينا أنهم لم يجدوا رعاية عندما كانوا خارج السجن فجنحوا للجريمة، ولاحظنا أنهم متفوقون وبرامج إصلاحهم ناجحة بنسبة كبيرة.