نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» (Jerusalem Post) الإسرائيلية الصادرة باللغة الانجليزية الجمعة الماضية تقريراً إخبارياً ذكرت فيه أن أول سفير لدولة جنوب السودان لدى اسرائيل سوف يصل الاسبوع المقبل الأراضي الإسرائيلية. وافادت صحيفة «جيروزاليم بوست» على موقعها الالكتروني أن السفير الجنوب السوداني روبين ماريال بنجامين سوف يقدم اوراق اعتماده للرئيس الاسرائيلي روبين ريفلين الاسبوع المقبل. وكانت حكومة دولة الجنوب قد اعلنت عن تعيين روبين ماريال بنجامين سفيراً لدى اسرائيل في شهر سبتمبر الماضي، في اطار قرار اصدرته لتوسيع نطاق وجودها الدبلوماسي في العديد من الدول بما في ذلك دولة إسرائيل. ومنذ انفصال الجنوب في العام 2011 بادرت اسرائيل الى الاعتراف بالدولة الوليدة وشرعت في تكثيف اطر التعاون بين البلدين لتشمل كافة المجالات . الا ان تلك العلاقات تطورت واتخذت طابعاً رسمياً بعد موجة السرية التي أحاطت بها قبل الانفصال، حيث أعلنت إسرائيل إقامة علاقات دبلوماسية مع الجنوب في 28 يوليو العام 2011، وبذلك أصبحت من حيث الترتيب الرابعة من ناحية التمثيل الدبلوماسى بجنوب السودان بعد السودان ومصر والولايات المتحدةالأمريكية، تبعه تبادل للزيارات على المستوى الرسمي بين الدولتين، حيث نظمت اسرائيل أول زيارة رسمية لها الى جوبا برئاسة داني دانون نائب رئيس الكنيست في 29 أغسطس العام 2011، وكان أبرز نتائج تلك الزيارة الإعلان عن فتح سفارة لجوبا فى تل أبيب. كما قام «سلفا كير» بزيارة إسرائيل في 20 ديسمبر العام 2011، والتى وصفت حينها من الجانب الإسرائيلى بالزيارة التاريخية. والحقها أفيغدور ليبرمان بزيارة الى جوبا في سبتمبر العام 2012، ضمن جولة شملت خمس دول أفريقية. على ان اكثر الخطوات جرأة عقب انفصال الاقليم، كانت اعلان اسرائيل مباشرة اقامتها محطة للموساد في الجنوب، فقد قرر حينها كل من دان مريدو وزير الاستخبارات وتامير باردو رئيس المؤسسة المركزية للاستخبارات والمهمات الخاصة اقامة محطة اقليمية رئيسة للموساد في جوبا. ويعتبر باردو شخصية هامة للغاية داخل المنظومة الاستخباراتية الاسرائيلية ، فقد لعب دوراً محورياً في توطيد علاقات تل ابيب بالعديد من الانظمة الافريقية، بينما اشارت مصادر اسرائيلية الى ان باردو الملقب «بساحر أفريقيا» ظل شخصية سرية اثناء عمله كضابط اتصالات في افريقيا وكان يرمز له بالحرف (T) حسبما اشارت صحيفة «يديعوت احرنوت»، وحسب الصحيفة فان باردو نفذ عمليات سرية حساسة للغاية اشهرها عملية عنتبي في العام 1976م، واستطاع اطلاق سراح الرهائن الامريكيين عقب اختطاف ناشطين فلسطينيين طائرة اسرائيلية، وشغل باردو عدة مناصب تقنية وادارية خلال فترة عمله كان آخرها نائباً لجهاز الموساد وقبلها شغل منصب قيادة وحدة «تفيعوت» المسؤولة عن زرع أجهزة تنصت وتصوير. ويهم هنا ان نعلم ان لدى الرجل خبرة طويلة اثناء عمله في افريقيا على ان ما يهمنا هنا وهو قرار اسرائيل انشاء المحطة في جوبا والمهام الفعلية لتلك المحطة، وحسب دان مريدو فان مهام تلك المحطة هو تركيز محطات الموساد المنتشرة في العديد من الدول الافريقية ومنطقة حوض النيل وجمعها في عاصمة الجنوب. واشار تقرير نشره احد المراكز القريبة من الاستخبارات الاسرائيلية الى ان مهام تلك المحطة حددت على ضوء التطور الاستراتيجي الاسرائيلي تجاة افريقيا عموماً وشرق افريقيا تحديداً او ما اسماه بقوس الازمات «جنوب السودان ودارفور ومنطقة حوض النيل بالاضافة الى الصومال». وحدد التقرير المهام المتوخاة من اقامة المحطة في جوبا وهي مكافحة ما اسماه الارهاب الفلسطيني ممثلاً في تهريب الاسلحة والعناصر المسلحة وبناء عمق امني واستخباري يكون بمثابة عين راصدة لنقل المعلومات واية تهديدات محتملة، بالاضافة الى العمل مع شركاء افارقة في جنوب السودان ودفع دول حوض النيل «اثيوبيا ،كينيا واوغندا» في اطار منظومة استخباراتية قادرة على العمل الدفاعي والهجومي. وكما هو معلوم فقد دأبت إسرائيل على توثيق علاقاتها السياسية والعسكرية بحركة التمرد في جنوب السودان منذ نشأتها خلال خمسينيات القرن الماضي، الى حين انفصال الاقليم بعدما مرت بالعديد من المراحل وثق لها الاسرائيلي العميد معاش موشي فرجي في كتابه «عملية شد الاطراف وبترها»، الا ان إحدى الدراسات التي صدرت في يوليو العام 2001، والتى أعدها اليعيزر اولشتاين، أستاذ العلوم السياسة فى جامعة برا يلان، بعنوان « الأسلحة الإسرائيلية فى العالم» اشارت الى أن العقيد شاؤول رهان سكرتير عام وزارة الدفاع الإسرائيلى، كان قد اتفق فى أكتوبر العام 2001، على بيع أسلحة إسرائيلية متطورة إلى قوات الحركة، وذلك مقابل السماح لشركتي «حربار» و«نيفية» وهي شركات إسرائيلية، التنقيب عن البترول في جنوب السودان. الامر الذي بحثت اسرائيل تطويره لاحقاً عقب الانفصال وحاولت وضع يدها على العديد من ثروات الاقليم، مقابل صفقات الاسلحة والمعدات الثقيلة بجانب العديد من الاستثمارات هناك.