(في نطاق الجهود الإسرائيلية لخلق مرتكزات التموضع في دولة الجنوب بالتماهي مع رغبة دولة جنوب السودان مع هذا التوجه الإسرائيلي قرر كل من وزير الاستخبارات (دان مريدو) ورئيس المؤسسة المركزية للاستخبارات والمهمات الخاصة «الموساد» (تامير باردو) إقامة محطة إقليمية رئيسية للموساد في عاصمة دولة الجنوبجوبا). هذا الخبر نشره أحد مراكز الدراسات الاستراتيجية المقرب للاستخبارات الإسرائيلية، وأكد أن هذا القرار يتعلق برؤية استراتيجية إسرائيلية لدولة جنوب السودان كدولة حليفة ويعيد إنتاج العلاقات التي سبق وأن نشأت بين إسرائيل وأثيوبيا والتي جعلت من أثيوبيا ليس فقط مجرد حليف وإنما قاعدة تدار منها جميع الأنشطة الإسرائيلية الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية على مستوى شرق أفريقيا، وكذلك أجزاء أخرى مهمة من أفريقيا. إلا أن أهم ما جاء في هذا الحديث هو رؤية (دان مريدو) وزير الاستخبارات الإسرائيلي وحسب «دان» فإن محطات الموساد المنتشرة في العديد من الدول الأفريقية في شرق أفريقيا ومنطقة حوض النيل يجب تركيزها في محطة رئيسة ومركزية مقرها الجديد في عاصمة دولة الجنوب. وأشار التقرير إلى أن مهمات هذه المحطة حددت على ضوء التطور الاستراتيجي الإسرائيلي تجاه أفريقيا عموماً وشرق أفريقيا أو ما أسماه بقوس الأزمات «الصومال وجنوب السودان ومنطقة حوض النيل وصولاً إلى منطقة دارفور» وحدد الأهداف المتوخاة من إقامة هذه المحطة وهي مكافحة ما أسماه الإرهاب الفلسطيني ممثلاً في تهريب الأسلحة والعناصر المسلحة وبناء عمق أمني واستخباري يكون بمثابة عين راصدة وكاميرا تنقل لحظة بلحظة المعلومات المهمة عن وجود مصادر تهديد بالإضافة إلى العمل المنسق مع شركاء أفارقة في جنوب السودان ودفع دول حوض النيل أثيوبيا وأوغندا وكينيا في نطاق منظومة استخباراتية قادرة على العمل الدفاعي والهجومي. ويبدو أن إنشاء محطة للموساد في جوبا بات ضمن أولويات رئيس جهاز الموساد الجديد (تامير باردو). و(تامير باردو) حسب صحيفة معاريف الإسرائيلية هو ضابط الاتصالات بالقارة السمراء وأطلق عليه «ساحر أفريقيا» نظراً لتجربته الكبيرة في القارة الأفريقية، بالإضافة إلى كفاءته الأمنية الواسعة. والرجوع إلى تاريخ (باردو) في إفريقيا يشير الكاتب الأمنى بصحيفة معاريف أيمي يوجي «إلى الدور الذي لعبه ساحر أفريقيا ظهر بقوة منذ عملية عنتبي في العام 1976م عندما اختطف ناشطين فلسطينيون طائرة إسرائيلية على متنها (100) راكب قادمة من باريس ونجحت وحدة من الكوماندوز الإسرائيلي بقيادة يوني نتنياهو شقيق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنجامين نتينياهو الذي قتل في العملية من اقتحام الطائرة وتحرير ركابها، وأشارت الصحيفة إلى أن ساحر أفريقيا كان ضابط الاتصالات في العملية ولعب دوراً بارزاً في التنسيق بين الحكومة الأوغندية وإسرائيل وهي المهمة التي ينجح في القيام بها مع كثير من الدول الأفريقية. خبراء ومحللون إسرائيليون أشاروا لصحف إسرائيلية إلى أن تعيين الساحر في هذا الوقت تحديداً رئيساً لجهاز الموساد بسبب ما وصفوه باشتعال الحرب الأمنية والاستخباراتية السرية بين إسرائيل والعديد من الدول الأفريقية حسب الصحيفة وأشارت إلى خطورة التغلغل الإيراني في البلدان الأفريقية. ويبدو أن مشروع المحطة الاستخباراتية في جوبا هي إحدى المرتكزات التي أولاها رئيس الموساد الجديد أهمية بالغة وحدد المكونات الواجب تأمينها في بناء هذه المحطة الإقليمية حسب ما أشار التقرير، ومن بينها كادر بشري مؤهل ومدرب وكفء يستوعب كافة معطيات المقر الذي ستنشط فيه هذه المحطة شرق أفريقيا وأعالي النيل، وإعادة هيكلة المحطات الموجودة في دول المنطقة لتكون تحت إمرة المحطة الرئيسية والعمل وفق أجندتها. وأكد التقرير الذي نشره موقع مقرب لجهات الموساد الإسرائيلي أن إنشاء محطة إقليمية للموساد في جوبا فرض مقاربة جديدة للنشاط الاستخباري في شرق أفريقيا ومنطقة البحر الأحمر وأكد التقرير أن التوزيع الجديد لمهام المحطة يؤسس عمل كل من الموساد والاستخبارات الإسرائيلية، ووفقاً لذلك فإن محطة الموساد تمارس نشاطها في البعد البري في المناطق البرية في شرق أفريقيا وحوض النيل مع استخدام المنظومات الإلكترونية الثابتة مثل محطات الرصد والمتابعة. ومحطة تابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية ومقرها المدخل الجنوبي للبحر الأحمر «أرخبيل» و«دهلك» وهذه المحطة وفقاً للتقرير تعمل من قواعد متحركة تستخدم طائرات الاستطلاع «سكاي - سكاي» وكذلك «الموهوك» و«فالكون» والزوارق السريعة من طراز علياء مزودة بحوامة «سوبر دفورا» وزوارق دورية وميادين عملها البحر الأحمر من مدخله الشمالي إلى المدخل الجنوبي وبحر العرب والخليج والساحل الغربي للمحيط الهندي في كينيا وأهم نشاط ومهام هذه المحطة هو النشاط المعلوماتي ثم النشاط العملياتي من أجل الهجوم. وأكد التقرير أن هذا تحديداً ما نفذته هذه المحطة ضد السودان مرتين في 2009 وأبريل من العام 2010م وضد سفينة كارين والسيطرة عليها بزعم أنها تحمل أسلحة! وما يلفت على متن التقرير هو إقراره بأن من ضمن عناصر وجود هذه المحطة في دولة جنوب السودان هو التحديات التي تصدرها هذه المحطة إلى كل من السودان ومصر ودول إسلامية وعربية أخرى في المنطقة ومن بين أهدافها القيام بعمل أمني دفاعي وهجومي. الخبير الأمني العميد معاش حسن بيومي قال ل«الأهرام اليوم» إن وجود محطة إقليمية للموساد في جوبا يعتبر مهدداً حقيقياً أمنياً للشمال، وأشار إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية تركز الآن على دول محددة في المنطقة هي بالنسبة لها دول محورية وجنوب السودان جزء من تلك الدول. وقال بيومي إن المفاهيم الدفاعية والهجومية في علم المخابرات واسعة، فمثلاً مفهوم المخابرات أمني خارجي وهجومي وداخلي وقائي «دفاعي» وبينما يشمل الهجومي التجسس والتخريب وإحداث الفتنة والوقيعة والتشهير وإثارة النزاعات القبلية والصراعات الإثنية فإن علم المخابرات الدفاعي يحمي من ما ذكر سابقاً وهو يتصدى لها بواسطة العمل الوقائي. ولم يستبعد بيومي استهداف دول حوض النيل والتلاعب بملف المياه برمته في المنطقة، وقال إن عمل هذه المحطة يستهدف تفتيت السودان الشمالي لأن محورها يصل إلى دارفور.