قبل أيام تداولت مواقع تواصل اجتماعية وعلى الواتساب خبر انتحار أحد المواطنين، ونشرت مع الخبر أن المتوفى كان سبب انتحاره عدم تلبية طلبه من ديوان الزكاة بالكلاكلة لإيجاد مال يعالج به ابنته المريضة، وقد ظهر في مقطع تسجيل فيديو مُسجّل بواسطة بعض القنوات الفضائية متحدّث ذكر اسمه: محمد حسن دلّال إدريس بيّن أن المتوفى ابن عمته وأنه لم يراجع ديوان الزكاة وأنه مقتدر ويملك ثلاثة منازل وأن له قطعة أرض وأن ظروفه المادية حسنة، وكان المتوفى يعاني من اضطرابات نفسية وأنه يزور قريباً له بمنطقة الكلاكلة اللفة. وبيّن أنهم بصدد مقاضاة الصحف التي نشرت الخبر بتلك الحيثيات التي لا موقع لها من الصحة ولا يوجد مصدر خرجت منه - إلا كما وضّح بقوله - «سِتّات الشاي»!! قلتُ: مؤسف جداً أن يسهم كثيرون في نشر مثل هذه الشائعات دون أن يكون لديهم من التروي والأناة ما أوجبه ديننا في مثل هذه الأمور، ولا يستقيمون لتوجيهات الخالق سبحانه في قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين».. فما هو عذر من يعيد إرسال رسائل كهذه ويساعد في نشرها دون أن يتأكد من صحتها ودون أن يبذل جهداً في التبيّن والتثبّت من صدقها؟! ولا تخفى على مسلم خطورة نشر الشائعات والأكاذيب، خاصة ونحن نعيش في زمان أنعم الله تعالى علينا فيه بوسائل تقنية تساعد في سهولة التواصل وسرعة نشر المعلومات في لحظات قليلات، فهي »نعمة« استثمرها كثيرون في نشر الحق وكسب الحسنات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصلات الطيبة، فهي لهؤلاء »نعمة«، وإن أناساً آخرين سخّروها في نشر الباطل وكسب السيئات والأوزار والمساعدة بتساهلهم وتفريطهم في ترويج الأكاذيب والشائعات المفتريات، فكانت عليهم »نِقْمَة«. والمؤسف حقّاً أن يكون نشر الشائعات المكذوبات على مستوى الصحف اليومية، فتنشر الصحيفة ما يرد من معلومات مكذوبة في هاتف أحد موظفيها من الرسائل المجهولة المصدر دون أن تستوثق أو تقوم بأدنى واجبات الوظيفة الصحفية، وبدون تقيد بأبسط قواعد أخلاق المهنة. وقد كان في ما سبق مكانة وهيبة للأخبار التي تنشر على الصحف حتى أنها لتعدُّ مصادر موثوقة، ولكن في الفترة الأخيرة وجد ضعف نال بعض الصحف في جانب مهم من رسالتها ألا وهو نشر الأخبار الحقيقية وتمحيصها بعد التأكد منها، فما هذه المهازل؟! وأين قيادات التحرير في تلك الصحف المستهترة وغير المبالية؟! إنني أضم صوتي لصوت الأخ قريب المتوفى في تصعيد الأمر ومقاضاة الصحف التي تتساهل في نشر مثل هذه الأخبار بدافع الإثارة ولكسب زيادة مشترين لترويج بضاعتها، وقد سمّى صحيفة بعينها لها حضور في نشر الجرائم والأحداث في المجتمع لكنها باتت لا تهتم بصدق المعلومة حتى باتت بعض الصحف مضرب مثل في الأخبار «المضروبة»!! وأما أعضاء «المجموعات» في الواتساب وغيره من مواقع التواصل فإن عليهم أن يدركوا خطورة ما يتساهلون في نشره، مما يتسبّب في تبعات من السيئات والأوزار عليهم .. وما تضيع وتنسف به حسناتهم، خاصة الأخبار التي تتعلق بأشخاص معينين فإن حق المسلم عظيم، والافتراء عليه شأنه خطير، وهو حق مبني على المشاحة، يصعب على من ولغ أو وقع فيه السلامة من مغبته.. ولننشر التوعية في هذه القضية التي باتت مصدر زعزعة ومورداً لنشر الفتن والافتراء على خلق الله.. والموفق من وفقه الله.