قال المدير الهمام وهو يترأس اجتماعاً مهماً: «إعلموا أيها المعلمين والمعلمات، والآباء والأمهات، والتلامذ والتلميذات، أن الأمر يحتاج لحيلة ذكية إذا أردتم لمدرستم أن تتفوق مية المية». قالوا: «وما تلك الحيلة يا أستاذ عطية»؟ قال: «تعلمون أن بعض المدارس الألمعية التي تفوقت سلكت لها دريبات فليس كل ابنائها أو بناتها يمتحنون باسمها إن كانوا مبطلين أو مبلطات، وإنما الذين يقدمونهم للامتحان فقط هم الشاطرين والشاطرات»!! قالوا وكيف يحدث ذلك يا صاحب العطيات؟ وأين هي الأخلاق والمبادئ التربوية وما هي الغايات؟». برم عطية شاربه الطويل، وصرَّ جبينه وحاجبه الغزير واظهر بسمة صغيرة اعقبتها ضحكة مدوية كبيرة وقال: «هه.. مبادئ تربوية؟ .. سأحكي لكم احبابي قصة واقعية، فكما تعلمون أن لنا أبناءً في هذه المدرسة تعرفونهم، علمناهم منذ الصف الاول واحسنا تعليمهم وربيانهم، فتفوقوا وصاروا نجباء وكرمناهم، حتى إذا صعدوا للصف السادس والسابع سرقتهم بعض تلك المدارس الألمعية لتنجح هي بالتفوق الأجوف ونسبتهم إليها حينما أحرزوا المركز الأول»!! قال الحضور: «وهل التلميذ فلان ابننا الذي كان تفوق ونجح ايضاً في تلك المدرسة ورفع قدرها كمان؟» أجاب العطية: «نعم.. ونالت به (الألمعية) بنسبة عالية فتية، ولكن تعالوا شوفو الكذبة العبقرية، حيث ادعت تلك المدرسة أن نجاحها مية المية. قال الحضور بصوت واحد: «أسرع يا مديرنا.. أوضح احكي اين واخرج لنا تلك المحن». أجابهم الأستاذ عطية: «إن تلك المدرسة أخفت سوءاتها وتبرأت ممن «بلطوا» في حضرتها، وذلك بأن عدداً من ابنائها وبناتها حرمتهم من الامتحان باسمها، ولم تشرفهم برسمها، كان لم تعرفهم في بداياتها». وقبل أن يكمل عطية حديثه بكى.. ثم استخرج منديلاً له ومسح دموعه وبعدها اتكى.. وواصل قائلاً: «استغفر الله.. أيها الحضور.. بناتي وأبنائي لن اتخلى عنكم ولن أتبرأ منكم.. يا من معي منذ الصف الاول بدائم.. فانكم ثمرة جهدي وغرسي، فمن نجح منكم أو بلط فهو محط اهتمامي، وفي قناعتي ليس هناك تلميذ فاشل أو فاقد تربوي.. وما تفوق المدرسة إلا تلك التي تخرج كل بنيها مواطنين صالحين.. فقط عليكم أيها الأحباب أن تضعوا يدكم في يدي فلا يغرنكم من يتظاهرون بالتفوق ويتباهون.. وهم من يسرق عرق الآخرين.. وبغير غرسهم يتفخشرون».