«تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعنة البارود.. تطارد دولة جنوب السودان
نشر في الانتباهة يوم 15 - 12 - 2014

عقب انفصال دولة الجنوب تكهن محللون أن الدولة الوليدة سوف تواجهها العديد من العقبات.. التي ربما أنتجت أزمات مستعصية منذ البداية يدفع ثمنها المواطن الجنوبي. وأرجعوا السبب إلى تجذر ثقافة العنف في الإقليم المنفصل حديثاً وسيادتها كمفاهيم معقدة بجانب التركيبة الاثنية والقبلية للسكان أنفسهم. إذ ظلت المنطقة ولعشرات السنين لا صوت يعلو فيها فوق صوت البندقية منذ التمرد الأول بقيادة الانانيا منتصف خمسينيات القرن الماضي.
وعقب توقيع اتفاقية السلام الشامل لم تبد الأمور داخل جسم الحركة الشعبية على ما يرام، فقد تواصلت الخلافات داخل جسمها الذي انهكته الحرب، ويرى محللون أن اجتماعات رمبيك الشهيرة في عام 2005م التي عقدت لتقريب اتساع شقة الخلاف بين قرنق وسلفا كير كانت أحد أبرز تلك الصراعات المكتومة رغم محاولات لمها وعدم السماح بتفاقمها، وعد حينها قرنق بعض القيادات الشابة بالحركة الشعبية بإقصائه وتهميشه لآخرين من الحرس القديم أحد أهم أسبابها، ويذهب محللون إلى أنها أدت بدورها إلى تشكيل تيارات داخل الحركة الشعبية كحزب استمرت إلى ما بعد وفاة قرنق واختيار سلفا كير رئيساً للحركة لتتطور لاحقاً إلى صراع طويل ومعقد استند فيما بعد إلى خلفية ثقافة العنف السائد هناك.
بداية الصراع
وحال نظرنا إلى الأوضاع في دولة جنوب السودان قبل انفجارها لأدركنا أن الدولة الوليدة منذ انفصال الإقليم لم تشهد حالة استقرار، واستناداً إلى تلك الخلفية لم يكن من الصعب عودة رائحة البارود مرة أخرى، فبعد اغتيال رئيس الحركة الشعبية بصورة مفاجئة فوق جبال الاماتونج، مباشرة بدأت الخلافات تدب في جسم الحركة عندما خلف كير الراحل قرنق في قيادتها وبدأت الأمور أكثر تعقيدًا وربما حركت أطماع كير في الانفراد بالسلطة، وبدأ معاركه مع (أولاد قرنق) كما يسمون أنفسهم، ويرون أنهم أصحاب الحق في الكعكة بعد انفصال الإقليم ويعتقدون أن ذلك حق وجودهم في الحركة بالقرب من مؤسسها ويرون أنهم يمثلون القيادة التاريخية. إلا أن الرياح أتت بما لاتشتهي السفن، وهنا يرى محللون أن كير حاول منذ البداية التخلص من أبناء قرنق المدللين بإلصاق تهم الفساد المالي عليهم او هكذا حاول التخلص من باقان اموم وغيره..
وفي تطور لاحق، وقبيل اندلاع أحداث القصر الدامية التي فجرت الصراع قبل عام بدأ سلفا في ملاحقة أبناء قرنق وعندما انعقد اجتماع مجلس التحرير القومي خلال ديسمبر من العام الماضي بحضور الرئيس سلفا كير وكل قيادات الحركة الشعبية الموالية والمعارضة تم استثناء باقان أموم بعد أن تم منعه رسمياً من الدخول وعندما خاطب سلفا الجلسة انتهز الفرصة وحذر ما أسماهم مجموعة (الفتنة) مشيراً إلى أنها لا تخدم سوى مصالحها الخاصة بعيداً عن مصالح الأمة وطالب الالتزام بالمؤسسية وممارسة النشاط السياسي داخل الحزب، وتعمد سلفا حينها استعراض تقرير لجنة التحقيق مع باقان وتم عرضه ليستمع إليه المجلس وبعد نقاش مستفيض وافق المجلس على إبقائه في الحزب مع تجريده من كل المناصب التي كان يشغلها، وحسب مراقبون كانت تلك الخطوة الأولى في طريق سلكه كير للتخلص من مجموعة (أبناء قرنق).
الخلاف مع مشار
ما مكن من مدعاة انفجار الأوضاع في الجنوب تماماً محاولات كير الامساك بزمام كل خيوط السلطة والاستحواذ عليها منفرداً، عندما أعلن حل مؤسسات حزبه، وقبل اجتماع مجلس التحرير بشهر واحد بدت الأوضاع في دولة الجنوب تتبدل ووجه حينها مشار في بيان أصدره انتقادًا لاذعاً لكير اعتبر فيها خطوته بحل مؤسسات الحركة الشعبية خرقاً للدستور ولوائح الحركة واتهمه بالتآمر وطالبه بتقديم استقالته.
وعندما عقد مجلس التحرير أعلن مشار انسحابه من بقية جلساته عقب انتهاء الجلسة الرئيسة وقال إن سلفا لا يريد الالتزام بمعايير الديمقراطية في الحوار، وفي صبيحة اليوم التالي أصدرت مجموعة (التيار الديمقراطي التقدمي) دخل حزب الحركة الشعبية الحاكم، بياناً وصفت فيه ما تمر به الحركة كحزب سياسي يعتبر منعطفاً خطيراً وكارثياً بسبب توجهات رئيسه سلفا كير واتهمته بإجهاض برنامج المنظومة الثورية التقدمية وتغييب مشروع السودان الجديد بوصفه إطار فكري للبناء السياسي.
وعلى أرض الميدان شهد مساء اليوم التالي لاجتماع التحرير تفجر الصراع وانطلقت الشرارة التي أشعلتها حول مباني القصر الجمهوري بين مجموعة من الحرس الرئاسي تنتمي إلى قبيلة الدينكا وبين مجموعة أخرى من قبيلة النوير وأشارت التقديرات الأولية حينها إلى ما يفوق ال 300 قتيل من الطرفين، وعقد الرئيس سلفا كير ظهر ذات اليوم مؤتمراً صحفياً أشار خلاله إلى إحباط مخطط انقلابي واتهم مجموعة مشار بالوقوف وراء المحاولة.
وفي الواقع فقد توجهت أصابع سلفا مباشرة إلى اتهام كل من مشار، مجاك اقوت، ربيكا قرنق، دينق الور، باقان اموم وتعبان دينق في تلك الأحداث الدموية بمعاونة محور خارجي وبدت في تلك الأجواء الصورة ضبابية بعض الشيء وتضاربت الإفادات حول الاعتقالات والاختفاءات وسط المجموعة التي اتهمها سلفا واحتمى حينها بعضها بسفارات أجنبية بجوبا.
الأمر الذي لم يرض مجموعة أخرى لها ثقلها القبلي أيضاً وهم النوير، قبيلة مشار الذي ظل ينادي بأنه يرغب في تطبيق فيدرالية تستوعب ثقافات الجنوب وتحوي التعددية العرقية والدينية في الجنوب وهو القائل في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية (إذا ما أراد كير أن يتفاوض على شروط تنحيه عن السلطة فنحن موافقون لكن عليه أن يرحل). ما يعني أن الباب مغلقاً أمام نجاح أي فرص للتفاوض في إطار تقاسم السلطة، ملوحاً بسيادة لغة البندقية لحسم الصراع في الجنوب. وهنا يشير الواقع الراهن إلى صعوبة رصف أي أرضية للحوار أو التفاوض.. وتعميماً يرى محللون أن النوير بقيادة مشار هم الأقرب لقيادة التغيير المنشود فيما يخص قضايا الوطن رغم أن المجموعة لا تحظى بعلاقات وسند دوليين على الأقل في الوقت الراهن إلا أنها تحظى بقبول داخلي كبير وسط العديد من القبائل وهو الأهم ما يعتبر مؤشر نجاح حال أصبح البديل في إطار أي تغييرات في مفاصل الدولة مع الوضع في الاعتبار أن المجموعات القبلية الصغيرة ربما أصبحت داعماً حقيقياً للتغيير. وسرعان ما استطاع مشار كسب بعض أبناء دينكا بحر الغزال ودينكا بور وعلى رأسهم أرملة الراحل قرنق نفسه وابنه مبيور الذي يمثل الآن الناطق الرسمي لمجموعة مشار المعارضة.
زعامة (واندينق)
ويقف مشار على أرضية تدعمها القبلية وتسندها اعتقادات أخرى من بينها بالطبع اعتقاد قديم وراسخ لدى النوير ثاني أكبر قبيلة هناك وهنا يزعم البعض أن ما عرف بنبوة (واندينق) أحد سلاطين الكجور عند قبيلة النوير في طريقها للتحقق بدولة الجنوب، وتقول تلك النبوءة أن (القائد الجنوبي الذي سيأتي بالسلام سيمكث في الحكم أياماً بقدر سنوات حربه في الغابة وسوف يستلم منه الحكم أحد أقربائه وسيحكم فترة من الزمن سيعقبه أحد أبناء النوير، ومن صفاته أن هنالك حول في عينيه ويستخدم يده اليسرى (احول واشول)، ويعتقد مراقبون أن الهمس والجهر حول أمر تلك النبؤة التي تبناها مشار نفسه أربكت هي الأخرى حسابات الرئيس سلفا كير الذي يؤمن بمثل تلك النبؤات وأخذ يتحسس موقع قدمية، وحاول كثيراً قطع الطريق أمام خصمه، إذ أن الرجل بطبيعة حاله، لمن يعرفه، دائم الحذر، لا سيما وأن مواصفات تلك الأسطورة تنطبق تماماً على صفات مشار.
جيوش أجنبية
وبينما يتحصن سلفا كير في مواجهة خصمه الشرس بقوته المستمدة من موقعه في السلطة ومن القوات الأجنبية التي تقف إلى جانبه وعلى رأسها بالطبع الجيش اليوغندي وحركات دارفور المتمردة، العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان بجناحيها، جناح عبد الواحد وجناح مناوي، بالإضافة إلى قطاع الشمال.. وبينما حاولت حركات دارفور التظاهر بالتزامها جانب الحياد تجاه الصراع في بدايته لم تظهر الميل نحو أحد الطرفين ربما لأنها تريد كسب من يفوز بالرهان لتضمن بقائها في الجنوب ولذلك مارست إطلاق تصريحات أكثر دبلوماسية تؤكد فيها وقوفها على بعد مسافة واحدة من طرفي الصراع إلا أنها ظلت تذكر أن سلفا كير هو الداعم الرئيس لها بالمال والسلاح وأنه حليف كمبالا التي تأوي قادة تلك الحركات ورفاقهم وعليه فإن خسارة هذا الطرف تعني فقدان الدعم وفقدان الملاذ والمأوى الآمن لها. وربما أراد سلفا استرداد الدين عندما لم يرفض دعم قوات حركات دارفور المتمردة. إلا أنه لا يستطيع المجاهرة بذلك، ربما لحساسية الأمر مع الخرطوم التي تحاول الوقوف بحياد من طرفي الصراع ربما لحماية مصالح مشتركة من بينها النفط والالتزام بحماية الحدود المشتركة بين الدولتين وفوق ذلك كله تطمع الخرطوم في تعاون كير بطرد حركات دارفور المتمردة من أراضيه.
تحالفات قبلية
وبينما يخوض خصم سلفا الأول قواته استنادًا إلى التحالفات القبلية معتمداً على شدة رجال النوير القتالية. استطاع مشار بقوته التي استمدها من تحالفات قبلية واسعة أن يثبت في الميدان بقوة وأن يرهب خصمه في ذات الوقت.. وفي السياق لم يتردد لوكا بيونق في وصف الصراع الدائر الآن في بلاده بالصراع السياسي حول الإصلاح الداخلي في الحزب والدولة وقال إن سلفا كير كان بإمكانه قيادة شعب جنوب السودان نحو الاستقرار إلا أن الصراع حول السلطة أفسد تطور الدولة ووصف مجموعة رياك مشار بتيار الإصلاح، ويرى بيونق أن الخرطوم لم تتدخل في الصراع ربما مراعاة لمصالحها ضف إلى أن بعض القادة انسلخوا من الجيش الشعبي وتبنوا مواقف داعمة لمشار ما يشير إلى الالتفاف المتعاظم حوله مع الوضع في الاعتبار أن تطورات ملف الصراع نفسه خلقت تحالفات جديدة لمعارضي الرئيس مع احتمالية حدوث انشقاقات داخل الحزب الحاكم وعلى أرض الواقع يمكننا تقديم مجموعات أخرى داخل الحلبة حسب خريطة الصراع في الجنوب وهي مجموعة قبائل الإستوائية التي تقف في منتصف الطريق، وعلى أرض الوقع تبدو غير قادرة على حسم موقفها بعد، بيد أنها تحاول التقدم أكثر والظفر بمواقع قيادية في الحكومة وربما مواقع قوة داخل صفوف الجيش نفسه..
أطماع موسفيني
ومن جانب آخر يمثل تدخل الجيش الاوغندي في الصراع الدائر الآن في دولة جنوب السودان لصالح الحكومة أمراً بالغ التعقيد إذ يمدد الصراع نفسه ليكسبه بعدًا إقليمياً.. فعقب انفجار الأزمة في الجنوب مباشرة وفي بداية يناير من العام الماضي زار موسفيني جوبا في مهمة تبدو رسمية إلا أن ما بدأ كان غير ذلك إذ أن الزيارة لم يتم الإعلان عنها.. وربما دعم عدم التقاط أجهزة التصوير الخاصة بعشرات الوكالات الإعلامية المحلية والإقليمية والدولية التي تضج بها مدينة جوبا صوراً توثيقية لتلك الزيارة يؤكد ذلك المنحى، ولاحقاً لجأت بعض وسائل الإعلام إلى القول إن الزيارة كانت سرية، وكشفت بعض أجندتها أن الرجل كان يحمل خمسة محاور صاغتها الولايات المتحدة لاجتماعات أديس، إلا أن الدلائل ومعطيات الواقع تشير إلى أن الولايات المتحدة لم تكن في حاجة إلى حضور «موسفيني» إلى جوبا لفرض إملاءات على «سلفاكير».. مما جعل الأمر مدعاة للتساؤل ماذا كان الرجل يحمل في حقيبته الخلفية؟ مراقبون أكدوا أن تلك الخطوات من قبل «موسفيني» كانت مدفوعة القيمة، ووصفوا يوغندا بأنها الآن المسرح الخلفي للعديد من أجهزة المخابرات العالمية، وأرجعوا السبب إلى وقوعها في عمق الحزام الاستخباري الدولي الذي درج حسب محللين على التلاعب بأنظمة دول المنطقة بما فيها اوغندا نفسها ودولة الجنوب بالطبع.
وحسب تقارير أصدرتها مراكز دراسات إستراتيجية فإن مسؤولين سابقين عملوا في جهاز «الموساد» الإسرائيلي هم الآن نشطاء في دول بوسط وشرق أفريقيا ومن بينهم كبير موظفي حكومة «نتنياهو» الذي زعمت نشرة المخابرات التنفيذية، وهي نشرة محدودة التوزيع تصدر في الولايات المتحدة الامريكية، أن الرجل يعمل مستشاراً لدولة أفريقية مجاورة لدولة جنوب السودان ويظهر علانية مع رئيسها في العديد من المناسبات. ولم تكن تلك المواصفات بعيدة عن موسفيني. وفق تلك المعطيات يمكننا تصنيف أجندة الرجل في جوبا، وربما لم يستطع موسفيني إخفاء بعض منها والتي من بينها تحقيق حلمه القديم بضم الجنوب إلى الاتحاد الكونفدرالي لدول المنطقة الذي ظل ينادي به.
وفي منحى آخر سبق أن أشارت صحيفة (الاندبندنت) البريطانية في تقرير لها أن الرئيس موسفيني نشر قواته بدولة الجنوب منذ 22 ديسمبر العام 2013 أي بعد سبعة أيام فقط من اندلاع القتال في جوبا بين القوات الموالية للرئيس سلفا كير ونائبه السابق الدكتور رياك مشار، ورفضت المعارضة والحكومة في اوغندا تدخل جيشها في الجنوب. وقال رئيس الوزراء اليوغندى أماما مبابازي حينها في بيان له إن قوات الدفاع الشعبي اليوغندية هرعت إلى دولة الجنوب من أجل حماية مواطنيها، قالت جهات إن قوات الدفاع الشعبي اليوغندية تدخلت هنالك من أجل مهمة مقدسة تتلخص في منع الوضع من التدهور حتى لا يتحول الصراع وإبادة جماعية كما حدث في رواندا. إلا أن (الاندبندنت) أشارت حينها إلى أن البرلمان اليوغندي صوت بالإجماع من أجل إرسال القوات لإجلاء المواطنين اليوغنديين إلا انه إنساق بشدة حول ميول الرئيس موسفيني في دعم نظام سلفا كير وكان رأي المعارضة الاوغندية إن المعارضة ترى أن ينحصر دور القوات في إجلاء المواطنين الاوغنديين فقط. وأشارت إلى أنها تريد أن تكون العملية العسكرية فقط لإجلاء المدنيين وأن تستمر لمدة شهر واحد منذ بداية تأريخ إرسالها وأكدت بقولها «نحن لا نريد أن يدعم جنودنا نظام حكم يمكن أن ينهار من تلقاء نفسه، كما يجب علينا أن نعرف الوقت الذي تستغرقه عملية الإجلاء وكمية المال التي تم صرفها».
مغامرات يوغندية
ويعترف خبراء غربيون أن يوغندا ستجني فوائد عديدة من هذا التدخل منها الشهرة والهيبة على الصعيد الإقليمي والدولي، ضف إلى أن مغامرات الجيش اليوغندي جعلت موسفيني حليفاً إستراتيجياً للولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد الإرهاب الأمر الذي أكسبه المزيد من تدفق العملات الصعبة، ويعتقد أن جزءاً مقدراً من ميزانية الدفاع في يوغندا مصدرها شركاء دوليين إلا أنه يرجح في حالة جنوب السودان فإن الفوائد لن تظهر على المدى القريب خاصة أن صقور في إدارة أوباما ممن يملكون مفاتيح خزائن موسفيني العسكرية يفضلون الحل السلمي على الحرب. ويعتقد مراقبون أن تجربة إرسال قوات إلى بلد دون تفويض واضح المعالم ربما أضرت بالوضع.
إلا أنه بالطبع يوجد من يعارض حظر تدفق السلاح على الجنوب، وتتشابك هنا خطوط المصالح الخاصة وصراع اللوبيات المعقدة حول ملف السلاح المتدفق إلى دولة الجنوب، ففي ذات السياق أكد دبلوماسيون غربيون أن الولايات المتحدة الأمريكية ترفض حظر أسلحة على دولة جنوب السودان، بينما يؤيد ذلك أعضاء المجلس الأوروبي وأستراليا ودول أخرى بمجلس الأمن.
وحسب وكالة رويترز فقد أوضح الدبلوماسيون أن الجهود التي تبذل في المجلس لفرض عقوبات على الأطراف المتحاربة في جنوب السودان وصلت إلى طريق مسدود بسبب خلاف بشأن إن كان يجب أن تشمل حظراً على الأسلحة، والسبب في تردد الولايات المتحدة هو الخوف من إمكانية أن يضر حظر الأسلحة الحكومة بصورة غير مباشرة.
السلام وشيك
وبينما يقر مؤيدو حظر الأسلحة أن وجهة النظر الأمريكية سبب وجيه للقلق، ذكر دبلوماسي بارز أن روسيا والصين ستعارضان على الأرجح فرض حظر على التسلح رغم أنهما أعلنتا في تصريحات غير رسمية أنهما لا تعارضان فرض العقوبات.
وأرسل جنوب السودان وفداً إلى واشنطن ونيويورك هذا الشهر للاجتماع بوفود المجلس لحشد تأييد ضد العقوبات، حسبرويترز فقد ذكر وزير الخارجية برنابا بنجامين في واشنطن الأسبوع الماضي أن الحديث حول ما يتردد بأن عملية السلام لم تحقق تقدماً غير دقيق، وأن السلام وشيك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.