في تقديري المتواضع حقاً، أنه يتعين أن تكون لدينا جميعاً قناعة يقينية بأن استضافتنا وتنظيمنا للمهرجان الثقافي العربي الأفريقي الأول ليس مجرد »تظاهرة« محضورة، ينتهي أثرها بانتهاء فعالياته، ولذلك لا بد من الآن أن ندرس بعناية أولويات الأهداف التي نرجو أن نلتف حولها بعزم وإرادة كي ننكب على وضع الخطة السياسية الإستراتيجية لتنفيذها، وأن نرفع تلك الأهداف مرفقة بالخطة إلى قادة الدول الإفريقية والعربية الذين يملكون سلطة اتخاذ القرارت السياسية اللازمة بشأن ترجمتها إلى إنجازات واقعية تمهد الطريق لإعادة وحدة جنوب وشمال قارتنا الفتية. ومما يدعو للاطمئنان إلى أننا قيادة، وحكومة وشعباً سنكون إن شاء الله - في مستوى تحديات الحدث الكبير، ما أكده مساعد الرئيس العميد ركن/ عبد الرحمن الصادق المهدي عند ترؤسه لأول اجتماع للجنة التحضيرية للمهرجان، على أن المهرجان الذي سيقام خلال عامي« 2015و2016» سيكون تجسيداً لقيم الوحدة والانسجام بين مكونات الشعوب الفكرية والثقافية مما يعزز أهمية التواصل بين الشعوب العربية والأفريقية في ظل التحديات الحالية، وقال إن المهرجان سيكون تحت رعاية رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير، وقد ناقش الاجتماع ما يقدمه المهرجان من تنمية للبلاد وخدمة لقضايا الحوار والسلام والتنمية بحضور رئيس مجلس الشباب العربي الإفريقي وعدد من الوزراء والمتخصصين في مجال الثقافة وسفراء بعض الدول العربية والافريقية. وأضاف يسعدني ويشرفني حضور فعاليات هذا المهرجان المهم والأفكار المهمة من أصحاب المصلحة للمهرجان الثقافي العربي الإفريقي العربي الأول، والمنعقد بشراكة ذكية بين وزارة الثقافة ومجلس الشباب العربي الإفريقي. وهنا أزجي التحية للوزير الطيب حسن بدوي وبمشاركة فاعلة من الإخوة في جامعة الدول العربية السيد يوسف الكاظم والاتحاد الإفريقي كجسر لتوحيد الشعوب العربية والإفريقية وتجسيداً للدور الطليعي للسودان في ترسيخ العلاقات العربية والإفريقية. شعار المهرجان: الثقافة العربية في خدمة قضايا الحوار والتنمية وأن العمل سيكون تحت شعار الثقافة العربية في خدمة قضايا الحوار والسلام والتنمية، ونحن أحوج ما نكون لإنجاح أهداف هذا المهرجان وتحقيق شعاره، فبالثقافة المتنوعة التي تزخر بها الشعوب الإفريقية والعربية وتلاقحها وفتح باب الحوار والتفاعل الفكري نستطيع ترسيخ قيم التعاون والمشاركة والإخوة، تجسيداً لقيم الوحدة والانسجام بين مكونات الشعوب الفكرية والثقافية، مما يعزز أهمية التواصل بين الهيئات العربية والإفريقية في ظل التحديات الحالية، فالثقافة يمكن أن تكون العنصر الأساس المنشود لخلق السلام واستدامة واستمرار التنمية. ولم تعرف الإنسانية مجتمعاً خالياً من الهوية الثقافية، فهنالك التلاقح الفكري والحوار في مجمل هذه المهرجانات، وتقرب المسافات بين الأفكار وتثري الحوار وتعرف بالآخر. فالإنسان المعاصر يواجه تجاذباً بين هويته الثقافية ويعبر عنها الدين واللغة والعادات والفنون والتقاليد، وبين تطلعات أوجدتها الحداثة والحضارة العصرية تنشر التنمية والحكم القائم على المشاركة والمساءلة والشفافية وسيادة حكم القانون والعدل الاجتماعي وتنشد العالمية، كما صارت الإنسانية تتطلع لاحترام التنوع الثقافي البشري الخلاق، واحترام الهويات الثقافية والاعتراف بالتعددية حلا محل الأحادية الثقافية، وهذا يوجب تأقلماً ذهنياً لفرص قبول الآخر والتعايش معه. الدين مكون مهم للثقافة، فهو ضرورة نفسية واجتماعية، فقد قامت الأديان بدور مهم في بناء الضمير الإنساني وفي الأخلاق وفي تكوين الثقافات والحضارات، ولكن في بعض الأحيان اقترن الدين بالتعصب، والمطلب الصحيح ليس طرد الدين من الحياة والسياسة فهذا مستحيل ما دمنا مؤمنين به، ولكن فصل الدين من التعصب والعدوانية ونفي الآخر، وقد حاول البعض نفي الدين من الحياة لصالح التعايش مع الآخر، وحاول البعض الآخر الحفاظ على الدين مع الإطاحة بالعلاقة مع الآخر، ولكن الصحيح أن نحافظ على الدين مع المحافظة على العلاقة بالآخر في كل المجالات لا سيما الثقافية. حياة الإنسان متطورة اقتصادياً وسياسياً، وبعض العقائد تكرس نظماً مستعصية على التطور منكفئة، فالعولمة تمثل خطوة في سبيل التطور الإنساني، ولكن طفت عليها ألوان ذاتية بسبب الهيمنة الأمريكية. وتمثل العولمة هجوماً على الخصوصيات الثقافية في كل المجتمعات والبلدان، فعلنياً تمثل هذه الشراكات تطويع كل تلك التجارب والاستفادة من إيجابياتها ومواجهة السلبيات حفاظاً على مصلحة الشعوب الإفريقية والعربية، إن هذا المهرجان العربي الإفريقي الأول منوط به مخاطبة كل تلك التعقيدات والبحث عن حلول، ونسعد بانضمام عدد من العلماء والفنانين والمبدعين الذين نثق فيهم بإعداد الخطط وإبرام الجداول الزمنية للتنفيذ، وقد تميزتم بمعارف وتجارب وخبرات معلومة تركت أثار الفنون والثقافة الوطنية، ونراهن عليه للتوصل إلى نتائج نرتضيها جميعاً من هذا المهرجان الأول من نوعه في الوطن، وقد يكون أنموذجاً في المنطقة، وفي الختام أبلغكم تحيات السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير وتمنياته لكم بالتوفيق والسداد ودعمه لمجهوداتكم في خدمة قضايا الحوار والسلام والتنمية بين الشعوب العربية والإفريقية. ------------