في حواره الساخن، تحدث النائب البرلماني والقيادي البارز بالمؤتمر الوطني محمد الحسن الأمين حديثاً لا تنقصه الصراحة ولا الوضوح حول قضايا مهمة جداً، فقال إن لجنة التعديلات الدستورية قطعت شوطاً كبيراً في أعمالها، ذاكراً بأنها ستُحال في الأسبوع الأول من يناير القادم لإجازتها قبيل العاشر من ذات الشهر، وقال إنها ايضاً تتضمن وثيقتي الدوحة وسلام الشرق إلى جانب مشروع قانون محاكم الشرطة وتعديلات تعيين الولاة وقانون الأراضي.. ثم تحدث باستفاضة عن استيلاء شركة «كمون» على أموال طائلة دون وجه حق شرعي، ووصف نشاطها بالطفيلي.. كما وصف بعض الصحافيين بالكذب.. والانتفاع، وطالبهم بالتحرك لنصرة الحق على الباطل مستعيناً بالحديث الشريف: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت». أنا «شخصياً» لم يحدث أن التقيت بالنائب البرلماني ولا بالسيد مدير شركة كمون من قبل.. ولا علاقة لي من بعيد ولا من قريب بشركة «مطارات السودان القابضة» ولا بمديرها.. ولا بالطيران المدني، وظللت أسافر عبر المطار ذهاباً وإياباً ولم أتشرف بدخول صالة كبار الزوار هذه منذ سنين، ولكن بحكم مهنتي واحترافي للعمل الصحفي أتوصل للمعلومات بطريقتي الخاصة، ومتابعاتي والمعارف والزملاء والأصدقاء وقليل من «كبار» الزوار بمختلف مشاربهم.. مثلما لي من الحس الصحفي ما يجعلني أتابع موضوعاً أو أتوقف عنه.. وقد توقفت أمام سؤال للنائب البرلماني حول مخالفات شركة كومون في مطار الخرطوم، وكان رده على ما يبدو هو «مربط الفرس»، عندما حكى عن تاريخ تأسيس الطيران المدني منذ عام 1944م واتفاقية شيكاغو والتزام السودان بها قبل الاستقلال وعن سمعة هيئة الطيران المدني، وقال «نحن قمنا بناء على التوجيهات بفصل الجسم المشغِّل عن النشاط الخدمي، فأصبحت هناك سلطة منفصلة، بحيث يمكن أن تكون هناك شركات أو أجهزة حكومية مثل شركة مطار الخرطوم وأية شركة أخرى تباشر نشاطها مباشرة «لا أن تجيب» شركة أخرى تشتغل «من تحتها».. وقال إن هذا هو الخطأ الإستراتيجي للشركات التي حددناها لتتحرك كشركة وتقدم خدماتها بمرونة.. إلا أنها «بكل أسف» أقدمت على استخدام شركات أخرى.. ومن ثم ذهبت هذه «الأخرى لاستخدام «أخرى» فرعية.. ثم أضاف في حديثه الخطير، أن المواطن هنا هو الخسران بإضافة عبء مالي إضافي بعدم الالتزام بالقوانين التي وضعناها، والعقود وأن هنالك شركات تقوم بمنح عقود مباشرة وتقوم بالخدمة دون المرور بالإجراءات الحكومية، وقال «عندنا لائحة اسمها «لائحة المشتريات» في وزارة المالية، ولم تتم مراعاة كل هذا ولا تطبيقه، وأضاف قائلاً في حواره «أنا أعلم أن شركة كومون للحلول المتكاملة لم يتم اختيارها وفقاً لهذه الإجراءات، وأنها زادت الرسوم المفروضة علماً بأن هذه الرسوم محددة «بصورة مطردة»، وأي تعديل لها يتطلب سلسلة من الإجراءات، ولا أعتقد أنه تم اتباعها في هذا الشأن، «لأن المسألة أصبحت ما فيها التزام بالقوانين». وقال أن الصحافيين المفترض أن يعرفوا كغيرهم أن النائب شخصية دستورية لها اعتبارها، وقال إنه بحكم موقعه ومهمته يصدر القوانين ويتابعها حتى التنفيذ، فكيف تطغى على ذلك قوانين ولوائح الشركات، ذاكراً موقف كمون عندما منعته الوقوف في باحة المطار، وإن كان ذلك قبل سنة أو سنتين، وقال إنه لا يعترف بكمون ولا بموظفها، بل ولا يعتبر أن هذه الشركة نالت العقد بطرق شرعية، ذاكراً بأنه يتحدث من منطلق قانوني.. وقال في حواره إن الصالات الثلاث التي تديرها شركة كمون هذه وهي «صالة كنانة».. و«صالة سوداتل» و«صالة دال»، كانت تدار بإجراء بسيط جداً والآن تحولت إلى مصدر دخل «فظيع» وتأخذ من موظفي الحكومة، وقد خفضنا من موظفي الحكومة «30%» من المبلغ المحدد لهم إلا أن كمون تأخذ «702 جنيه»، هذا مع «17%» من القيمة المضافة وهي مضمنة ومبينة مع القيمة الأصلية، وقد سبق أن ذكرنا في القانون الذي تمت إجازته للعام 2010م أن الشخص غير المنتمي للحكومة يدفع «400 جنيه» في صالة كبار الزوار، ومن ينتمي لجهة حكومية يدفع «250 جنيهاً»، ولا يتم تعديل ذلك القانون إلا بإجراءات رسمية. وقال إنه لا توجد أية رقابة على المال الذي يؤخذ، وقال إنهم يقولون إنه في شهر واحد مرّ على الصالة الوزارية (982 راكباً) وبمبلغ وقدره (109 ملايين)!! .. وفي هذه الفقرة علق أحد «الخبثاء» قائلاً: بأن هذا معناه أن «هنالك من يستفيد من فشل المفاوضات الخارجية وكثرة السفريات الرسمية من المقيمين هنا أيضاً».. كنت أتوقع من بعض الصحافيين أن يتعمقوا ويسبروا غور الموضوع ليبحثوا أيضاً عن «ظهر» كمون هذه، وعن مؤسسيها، إن كانوا مستثمرين «عاديين» أم هم من الأسماء «ذات الإيقاع» التي تستطيع أن تكسر الأقلام أو تكمم الأفواه أو تملأ الجيوب وتصلح «الظروف». ونتوقع وقبل أن تنتهي فترة البرلمان الحالية، أن يمثل السيد وزير الدفاع بعد جمع المعلومات الكافية والوافية والشافية عن هذا الموضوع.. على أمل أن نعود قريباً للمواصلة.