درجت حكومة البحر الأحر على إقامة مهرجان سنوي للسياحة والتسوق منذ أن تسلم مقاليد الحكم فيها السيد محمد طاهر أيلا، ويبدو أن خبرة «أيلا» في هذا القطاع والتي استمدها من خلال تقلده في سني الانقاذ الأولى منصب وزير البيئة والسياحة، هي التي هيأت لحكومة البحر الأحمر للتوسع في الخدمات المصاحبة للسياحة حتى أصبح هذا المهرجان عملاً سنوياً يقام عاماً بعد آخر. ولا نود بهذه الكلمات الانتقاص من الجهد الذي بذله أيلا ومعاونوه من الوزراء والمعتمدون حتى غدت «بورتسودان» مدينة سياحية من الدرجة الأولى، فقد أخذ الوالي على نفسه بشدة وهو ينجز البنيات التحتية التي يحتاجها قطاع السياحة وتم في هذا الإطار غربلة الواقع المزري في سوق المدينة الرئيس وتمت إزالة الأكشاك القديمة وتم تعبيد الطرق الداخلية ورصفها، كما أنجزت الحكومة الولائية مشروع «الكورنيش» على ساحل البحر الأحمر، وتوسعت الخدمات الفندقية حتى بلغت المستويات العالمية وهكذا أضحت «بورتسودان» مدينة سياحية من الدرجة الأولى وتحرص حكومتها في الشتاء من كل عام على إقامة مهرجان سنوي للسياحة والتسوق حتى بلغ عدد هذه المهرجانات ثمانية بالتمام والكمال، ولم نسمع أن الحكومة الولائية قد تعثرت خلال السنوات الثماني الفائتة من المضي في هذا النشاط والذي لا يتعدى في محيطه الجغرافي مدينة «بورتسودان» والسبب ببساطة هو أن بقية أنحاء الولاية بما فيها المدن الرئيسية مثل «طوكر» و«قرورة» و«أوسيف» و«سواكن» تظهر الوجه الآخر لهذه الولاية التعيسة فكل هذه المدن تعيش في واقع بائس نتيجة للتعقيدات التي تواجه تنفيذ المشاريع التنموية ذات الصلة بالقطاع الخدمي كالصحة والمياه والكهرباء، ونعلم أن ولاية البحر الأحمر في هذا البؤس ليست باستثناء من جاراتها اللائي يرزحن تحت وطأة بؤس أبدي بسبب اهتمام الولاة بحاضرة الولاية على حساب القرى والأرياف. وقد أفرز هذا الانحياز لعواصم الولايات على حساب الريف المسكين مجموعة من المنتفعين في بلاط السلطان الولائي، حتى غدت أولويات التنمية تذهب لتجميل الشوارع وإنشاء المزيد من الحدائق والمتنزهات في الوقت الذي يعاني فيه سكان الريف من إتساع دائرة «الدرن» في أوساطهم وتفتقر بعض المناطق إلى الخدمات الضرورية للصحة، وبعضها الآخر يعاني من عدم وجود مياه صالحة لشرب الإنسان. كل هذا البؤس والحكومة الولائية تتهيأ لاستقبال مهرجان الشتاء!!؟.