في هذا الحوار تناول الشيخ عبدالجليل النذير الكاروري إمام مسجد الشهيد بالخرطوم جملة من القضايا الفقهية التي حظيت بكثير من الجدل الفقهي، إلى جانب جملة من القضايا الإسلامية المعاصرة، حيث تطرق في الحوار الذي أجرته معه «الإنتباهة» إلى قضية ظهور سيدنا عيسى وعصمة الأنبياء وما أثاره الدكتور حسن الترابي مؤخراً عن الحدود، وهو الحديث الذي أشار فيه إلى أنه لا حدود في الشريعة الإسلامية فإلى تفاصيل الحوار: حوار: آمال الفحل: تصوير: محمد الفاتح كيف تقرأ أفكار النيّل أبوقرون فيما يتعلق بما ذكره حول سيدنا موسى؟ أنا لم أقرأ أفكار النيل أبوقرون ولكني سمعت بها وجميعها ضلالات، فهذا الشيخ أصابته فتنة، فهو مفتون، سواء كان حديثه عن أبي بكر وحديثه عن موسى، الأنبياء جميعهم من شجرة واحدة من إبراهيم وإسماعيل «إن الله اصطفى آدم ونوحاً وإبراهيم وآل عمران على العالمين» فهذه شجرة النسب وما من سبيل أن يكون هنالك نبي سوداني، وأنا أتّهم الذين يروِّجون إلى ذلك ويروجون إلى إسرائيل كأنها كما وصلت إلى الفرات تريد أن تصل إلى النيل، ويريدون أن يجعلوا هذا المكان الذي فيه مسجدنا هو مكان لقاء موسى بالخضر، وبالتالي إسرائيل تبحث عن هذه الأماكن، وهذا ليس ضلالاً فكريًا بل عمالة لمن يمارسها بفرشة ثقافية لغزوة يهودية يمكن أن تحصل كما حدثت من اليهود وإسرائيل في حرب العراق. ماذا تقول عمن يتطاول على الصحابة في أفكار يزعم أنها تجديد؟ لا يمكن أبداً التطاول على الصحابة، فهذا أمر منكر ولا يصح أبداً. الدستور الإسلامي وقضية تطبيق الشريعة الإسلامية؟ ليس من سبيل أن يتجاوز أي حاكم في السودان تطبيق الشريعة الإسلامية حتى إذا جاء عن طريق انقلاب أو انتفاضة، فالشريعة ثبتت تماماً ويكفي أن أهل الانتفاضة أرادوا أن يُلقوا بها في مزبلة التاريخ وسموها قوانين سبتمبر وهي لم تتغير حتى «الآن»، والسبب انها خيار الشعب السوداني، وبالتالي لابد لهم من التسليم، والآن أحزاب الشمال في نقاش هل الشريعة وحدها هي مصدر التشريع أم يوجد معها ما كان موجوداً في قانون عام 2005.. هذا هو النقاش، ولا يستطيع أحد أن يقول مثل هذا الحديث حتى الأستاذ محمد إبراهيم نقد ولا يمكن أن يُحكم السودان بدون الشريعة الإسلامية وأصبحت الشريعة الإسلامية من ثوابت السودان. المشكلات والقضايا التي تواجه تطبيق الشريعة الإسلامية في رأيك الآن ما هي؟ المشكلات.. بعض الناس «يغلوا فيها وبعض منهم يشفوا» عنها، وإذا أخذنا الإسلام باعتباره عدالة في التوزيع وعدالة في الفرص وخدمات للناس مثلاً الصيغة التركية في النهضة الإسلامية نريدها أن تقدم ولا تقدم الحدود الإسلامية بمعنى أنه لم نعن الناس على المعيشة ونريد أن نقيم عليهم الحدود ونريد أن نقيم إسلام العدالة والمشكلات هي في الذين يأخذون الإسلام بطرق ودائماً الأخذ ببعض الدين غير الأخذ ببعض الدواء كما قال تعالى «أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض» فالإسلام شريعة ونظام حياة. إذن كيف يمكن معالجة مثل هذه المشكلات والقضايا؟ نعم هذه المشكلات يمكن معالجتها بطرح شامل للإسلام وسعي لكي نرحم الناس ونعينهم ونخدمهم ونحثهم على طاعة الله، وهذا الآن منهج أوردغان، حكم تركيا ليس بالقوة ولا الغلبة بل حكمهم بالحكمة، وبدأ من محليات حتى وصل إلى ثقل الشعب، ونحن نرجو ما دمنا قد حكمنا السودان عشرين عاماً أن نجتهد في خدمته لكي ننال حب الناس وليحبوا الله ونحجبهم عن الشرور بتقديم الخدمة حتى إذا إردنا أن نحجزهم عن السرقة لابد أن نقدم لهم الطعام وهذا من واجب الحاكم ولا يمكن للحاكم أن يجوِّع الناس ثم يقطع أيديهم، ولابد أن يُشبعهم ثم من بعد ذلك يقوم بمعاقبة من يعتدي فالأولية في تقديم الخدمة وليس في إقامة الحد. إلى أي مدى ترى الخطاب السياسي في السودان مطابقاً للشريعة الإسلامية؟ الخطاب السياسي مطابق للشريعة إلى حد كبير، كما ذكرت حتى الذين يتفلتون عنهم هم الذين لهم تاريخ مع الإسلام وأصبحوا متسامحين مع الناس لكن غير ذلك حتى الحزب الشيوعي لا يعلن أنه ضد الشريعة الإسلامية. هناك حديث عن فساد بعض الوزراء أو الحكام ماذا تقول في ذلك في إطار الحديث عن دولة الشريعة؟ لا يوجد حديث عن فساد الوزراء والحكام، ويوجد حديث عن فساد في الخدمة المدنية، وهذا يعلن كل عام في تقرير المراجع العام، وتوجد متابعات له من المجلس الوطني والنائب العام ويوجد استرداد للأموال بنسبة لكن لا يوجد اتهام للسياسيين الحاكمين بأن لهم حسابات في سويسرا، والحديث الذي قيل عن الرئيس ونائبه حديث غير صحيح، وإذا كان صحيحًا لأثبت ذلك، وإذا كانت القيادة السياسية لها فساد مالي كما حدث في تونس ومصر لحدثت انتفاضة لكن هذا لم يحدث حتى أن نقد جاء الميدان ولم يجد أحداً. وإذا أراد الشباب ذلك لنصروه لكن البشير وعلي عثمان نائب الرئيس هما محل رضا الشعب، وإذا كانت القيادة لديها فساد لكانت مغضوبًا عليها. والآن أقول إنه يوجد فساد في الخدمة المدنية بنسبة ولكن لا يوجد فساد في القيادة السياسية. انفصال الجنوب هل هو خصم على الشريعة الإسلامية، وأين ذلك من منظور الفقه؟ صحيح أنه خصم على الشريعة الإسلامية لأنه يعطي مفهوم أن الشريعة لا تحكم إلا بلدًا كله خالص للمسلمين، والشريعة يمكن أن تعدل بين الناس وأديان مختلفة وبالتالي الوصول لشمال بدون جنوب باعتبار أنا نريد مدينة فاضلة في الخرطوم، وأنا أقول إن المدينة الفاضلة هي مدينة الرسول وليست مدينة أفلاطون، المدينة الفاضلة تحتمل الملل والنحل. أين ذلك من منظور الفقه؟ الفقه بمعنى أن الإسلام له قدرة عدلية يمكن أن يعدل بين الملل والنحل والمواطن غير المجيب لمحمد «صلى الله عليه وسلم» في ذمتنا أن ندعوه ونحثه على الإسلام وهذا كان متاحًا لأن الجنوبيين عندما جاءوا إلى الشمال تحدثوا بالعربية وسمعوا الأذان ولبسوا ملابسنا فهم يريدون قليلاً من الصبر حتى يكسبوا العقيدة الإسلامية ونحن الآن خسرناهم برجوعهم للجنوب، لأنهم الآن سوف يرجعون إلى الفتنة، ولا توجد أي حكمة لفصل الجنوب لكي نعمل نقاء عرقيًا ودينيًا، ونحن عندما نقول ذلك نريد من المناطق التي لها مشكلات أن لا تفعل مثل ما حدث في الجنوب لأنهم لا يسعدون ولا نسعد نحن بفراقهم، نحن لا نريد أن نجعل الخرطوم محطة عربية إسلامية خالصة هذا مفهوم ليس من مبادئنا منذ أن كتبنا أمان السودان، وأمان السودان هو مشروعنا الإسلامي المكتوب على غرار دستور الدولة المدنية في عهد الرسول «صلى الله عليه وسلم»، نحن فكرنا بقيام دولة مدنية تحكمها الشريعة الإسلامية تقوم على النحل والملل هذه هي دولتنا. هيئة علماء السودان هل ترى لها دوراً بائناً في القضايا التي تتعلق بمصير الأمة وحياة الناس في الشريعة؟ إذا لم يكن هناك تعبير سياسي وحزبي كان يمكن الناس من خلال الهيئة يمارسون العمل السياسي لكن ما دام عندنا حزب وحاكم في تقديري ليس من الممكن أن نعبر سياسياً من خلال الهيئة، ومن الأحسن للهيئة أن تعبِّر تعبيرًا علميًا وهذا مفيد، وليس من المفيد أن نحول الهيئة إلى منبر سياسي، لكن المفيد أن تقدم لنا الهيئة نصيحة علمية لأن العلماء هم السادة الحكام أنفسهم. ما هو تعليقك حول انتشار ظاهرة المخدرات وسط الشباب بأسعار رخيصة؟ نظرية المؤامرة تصح حتى الآن، فالسعودية بالرغم من وجود الشريعة والرفاهية يوجد أيضاً فيها هجوم من المخدرات الكيمائية، والسودان أيضاً تعرض لتآمر عليه بالزراعة والحصار الخارجي، وهناك أيضاً يوجد تقبل من الشباب لأنه يوجد فراغ عند الخريجين ولا يوجد جهاد لكي يستقبل الخريجين ولا توجد وظائف كما قال الشاعر إن الشباب والفراغ مفسد للمرء.. ففي التقرير الطلابي أن العدد الذي يتعاطى المخدرات يمكن أن يصل إلى 7% أنا وجدت أن هذا العدد هو الذي لا يصلي، يوجد تقرير أن عدد المصلين وسط الشباب أكثر من 90% إذاً لابد من تعميم الصلاة بإنشأء المساجد فالذي يتعاطى المخدرات يريد أن يهرب لكنه إذا وجد الهروب إلى الله فهو المنشود، وقد جاء محمد والناس يشربون الخمر خمس مرات فأبدلهم خمس صلوات في كل يوم، ولابد من الدعوة إلى نشر المصاحف ورفع الأذان والآن عندما جاء شهر رمضان الكريم انشغل الشباب بالتراويح والصيام. كيف يمكن أن يكون للشباب دور في المجتمع على النحو المطلوب؟ الشباب في ذمة المعلمين والحكومة ولابد من توظيفهم وتزويجهم وشغلهم بالعزائم وحثهم على الجهاد وتوفير مكان للترفيه والترويح المباح وتوظيف طاقتهم وقدرتهم وأن أكثر من 45% من سكان السودان شباب ويجب توظيفهم بالشيء المعنوي والمادي لنبني بهم السودان وهم ليسوا عالة على الوطن بل هم قوة ودرع له. كيف يمكن أن يتفاعل الشباب مع قضايا النصر والجهاد والدفاع عن السودان في ظل الظروف الحالية؟ هذا ما حدث ولسنا محتاجين للكيف، فعندما جاءت الحرب والشباب كانوا موجودين وجميع الشهداء من فئة الشباب وعندنا تجربة في ذلك.