اختطاف ومن ثم عودة طفلة حي الدناقلة ببحري،الصغيرة «وئام» بعد أكثر من سبعة أيام من فقدها، وبالملابسات الكثيرة التي صاحبت هذة العملية منذ بدايتها وحتى نهايتها، لهو أمر محيِّر دفع بالعديد من التساؤلات إلى رأس الغالبية من أسر المجتمع العاصمي، ذلك أنه وبرغم الفرحة التي طغت على ما عداها من مشاعر بعودة الصغيرة أولاً إلى أسرتها ثم سلامتها بعد ذلك من أي شيء كما أثبتت الفحوصات الطبية لاحقاً، كل ذلك كان دافعاً للفرح لكل من تابع مأساة الاختطاف مع أسرتها، غير أن الطريقة التي تم بها الاختطاف وملابسات عودة رفقائها الذين كانوا معها ومن ثم ظهور الطفلة من بعد ذلك وبالصورة التي وجدت عليها «حليقة الرأس والحاجبين» كل هذا لا بدّ وأن له دلالاته التي يجب أن تتعمق الجهات المسؤولة وعلى رأسها الأجهزة الشرطية في بحثها ودراستها، خاصة وأن الأمر كله يبدو مرتباً وبتخطيط دقيق وليس وليد تحركات عشوائية للخاطفين، ولا أقول الخاطفة، فالأمر لا يبدو أنه من فعل شخص واحد بل هو تكامل عمل جماعي منظم وليس أدلّ على ذلك من أن أحدًا في الحي لم يلحظ شيئاً حتى افتقدت الأم الأطفال الثلاثة وهو عدد لا يمكن اختطافه بسهولة كالطفل الواحد ومن ثم أدرك الجميع، الجيران وصاحب الدكان المجاور ورواد المسجد القريب أن الأطفال قد اختفوا؟؟ وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على براعة من قام بالتنفيذ وسرعة تحركاته، وبالإضافة لذلك فإن هناك نوعاً من الغرابة في ظهور الطفلين الآخرين دون «وئام» فما السبب الذي عجل بنجاتهما؟؟ ومن بعد السبب الذي دفع بالخاطفين إلى إطلاق سراحها بعد أن غيروا ملامحها وهو ما أكسبهم نقاط إضافية من التنظيم والذكاء خاصة وأن هناك أطفالاً آخرين في البيت الذي كانت مختطفة فيه كما ذكرت الطفلة، فلماذا هي فقط من تخوّف الخاطفون من بقائها وما هو مصير الأطفال الآخرين ومن أي الولايات هم؟ فالواضح أنهم لا يشكلون مصدر خوف لأن لا أحد يبحث عنهم،ربما ؟؟ كذلك فإن ظهور الطفلة في المنطقة التي وجدت بها بعد أن أطلقها الخاطفون يدل على أن المكان الذي احتجزت فيه قريب منها فلا يعقل أن تستطيع ابنة الأربعة أعوام أن تسير مسافات طويلة دون أن تبدو عليها علامات التعب والإعياء، فهل ياترى قامت الشرطة بجهودها من أجل الكشف عن مخبأ الخاطفين وأن فعلت فماذا وجدت؟؟ كل هذة التساؤلات وأكثر منها أصبح يدور في رؤوس الأسر المرتعبة بل وحتى الأطفال الصغار الذين أصبح إدراكهم لمثل هذة الأمور أكبر بكثير من أعمارهم بعد أن أصبحت من صميم واقع مخيف يحيط بنا من كل مكان فلقد أنبت الخوف للجميع صغارًا وكبارًا قرون استشعار خفية، عطلت فيما عطلت الكثير من سماحة مجتمعنا وأدت لضياع كثير من القيم التي تربى عليها جيلنا والأجيال السابقة، ولكنها أصبحت ضرورة ولازمة حياتية لسلامة أطفالنا نقول ذلك ونحن على ثقة من مقدرة الأجهزة الشرطية على فك غموض هذة القضية، ولكن الذي نرجوه هو أن يطلع الشارع على تفاصيلها ومعرفة مستجداتها، خاصة وأن هناك أطفالاً آخرين ما يزالون مع الخاطفين، وخاصة وأن «وئام» وأخويها قد ظهرا إن صح التعبير برغبة ممن اختطفوهم، سواء أكان ذلك بدافع الخوف أو حرصاً على عدم افتضاح أمر الأطفال الآخرين، فإن الأمر برمته يبدو مريباً ويدعو إلى التساؤل ..!! أن الوضع وبمستجداته التي طرأت على الشارع السوداني بل والعاصمي على وجه التحديد، يدفع إلى ضرورة التفكير في إيجاد سبل أخرى لمعالجة التراكمات السالبة التي أفرزتها كثير من المتغيرات في مجتمعنا، وكثير من تداعيات الانفتاح على العالم الذي انتقل إلى شوارعنا بل وبيوتنا دون استئذان فانتقلت إلينا كل أدوائه وعلله بالضرورة. نحن بحاجة أكبر لتفعيل حسِّنا الأمني ومراقبة شوارعنا وأحيائنا بحس عالٍ من الانتماء حرصاً على بعضنا البعض، وأذكر في هذا الصدد قصة حدثت العام الماضي في الحي الذي يجاور حيي ولا يفصلنا سوى شارع، حيث ارتابت صديقة لي وهي إحدى ساكنات الحي وتدير روضة للأطفال وكانت تقوم بعملية توصيلهم بعد نهاية اليوم الدراسي ارتابت في عربة «أتوز» حمراء ظلت تجوب شوارع الحي وتصادفها في أكثر من شارع من شوارع الحي الضيِّقة في وقت القيلولة ما بين الثانية عشرة والواحدة ظهرًا، وبرغم هذا الارتياب وبمنطق الطيبة والسماحة السودانية لم تعر الأمر اهتماماً كبيرًا وأقنعت نفسها بأن الأمر لا يعدو كونه شخصاً يبحث عن منزل ما؟ وقبل مغيب شمس ذلك اليوم أنجت العناية الإلهية أحد أطفال الحي من عملية اختطاف بواسطة ذات السيارة بعد أن فاجأ أحدهم الخاطف ساعة تنفيذ جريمته فلم يكن منه سوى أن ابتعد مسرعاً بسيارته تاركاً الطفل وراءه. ومنذ ذلك التاريخ ومراقبة الشوارع والسيارات أصبحت عادة لصديقتي قبل أن تنزل أي طفل أمام منزله. نعم، نحن بحاجة لدور مجتمعي فاعل ليس لمراقبة شوارعنا وبيوتنا فقط بل وأيضاً لاسترجاع قيمنا التي سرقت منا تحت دعاوى الحضارة والتقدُّم، بحاجة للمزيد من الانتماء لبعضنا حتى تعود الحياة آمنة كما السابق. ثم من بعد هذا ومن قبله بحاجة أكبر لتواجد أمني من قبل الأجهزة الشرطية ليس بعد أن يقع المحذور بل من قبل ذلك بالدراسات والبحوث العلمية والعملية والمتابعة الدقيقة لكل الأماكن المشبوهة، وبتفعيل القانون وجعله رادعاً بحيث يتردد أصحاب النفوس الضعيفة آلاف المرات قبل الإقدام علي أي شيء